لندن – “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعدته غابرييل ستينهاوسر وجونيو وانغ وتيموتي مارتن قالوا فيه إن التحول الأمريكي من الحرب في أوكرانيا يثير مخاوف حلفاء أمريكا في آسيا. فقد أثار تسرع إدارة ترامب باتجاه فتح محادثات السلام مع روسيا لوقف الحرب في أوكرانيا، قلق بعض المسؤولين في آسيا وأثار مخاوف بشأن التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة.
ففي وقت سابق من هذا الشهر، وفي تحول كبير في السياسة الخارجية الأمريكية جاء بعد مكالمة بين الرئيس ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وافقت الإدارة مع موسكو على فتح محادثات سلام مباشرة. ولم تشارك أوكرانيا التي اعتمدت بشكل كبير على الدعم العسكري والمالي الأمريكي لمحاربة غزو موسكو، كطرف في المحادثات الأمريكية – الروسية الأولية.
كما تم استبعاد جيران أوكرانيا الأوروبيين، الذين قد يتأثر أمنهم بشكل مباشر بأي تسوية أمريكية مع روسيا. وقد تردد صدى التحولات المتسارعة بين حلفاء الولايات المتحدة في آسيا.
أعرب مسؤولون من تايوان والفلبين واليابان وكوريا الجنوبية، الذين يعتمدون على الولايات المتحدة في دفاعهم، عن ثقتهم في أن واشنطن ستقف إلى جانبهم في حالة وقوع عدوان من الصين أو كوريا الشمالية
وفي تصريحاتهم العلنية، أعرب مسؤولون من تايوان والفلبين واليابان وكوريا الجنوبية، الذين يعتمدون على الولايات المتحدة في دفاعهم، عن ثقتهم في أن واشنطن ستقف إلى جانبهم في حالة وقوع عدوان من الصين أو كوريا الشمالية. ووقعت الولايات المتحدة اتفاقيات دفاع متبادلة مع اليابان والفلبين وكوريا الجنوبية، وكجزء من اتفاقية أوسع نطاقا، مع تايلاند.
وفي أحاديثهم الخاصة، أعرب بعض المسؤولين عن قلقهم من أن ترامب قد يسعى إلى نوع من المساومة مع الزعيم الصيني شي جين بينغ بشأن الأراضي المتنازع عليها في آسيا أو السماح ببقاء البرنامج النووي لكوريا الشمالية كتهديد. وأشار مسؤولون من حلفاء أمريكا في المنطقة إلى تعليقات وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغيسث والتي أكد فيها على التزام أمريكا بمواجهة بيجين. واقترح فيها أن الانسحاب الأمريكي من أوروبا هو ضروري لتخصيص المزيد من الوقت والمصادر لآسيا. وفي لقائه مع وزراء في حلف الناتو، قال وزير الدفاع الأمريكي: “تعطي الولايات المتحدة أولوية لمنع الحرب مع الصين في منطقة الباسيفيك وتعترف بواقع عدم توفر الموارد وتجري مقايضات لضمان عدم فشل الردع”.
وفي الأيام التي أعقبت تأكيده، تحدث هيغسيث ومسؤولون آخرون في الإدارة، بمن فيهم وزير الخارجية ماركو روبيو، مع نظرائهم في آسيا قبل أن يتصلوا بحلفاء رئيسيين في أوروبا.
وقد رحب ترامب في البيت الأبيض برئيسي وزراء الهند، التي تشترك في حدود متنازع عليها مع الصين، واليابان، حيث يوجد للولايات المتحدة ما يقرب من 60,000 جندي هناك. وقال جوزيف وو، رئيس مجلس الأمن القومي التايواني، في منتدى أمني رفيع المستوى في تايبيه يوم الخميس: “إن دعم إدارة ترامب لتايوان سيظل قويا جدا”. وأشار وو إلى أن المناصب الأمنية الوطنية الرئيسية في البيت الأبيض يشغلها مؤيدون لتايوان منذ فترة طويلة.
وبناء على الاتفاق القديم، فالولايات المتحدة ملتزمة بتقديم الدعم العسكري لتايوان. وتزعم الصين أن الجزيرة التي تحكم نفسها تابعة للأرض الصينية. وزادت المناورات العسكرية الصينية في السنوات الأخيرة من مخاوف سيطرتها بالقوة على الجزيرة.
الولايات المتحدة ملتزمة بتقديم الدعم العسكري لتايوان. وتزعم الصين أن الجزيرة التي تحكم نفسها تابعة للأرض الصينية
وعبر وزير الخارجية الفلبيني إنريك مانالو عن تفاؤله من تواصل الدعم الأمريكي، وذلك أثناء مشاركته في مؤتمر الأمن الذي انعقد في ميونيخ هذا الشهر، وقال: “أعتقد أن الرسالة هي أن التزام الولايات المتحدة لا يزال قويا وأن التحالف الأمريكي- الفلبيني قوي”.
وقد تحدت مانيلا إلى جانب دول أخرى في جنوب شرق آسيا مزاعم الصين في بحر الصين الجنوبي والذي يعد من أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم، وربطت أمنها بشكل وثيق بالولايات المتحدة.
وتجري الفلبين وبشكل دوري تدريبات عسكرية مشتركة وسمحت للقوات الأمريكية باستخدام المزيد من القواعد العسكرية، حيث ينفق البنتاغون عشرات الملايين من الدولارات على بناء مدارج أكبر ومستودعات جديدة وتخزين الوقود والثكنات.
وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، عزز وزير الخارجية آنذاك مايك بومبيو التزام واشنطن بمعاهدة الدفاع المتبادل لعام 1951 بين البلدين. وطالما اشتبكت قوات خفر السواحل وميليشيات الصيد الصيني مع القوارب والمقاتلات الفليبينية، وكان آخرها في يوم الثلاثاء، عندما حلقت مروحية صينية مسافة لا تبعد إلا 10 أقدام عن مقاتلة صغيرة تحمل عناصر من خفر السواحل في الفلبين وبرفقة عدد من الصحافيين. وأدانت الولايات المتحدة الحادث فوق جزيرة سكاربورو، وهي شعاب مرجانية استولت عليها الصين في عام 2012. وسرعان ما شارك خفر السواحل الفلبيني البيان على وسائل التواصل الاجتماعي.
وكما هو الحال مع بوتين، أكد ترامب أكثر من مرة على علاقته الشخصية القوية مع شي وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.
وفي ولايته الأولى التقى ترامب مع كيم ثلاث مرات في اجتماعات مباشرة في عامي 2018 و2019 أدت إلى وقف مؤقت للاختبارات الرئيسية للأسلحة في بيونغ يانغ لكنها لم تدفع كوريا الشمالية إلى نزع السلاح النووي. وقد انتقد كيم احتمالات إحياء المحادثات. وفي وقت سابق من هذا الشهر، تعهدت وزارة الخارجية الكورية الشمالية بمواصلة تعزيز قوتها النووية، ووصفت جهود الولايات المتحدة لنزع السلاح بأنها “خطة عفا عليها الزمن وسخيفة”.
وتريد سيول أن تظل منخرطة في دبلوماسية ترامب – كيم المستقبلية بشأن نزع السلاح المحتمل، لكن المسؤولين الكوريين الجنوبيين يعترفون بأنه قد يتم تهميشهم. وقال وزير الخارجية الكوري الجنوبي تشو تاي يول مؤخرا: “يتعين علينا أن نكون جاهزين لأي سيناريوهات يمكننا تخيلها في التعامل مع التهديد الأمني من الشمال وأجزاء أخرى من المنطقة”. وفي الوقت نفسه أكد على “عدم وجود شكوك” حاليا بشأن التزام أمريكا بأمن بلاده.
وتعد كوريا الجنوبية مكانا لأكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الخارج ويتمركز فيها حوالي 28,500 عنصر وجندي أمريكي. وأي تخفيض لعدد الجنود قد يسرع الدعوات داخل البلاد لبدء برنامج نووي محلي. وتحاول دول آسيا المتحالفة مع أمريكا فهم والتعامل مع خطط إدارة ترامب لزيادة التعرفات الجمركية، وقد تضررت العديد منها، بما فيها تايلاند وفيتنام، بسبب تجميد الإدارة للمساعدات الخارجية. ووصف ترامب كوريا الجنوبية بأنها “آلة نقود” وقال إنه يريد أن تتحمل سيول جزءا أكبر من التكاليف العسكرية المشتركة لوجود القوات الأمريكية. واتهم تايوان بأخذ أعمال أشباه الموصلات الأمريكية، وهو الادعاء الذي نفاه وو، رئيس مجلس الأمن القومي، يوم الخميس.