ميونخ- “القدس العربي”:
في أول تعليق له، قال رئيس وزراء بافاريا، ماركوس زودر بأن الحادث الذي أوقع 28 جريحا في مدينة ميونيخ ربما كان ليصيب أعداد أكبر لولا يقظة الأمن، مضيفا بأنه “ربما كان هذا هجومًا، ونحن نتابع التحقيقات عن كثب”.
من جانبه، أكد المستشار الألماني أولاف شولتس أن مرتكب الحادث “لن يحظى بأي تساهل”، مضيفًا: “يجب أن يُحاسب على أفعاله ويتم ترحيله من البلاد فورًا”. بحسب ما نشرت مجلة شبيغل الألمانية.
وشهدت مدينة ميونيخ، الخميس، حادث دهس خطير خلال مظاهرة لنقابة “فيردي” العمالية، حيث اقتحمت سيارة مسرعة الحشد، مما أدى إلى إصابة 28 شخصًا، بينهم حالات حرجة. ومع استعداد المدينة لاستضافة مؤتمر ميونيخ للأمن، أعاد الحادث المخاوف الأمنية إلى الواجهة.
سيارة تقتحم المظاهرة وتصدم المتظاهرين
وقع الحادث عند الساعة 10:30 صباحًا، عندما اندفعت سيارة من نوع “ميني كوبر” بيضاء نحو مظاهرة لنقابة “فيردي” العمالية، التي كانت تتحرك في شارع زيدلشتراسه وسط ميونيخ. وبحسب شهود عيان، فإن السيارة اقتربت في البداية من مركبات الشرطة المتوقفة على جانب الطريق، ثم زادت سرعتها بشكل مفاجئ واصطدمت بالمشاركين.
وقال أحد الشهود: “كنت أراقب من نافذة أحد المباني القريبة، ورأيت السيارة تندفع بسرعة مخترقة الحشد، بينما كان بعض الأشخاص يحاولون الهروب”. وأكدت شاهدة أخرى أنها رأت السيارة تسرع نحو الناس وتصدم عدة أشخاص قبل أن تتوقف.
أما نقابة “فيردي”، فقد عبر زعيمها فرانك فيرنكي عن صدمته بالحادث، لكنه أشار إلى أنه ليس لديه تفاصيل إضافية حتى الآن. كما تم تعليق الإضراب الذي كان ينظمه المتظاهرون، في حين فرضت الشرطة طوقًا أمنيًا واسعًا حول موقع الحادث، وأرسلت طائرات مسيرة لمراقبة المنطقة.
تدخل أمني سريع لمنع كارثة أكبر
تحركت الشرطة بسرعة للتعامل مع الموقف، حيث أطلقت النار على السيارة لإيقافها قبل أن تتمكن من القبض على السائق، الذي تبين أنه شاب أفغاني يبلغ من العمر 24 عامًا. وأوضحت السلطات أنه نُقل إلى المستشفى لفحصه طبيًا، ثم اقتيد إلى مركز الشرطة لاستجوابه.
وأكد وزير الداخلية في ولاية بافاريا، يواخيم هيرمان، أن “التدخل السريع لقوات الأمن حال دون وقوع إصابات أكثر”، مشيدًا بجهود الشرطة في السيطرة على الموقف ومنع تفاقم الخسائر البشرية.
توقيت حساس: الهجوم يسبق مؤتمر ميونيخ للأمن
يأتي هذا الحادث في وقت حساس للغاية، حيث تستعد ميونيخ لاستضافة مؤتمر أمني عالمي، من المتوقع أن يحضره نائب الرئيس الأمريكي جيه.دي فانس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وقد أثارت الواقعة مخاوف أمنية متزايدة، خاصة أنها حدثت على بُعد نحو 1.5 كيلومتر فقط من موقع انعقاد المؤتمر.
ورغم ذلك، أكد وزير داخلية بافاريا أنه لا يوجد حتى الآن دليل على وجود صلة مباشرة بين الحادث والمؤتمر الأمني، مشيرًا إلى أن السلطات لا تزال تحقق في دوافع السائق.
خلفية المنفذ: طالب لجوء رفضت ألمانيا ترحيله
وفقًا لصحيفة بيلد الألمانية، فإن السائق، ويدعى فرهاد ن، وُلد في كابول عام 2001، ووصل إلى ألمانيا عام 2016 طالبًا اللجوء. إلا أن طلبه قوبل بالرفض، لكنه حصل لاحقًا على “إقامة مؤقتة” حالت دون ترحيله. وتفيد مصادر أمنية بأن فرهاد كان قد نشر منشورات تحمل طابعًا متطرفًا قبل تنفيذ الحادث، وهو ما دفع السلطات إلى التعامل معه كـ”هجوم محتمل”.
بينما تواصل السلطات تحقيقاتها، لا تزال هناك تساؤلات كثيرة حول دوافع المنفذ وما إذا كان يعمل بمفرده أو ضمن شبكة أوسع. وقد تولت النيابة العامة في ميونيخ القضية، وسط تشديد أمني ملحوظ في جميع أنحاء المدينة استعدادًا للمؤتمر الأمني.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه ألمانيا تعاني من تداعيات هجمات سابقة، يضع هذا الحادث الوضع الأمني في البلاد تحت دائرة الضوء، قبل أيام قليلة فقط من الانتخابات العامة.