بغداد/ تميم الحسن
بات جزء من “الإطار التنسيقي” شبه متأكد من عدم حضور “أحمد الشرع”، الرئيس السوري، إلى بغداد، خوفًا على حياته.
وفي آخر مداولات للتحالف الشيعي، بخصوص زيارة الرئيس السوري، اقترحت أطراف نقل “القمة” إلى بلد آخر.
ويُتّهم محمد السوداني، من جبهة المعارضة داخل “الإطار”، بأنه يجير “القمة” لصالح نزوله في الانتخابات.
كما يُتّهم بأنه يخلق “محورًا عربيًا” ضد السعودية بسبب “إصراره” على حضور “الشرع” قمة بغداد.
ومؤخرًا، سلّم العراق الرئيس السوري “دعوة رسمية” لحضور القمة، وهي الدعوة الثالثة لـ”الشرع” من بغداد، حسب مراقبين.
ويُعتقد أن إجراءات أمنية مشددة ستصاحب أجواء القمة في بغداد الشهر المقبل، بسبب “تهديدات” ضد الرئيس السوري.
وفي الأسبوع الماضي، كان رئيس المخابرات العراقي، حميد الشطري، قد سلّم الشرع دعوة حضور إلى القمة، بحسب إعلام دمشق الرسمي.
وحتى الآن، ترفض 4 زعامات رئيسية داخل التحالف الشيعي، بشكل علني، زيارة الرئيس السوري المرتقبة إلى العراق.
وتستضيف بغداد في 17 أيار المقبل اجتماع مجلس جامعة الدول العربية الـ34 على مستوى القمة.
“لن يحضر الشرع”!
ويقول قيادي شيعي إن هناك أسبابًا، على الأغلب، ستدفع الرئيس السوري لعدم الحضور إلى العراق.
السبب الأول، حسب القيادي، هو خوف “الشرع” على حياته، لأن هناك تهديدات داخلية ضده.
والسبب الثاني، أن قضايا كثيرة غير محسومة بين دمشق وبغداد، و”الشرع” كان يريد المساعدات من العراق، وقد حصل عليها دون أن يحضر.
أما السبب الأخير، فيؤكد القيادي، أن الرئيس السوري لا يريد أن يكون طرفًا ضد “السعودية والإمارات والأردن”، في إشارة إلى صراع محاور ربما يتورط به العراق، بحسب ما يقوله المسؤول في أحد الأحزاب الشيعية.
وبحسب معلومات، فإن “هناك أطرافًا في الإطار التنسيقي، وفصائل، تريد الصدام مع سوريا، وربما تتجه بغداد إلى أخذ إجراءات مشددة لحماية الشرع أثناء القمة”.
وأضافت المعلومات أن “دمشق وافقت على كل مطالب بغداد، بخصوص حماية المراقد الشيعية، وحماية التنوع الاجتماعي، وضبط الحدود، والتعاون لمحاربة (داعش)”.
سر لقاء قطر
من جانب آخر، يؤكد القيادي الشيعي، أن “الإطار التنسيقي لا يرفض دعوة الرئيس السوري ضمن عمل الجامعة العربية، لأن سوريا كانت قد عادت إلى الجامعة قبل عدة سنوات”.
لكنه يؤكد أن “إصرار رئيس الحكومة، محمد السوداني، على دعوة الشرع، وإجراء زيارات غير معلنة إلى قطر ولقاء الرئيس السوري، هو أمر مريب”.
وكانت صور قد تسربت الأسبوع الماضي، أظهرت لقاء السوداني بالرئيس السوري في قطر، في اجتماع حدث دون علم “الإطار التنسيقي” الحاكم.
بالمقابل، اعتبر مقرّبون من السوداني أن لقاء رئيس الحكومة مع “الشرع”، كان قد حقق “أهدافًا مهمة” تغافل عنها البعض.
ويوضح القيادي، الذي طلب عدم نشر اسمه لعدم تخويله بالتصريح، أن “الإطار التنسيقي يشك بأن الحكومة العراقية تريد أن تكون مع المحور القطري-التركي ضد المحور السعودي-الإماراتي-الأردني”.
وتتهم مجموعة من النواب الشيعة، السوداني بأنه “يجامل تركيا” على حساب العراق، فيما تتهم أنقرة تلك المجموعة بأنها وراء ما جرى في دمشق العام الماضي، وإسقاط بشار الأسد، الرئيس السابق، حليف طهران.
ويرى القيادي الشيعي، أنه “ليس من مصلحة العراق الدخول في محاور متناقضة، خصوصًا وأن هناك رسائل تُبعث إلى الشرع من المنطقة، مثل ما حدث مؤخرًا في الأردن”.
وقبل أيام أعلنت الأردن “حظر” كافة نشاطات جماعة الإخوان المسلمين، التي يُعتقد بأنها مدعومة من تركيا، واعتبارها مجموعة “غير مشروعة”.
ويقول القيادي الشيعي، إن “الإخوان المسلمين وأنقرة تقوم بإحداث مشاكل في الأردن، كما لا تزال تحاول إرباك الوضع في مصر والإمارات”.
لكن بهاء الأعرجي، الصدري المنشق والمقرّب من السوداني، كان قد وجد في لقاء السوداني – الشرع في قطر، تحقيق أهداف مهمة، بحسب قوله.
وأكد الأعرجي أن لقاء الدوحة حقق أهدافًا مهمة، تغافل عنها البعض “تعمّدًا وسعيًا لاستهداف السوداني”، ومجمل الموقف الحكومي تجاه مجريات المنطقة.
فاللقاء، بحسب الأعرجي، كان تأكيدًا لموقف العراق تجاه المتغيرات في الداخل السوري، وتثبيتًا لحرص العراق على سيادة أراضيه وأمن حدوده ومحاربة الجماعات الإرهابية، وعدم التهاون في كل ما له تأثير على السلم والأمن الإقليمي، لا سيما ملفي المراقد المقدسة وحقوق الأقليات.
وأضاف في تغريدة على “إكس”: “أقول لإخوتي: انشغلوا بالمضامين المهمة واتركوا النزر الظاهر، فإكرام الوساطة واجب، والاستماع للآخر وإن اختلفنا معه أوجب، ولا تكونوا في خصامكم السياسي مصداقًا للمثل العراقي الدارج: الغركان يجلب بكشّاية.. فهل وجدتم في لقاء الدوحة تلك (الكشّاية)؟!”.
القمة والانتخابات
وتُظهر المواقف العلنية من دعوة “الشرع” فريقين داخل الإطار التنسيقي، وتبدو مرتبطة إلى حد ما، بـ”الانتخابات” و”التحالفات”.
يمثل الفريق الأول المعارض، نوري المالكي، زعيم دولة القانون، إضافة إلى هادي العامري (منظمة بدر)، وقيس الخزعلي (العصائب)، وأبو آلاء الولائي (كتائب سيد الشهداء).
هذه المجموعة لن تتحالف مع السوداني، باستثناء العامري، الذي كان قريبًا من ذلك لكنه تراجع بسبب قضية “الشرع”، بحسب ما يتداول في الأوساط السياسية.
والفريق الآخر، المؤيد للسوداني ولدعوة الرئيس السوري؛ وهم في الغالب حلفاء رئيس الحكومة في الانتخابات المقبلة؛ وهم عمار الحكيم، زعيم تيار الحكمة، وحيدر العبادي، رئيس الوزراء الأسبق.
ولم يتضح حتى الآن موقف رئيس الحشد، فالح الفياض، من قضية الرئيس السوري، على الرغم من أن الفياض هو أكبر حلفاء رئيس الحكومة، وكان مبعوثًا للحكومات المتعاقبة منذ 2011 إلى “الأسد”.
وبحسب تقديرات جبهة المعارضة داخل “الإطار”، فإن إصرار السوداني على عقد القمة في بغداد هو “لأسباب انتخابية”، بحسب ما يقوله سياسي مقرب من الإطار التنسيقي.
وكانت انتقادات قد لاحقت رئيس الحكومة بسبب تكاليف القمة، التي تُقدّر بأكثر من 600 مليون دولار، وإعادة ترميم القصور، التي كلفت لوحدها 26 مليار دينار (ترميم 10 فلل)، بحسب النائب مصطفى سند.
وبحسب السياسي المطلع، فإن “هناك مقترحات لنقل القمة إلى بلد آخر، فيما يبقى العراق محتفظًا بحقه في عقدها ببغداد بعد سنة أو أكثر”.
ويضيف: “ليس هناك مبرر لإجراء القمة في هذا التوقيت، خصوصًا وأن هناك قممًا مشابهة جرت قبل فترة قصيرة في مصر والسعودية”.
ويعتقد السياسي أن “السعودية والإمارات لن تحضرا الاجتماع في بغداد، وكذلك الكويت (بسبب الخلاف على خور عبد الله)، وحضور مصر غير واضح، كما أن هناك دعوات شعبية لعدم حضور الرئيس الجزائري، وليبيا لن تحضر لأنه ليس فيها رئيس، وربما يحضر الملك المغربي”.