وسط تقارب الأرقام في استطلاعات الرأي بين المرشحة الديموقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري دونالد ترامب الذي اشترط اعترافه بنتيجة الانتخابات فقط إذا كانت “عادلة”، ستعيش الولايات المتحدة الأميركية حالة من عدم اليقين بشأن الوضع الداخلي الذي اهتز عام 2020 عندما حاصر مناصرو ترامب مبنى “الكابيتول” رفضاً لما اعتبروه “تلاعباً” بالانتخابات. في هذه الأثناء، يعيش العالم حالة ترقب لمعرفة توجه السياسات الخارجية الأميركية في السنوات الأربع المقبلة، ولعل أكثر من يعتريه القلق هو الاتحاد الأوروبي الذي يتخوف من سياسات ترامب القاسية تجاه أصدقاء دولته وحلفائها، حتى من ضمن حلف “الناتو”، ومن بعد الأوروبيين يأتي الشرق الأوسط ثانياً بالقلق، بحيث يستغل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو انشغال الادارة الأميركية بانتخاباتها، لترتيب بيته الداخلي، فأقال وزير دفاعه يوآف غالانت فيما تقول وسائل إعلام اسرائيلية انه يسعى أيضاً خلف رئيس أركان الجيش الاسرائيلي هرتسي هاليفي، الذي عارضه مع غالانت، في العديد من المراحل.
وبينما ينتظر لبنان أيضاً نتائج الانتخابات الأميركية، علّ إدارة أميركية جديدة تستطيع الضغط على تل أبيب بشأن الحرب وتطلق مفاوضات لوقف النار، اعتبر رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط أن كل الادارة في أميركا لا تساوي شيئا أمام نتنياهو، متوجساً من أن يكون التدمير الممنهج لجنوب لبنان هدفه إعادة إحياء المشروع القديم لترحيل شيعة لبنان إلى العراق.
الميدان
ميدانياً، استهدفت غارة اسرائيلية بلدة برجا في إقليم الخروب مرة جديدة، وطالت شقة سكنية بالقرب من “ثانوية كمال جنبلاط” في البلدة، وأشارت المعلومات الأولية الى سقوط عدد كبير من الضحايا والجرحى.
وكانت الغارات تواصلت على الجنوب والبقاع حيث تم استهداف سيارة على طريق طليا – حورتعلا بقاعاً ما أدى الى مقتل 5 أشخاص، واستهدفت غارتان شقة سكنية بالقرب من “مجمع المصطفى” في الجية، وأفيد عن سقوط 7 جرحى.
كما سجلت غارات على كفرا والشهابية وتول وعيناتا ومحيط مدينة صور والشبريحا والمنطقة بين بلدتي عيتيت ووادي جيلو وطيردبا وعيتيت وعنقون ودير الزهراني. واستهدف الطيران الحربي الاسرائيلي مبنى على طريق مدخل مستشفى الشيخ راغب حرب في تول.
وأفيد عن غارة على محل تجاري في جويا، وعلى منطقة كفرجوز في النبطية، وأخرى على أطراف بلدة البازورية، تسببت في وقوع إصابات. وتم انتشال 12 ضحية من وطى الخيام ومغادرة جميع فرق الإسعاف و”اليونيفيل” المكان.
في المقابل، أعلن “حزب الله” أن مقاتليه استهدفوا تجمعاً لقوات الجيش الاسرائيلي في ثكنة دوفيف بصلية صاروخية، وتجمعاً آخر في موقع الرمثا في تلال كفرشوبا بصليةٍ من الصواريخ النوعية، وثكنة معاليه غولاني برشقة صواريخ، وعن قصف مصنع مواد متفجرة في الخضيرة جنوب مدينة حيفا برشقة صواريخ نوعية. وكشف أن عناصره استهدفوا ليل الاثنين – الثلاثاء تجمعاً لقوات جيش العدو الأسرائيلي عند الأطراف الجنوبية الغربية لبلدة مارون الراس بصليةٍ صاروخية.
الانتخابات الأميركية
الى ذلك، فتحت مراكز الاقتراع في جميع الولايات الأميركية أبوابها صباح الثلاثاء لاستقبال الناخبين للإدلاء بأصواتهم واختيار رئيسهم المقبل. وحتى اللحظات الأخيرة كانت استطلاعات الرأي تشير إلى أن السباق لا يزال متقارباً للغاية بين هاريس وترامب بشكل لا يمكن التكهن بنتيجته، وتوقعات بأن تستغرق معرفة الفائز في هذا السباق عدة أيام.
وستقرر سبع ولايات متأرجحة نتيجة هذا السباق ما لم تحدث مفاجأة، وهي: ميشيغان وأريزونا وجورجيا ونيفادا وكارولاينا الشمالية وبنسلفانيا وويسكونسن. وأشارت استطلاعات الرأي إلى تعادل حظوظ المرشحين في جميع الولايات المتأرجحة مع تقدُّم طفيف لترامب في أريزونا وكارولاينا الشمالية وبنسلفانيا ونيفادا، وتقدُّم لهاريس في ميشيغان وويسكونسن وجورجيا. وأوضح المسؤولون أن بعض الولايات، مثل بنسلفانيا وويسكونسن، لم يُسمح له بعدِّ بطاقات الاقتراع الغيابية والبريدية حتى يوم الانتخابات، وهو ما قد يؤدي إلى إبطاء عمليات الفرز، وتأخر إعلان النتائج.
نتنياهو يقيل غالانت
ووسط انشغال الادارة الأميركية بالانتخابات، أقال رئيس الوزراء الاسرائيلي وزير الدفاع في حكومته. وقال نتنياهو إن هناك خلافات كثيرة ظهرت بينه وبين غالانت في ما يتعلق بإدارة الحرب.
وأضاف في بيان: “للأسف، على الرغم من أنه في الأشهر الأولى من الحرب كانت هناك ثقة، وكان هناك عمل مثمر للغاية، فإن هذه الثقة تصدّعت بيني وبين وزير الدفاع خلال الأشهر الأخيرة”.
وأشار نتنياهو إلى أن غالانت اتخذ قرارات، وأصدر تصريحات تتناقض مع قرارات مجلس الوزراء، وأن معظم أعضاء الحكومة يتّفق معه في القرار الذي اتخذه.
من جانبه، قال غالانت، في منشور مقتضب على منصة “إكس” تعقيباً على قرار إقالته: “أمن دولة إسرائيل كان وسيظل دائماً غايتي”.
وعيّن نتنياهو وزير الخارجية يسرائيل كاتس خلفاً لغالانت، بينما سيتولى جدعون ساعر، الذي كان وزيراً في الحكومة من دون حقيبة، منصب وزير الخارجية.
جنبلاط يتخوف من تهجير الشيعة
أما داخلياً فاعتبر جنبلاط أنّ “كل الادارة الاميركية أمام نتنياهو لا تساوي شيئاً، ولا نأمل تغييراً في السياسة الأميركية. ما حصل في غزة قام على رد فعل، ولكن لا شيء يبرر إبادتها”.
وعمّا إذا كان يخشى اقتطاع إسرائيل مساحة من الجنوب، رأى جنبلاط أنّه “ليس اقتطاعاً. في الوقت الحاضر هناك تدمير ممنهج للجنوب. كلما تقدم الاسرائيلي ودخل أي قرية، سيدمرها ويمحوها من الوجود، لأن هناك مشروعاً قديماً جديداً من أيام الانتداب الفرنسي قبل أن تولد إسرائيل، لترحيل شيعة لبنان من جبل عامل إلى العراق؛ ولا تزال هذه الأفكار قائمة”.