الجيش السوداني يصد هجوماً واسعاً على الفاشر، ومواجهات بأم درمان، والبرهان يحيي صمود الفاشر، ويؤكد المضي بالتقدم في كل محاور الحرب.
تجددت مساء أمس الخميس على نحو متزامن المعارك والمواجهات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" على محوري دارفور والعاصمة الخرطوم الساخنين، إذ شنت "الدعم السريع" في وقت متأخر من مساء الخميس هجوماً واسعاً وصف بالأعنف على مدينة الفاشر خلال الأسابيع الماضية، في وقت دارت اشتباكات عنيفة بين الطرفين في منطقة الصالحة جنوب غربي مدينة أم درمان.
هجوم واسع
وأعلنت قيادة الفرقة السادسة - مشاة الفاشر أن قواتها صدت هجوماً واسعاً على المحورين الشمالي والشرقي للمدينة، وتمكنت من أسر قائدين ميدانيين وقتل وإصابة عشرات من "الدعم السريع"، التي ذكرت في المقابل أن قواتها تقدمت بثبات نحو عمق مدينة الفاشر واستولت على أكثر من موقع استراتيجي داخلها.
وفي وقت سابق أمس قالت الفرقة السادسة - مشاة للجيش بالفاشر إن قواتها والقوات المساندة لها "تمكنت من صد هجوم عنيف للدعم السريع بتسلل من المحور الجنوبي الغربي للمدينة"، وأشار بيان للفرقة إلى أن تجدد القصف المتقطع على المدينة أدى إلى مقتل خمسة مدنيين وإصابة 40 آخرين من بينهم نساء بإصابات بليغة. وكشف المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة المقدم أحمد حسين مصطفى عن أن النصر النهائي على "الدعم السريع" في الفاشر قريب، إما باستسلامها ووضعها للسلاح أو "أن يجري سحقها تماماً"، وأكد مصطفى أن العمليات العسكرية بالفاشر تجرى وفق خطة محكمة جرى الترتيب لها بصورة دقيقة، وسيشاهد الشعب السوداني النتيجة عما قريب، مضيفاً "سيظل صمود الفاشر رمزاً تاريخياً، للمقاومة الوطنية والشعبية"، ووصفه بأنه "درس تهديه إلى مدن وبوادي السودان كافة".
خطة للتحرير
على الصعيد نفسه أكد اللواء الركن علاء الدين عبدالله، الملحق العسكري السوداني في جيبوتي، أن الجيش والقوات المساندة له أعدت العدة للفاشر لتحرير المدينة وكامل دارفور، وأن النتائج المتوقعة سترضي جميع أهل السودان ودارفور على وجه الخصوص. ولفت عبدالله إلى أن قوات الفرقة السادسة - مشاة بمدينة الفاشر "تحقق كل يوم نتائج طيبة وتكبد العدو خسائر كبيرة في العتاد والأرواح"، وأن الحصار لا يقع ضرره على القوات المسلحة الموجودة هناك، بل المتضرر الأول والأخير هو المواطن. وأشار المحلق السوداني في تنوير نظمته السفارة السودانية للبعثات الدبلوماسية بجيبوتي الخميس، إلى أن الخطة التي يقوم الجيش بتنفيذها لم تكن متعجلة، بهدف المحافظة قدر الإمكان على تقليل الخسائر البشرية، مشيراً إلى أن الجيش، وعقب انتقاله والقوات المساندة له من خانة الدفاع إلى الهجوم، أحرز نتائج كبيرة وأوقع "خسائر مقدرة في صفوف العدو".
قصف وتوغل
في محور العاصمة تجددت الاشتباكات والمواجهات العنيفة بين الطرفين في محيط منطقة الصالحة بالريف الجنوبي لمدينة أم درمان، آخر أماكن وجود "الدعم السريع" بالعاصمة الخرطوم. وأوضح مصدر ميداني أن "الدعم السريع" قصفت، من مواقع انتشارها في منطقة الصالحة، مربعات 4 و7 و6 و8 بمنطقة الفتيحاب جنوب أم درمان بالمدفعية الثقيلة. ولفت المصدر نفسه إلى أن القصف هدفه أساساً إجبار قوات الجيش التي تتوغل داخل منطقة الصالحة بالريف الجنوبي على التراجع بعد أن اقتربت من الوصول إلى أهدافها، مشيراً إلى أن القصف المدفعي العشوائي على الأحياء السكنية ومنع خروج السكان من المنازل وحرمانهم من التسوق للحصول على احتياجاتهم يتسبب في تدهور مستمر للوضع الإنساني في تلك المناطق.
تحوطات بالخرطوم
وتحسباً لأخطار أمنية واجتماعية، حظرت سلطات ولاية الخرطوم بيع الشاي والأطعمة وتقديم الشيشة بشوارع وميادين العاصمة. ووجهت لجنة التنسيق الأمنية بالولاية في اجتماعها أمس، برئاسة والي الخرطوم المكلف أحمد عثمان حمزة، لجان أمن محليتي الخرطوم وجبل أولياء بمباشرة مهماتها من داخل المحليات، وأن تكون في حال انعقاد دائم لضمان استقرار الأمن في المناطق التي شهدت هشاشة أمنية. وأكدت اللجنة تكثيف الحملات الأمنية لتنفيذ قرار حظر الدراجات النارية المستخدمة في الأنشطة الإجرامية، إضافة إلى محاربة الأنشطة العشوائية مثل بيع الشاي وتعاطي الشيشة في الأماكن العامة، مشيدة بالجهود والإسهامات الكبيرة للخلية الأمنية في المناطق المحررة بتقليل الجرائم وتسهيل عودة المواطنين لمناطقهم. وشدد الاجتماع على ضرورة وضع خطة شاملة لتأمين المدن والطرق، وإشراك المقاومة الشعبية في دعم جهود تأمين المحليات وتعزيز الخدمات للمواطنين.
مجزرة الزعفة
في محور كردفان اتهمت قيادات أهلية محلية "الدعم السريع" بشن هجوم شرس وارتكاب مجزرة دموية راح ضحيتها 74 من مواطني قرية الزعفة بمحلية الأضية بولاية غرب كردفان، إلى جانب انتهاكات خطرة في حق سكان القرية. وأفادت "شبكة أطباء السودان" بأن مجزرة قرية الزعفة قتل فيها 74 شخصاً بينهم 12 طفلاً وتسع نساء، كما نفذت عمليات اعتقال تعسفية واسعة في حق السكان، وجرى نهب ممتلكات الأهالي وسط حال من الذعر والفرار الجماعي من المنطقة.
ميدانياً أيضاً شنت المقاتلات الحربية للجيش غارات مكثفة على نقاط ارتكاز وتجمعات "الدعم السريع" في مناطق أبو حراز بليط، ووادي الكر بولاية شمال كردفان، أدت إلى مقتل 71 من مسلحيها وتدمير عدد من العربات القتالية بكامل أطقمها. كما دمرت ضربات الطيران الحربي رتلاً لـ"الدعم السريع" بمطقة الكيلو 8 في مدينة بارا بشمال كردفان أسفر عن سقوط ثمانية قتلى من القادة.
محطة عطبرة التحويلية
في شمال السودان هاجمت الطائرات المسيرة التابعة لـ"الدعم السريع" فجر اليوم للمرة الرابعة محطة عطبرة التحويلية بولاية نهر النيل، مما تسبب في قطع الإمداد الكهربائي عن ولايتي نهر النيل والبحر الأحمر، وأكد بيان لمجلس التنسيق الإعلامي لشركة كهرباء السودان أن قوات الدفاع المدني بذلت جهودها لإخماد الحريق.
المعركة مستمرة
في الأثناء حيا الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للجيش الصمود الكبير لقوات الجيش والمواطنين بمدينة الفاشر، مؤكداً الاستمرار في معركة الكرامة والتقدم إلى الأمام في مختلف المحاور وقال "لا أحد يستطيع فرض أجندته علينا"، وأضاف البرهان لدى زيارته أمس مدينة الدندر بولاية سنار "الشعب السوداني ينتصر، والجيش جزء من الشعب، وهو يعمل وفق خطط عسكرية لتحقيق الانتصار لكل الوطن والشعب وليس انتصاراً لأحزاب أو أيدولوجيات أو حركات مسلحة أو أشخاص"، وقام البرهان بزيارة غير معلنة لمنطقة مايرنو في مدينة سنار.
اقرأ المزيدتمويل دولي
وسط هذه الأجواء، طالبت الحكومة السودانية البنك الدولي بتوفير تمويل للمشاريع التنموية والمساعدة في إزالة مخلفات الحرب والجثث من المدن التي شهدت نزاعات مسلحة. وأطلع جبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، المدير التنفيذي للمجموعة الأفريقية بالبنك الدولي زاروا ويندي، على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بالعاصمة الأميركية واشنطن، على التحسن الذي طرأ في سعر الصرف وعودة الأنشطة التجارية والاقتصادية في المناطق المستقرة أمنياً في البلاد. وبحث اللقاء، وفق تعميم صحافي من وزارة المالية، في ملف ديون السودان وإمكان مساهمة البنك الدولي في دعم جهود الحكومة السودانية في تقييم الأضرار الناجمة عن الحرب، لا سيما المتعلقة بالجوانب الإنسانية والبيئية، فضلاً عن الاستفادة من مشروع الطاقة النظيفة الممول من البنك الدولي الذي يستهدف 300 مليون شخص في قارة أفريقيا.
عسكرة الولاة
وفي قرارات تعكس توجهاً متزايداً نحو عسكرة ولاة الولايات أعفى الفريق البرهان اثنين من الولاة المدنيين، وعين مكانهما اثنين من كبار ضباط الجيش. وكان البرهان أعفى قبل يومين والي الولاية الشمالية، وعين مكانه لواء بالجيش، كما أقال والي ولاية النيل الأبيض واستبدله بضابط برتبة لواء والياً على الولاية.
وعلى رغم عضويته المجمدة بالاتحاد منذ انقلاب الـ25 من أكتوبر (تشرين الأول) 2021، تولى السودان رسمياً رئاسة المجموعة الأفريقية في جنيف، اعتباراً من الـ15 من أبريل (نيسان)، وفقاً للترتيب الدوري المتبع بين الدول الأعضاء. وذكرت وكالة السودان للأنباء "سونا" أن بعثة الاتحاد الأفريقي الدائمة بجنيف عممت إشعاراً رسمياً إلى المجموعات الجغرافية والدول الأعضاء، أعلنت فيه تولي السودان رئاسة المجموعة.
مشاورات الموازية
سياسياً كشفت مصادر مطلعة عن شروع قوى تحالف السودان التأسيسي (تأسيس) بالعاصمة الكينية نيروبي، في مشاورات وصفت بالشاقة، لتشكيل الحكومة الموازية وتوزيع الحقائب الوزارية. وأشارت المصادر نفسها إلى تبلور اتفاق مبدئي في شأن تحديد وتوزيع الوزارات التنفيذية للحكومة والمجلس السيادي بين مكونات التحالف المدنية والعسكرية، وعلى رأسها "الدعم السريع" و"الجبهة الثورية" و"الحركة الشعبية - شمال" جناح عبدالعزيز الحلو و"حزب الأمة القومي" بقيادة اللواء فضل الله برمة ناصر والمكونات الأخرى للتحالف، وجرى إرجاء المشاورات إلى وقت لاحق لاستكمال تشكيل الحكومة.
تعديلات إنسانية
أممياً قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في السودان (أوتشا) إن وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية قامت بتعديل أولويات الخطة الإنسانية لعام 2025 بصورة عاجلة استجابة لأزمة شمال دارفور، وجدد المكتب دعوته أطراف النزاع في شمال دارفور إلى ضمان مرور آمن للمدنيين وتسهيل وصول المساعدات من دون عوائق. وحذر تقرير "أوتشا" من أن مدن شمال دارفور، بما فيه الفاشر، في حاجة غير مسبوقة إلى المياه النظيفة والغذاء، إذ ارتفعت أسعار الوقود من 11 إلى 56 دولاراً خلال ثلاثة أشهر. وأشار التقرير أيضاً إلى أن معسكر زمزم للنازحين بات شبه خال بفرار معظم النازحين شمالاً نحو الفاشر أو إلى بلدة طويلة الصغيرة، بعد سيطرة "الدعم السريع" عليه الأسب