بغداد ـ «القدس العربي»: كشفت مصادر مقربة من فصائل «المقاومة الإسلامية» في العراق، أمس الخميس، عن حركة مكثّفة لطائرات مسيّرة، قالت إنها أمريكية، تقوم باستطلاع مقرات تابعة «للحشد الشعبي» في مناطق مختلفة من العاصمة بغداد، ومدن في جنوب وشمال البلاد، تزامناً مع تلويح إسرائيلي بشن عدوان مرتقب.
اعتراض اتصالات
وطبقاً لما أوردته منصّات إخبارية عراقية تُعنى بنشر الأخبار المتعلقة بـ«محور المقاومة» فإن «طيراناً أمريكياً من طراز هافلاند داش 800، قام بعمليات استطلاع جوي من الخط الأمامي لمواقع الحشد الشعبي في كركوك في اتجاه الطارمية (أطراف بغداد الشمالية) والنباعي ويثرب وتل الذهب والبو حشمة (في صلاح الدين) مرورا بمعسكر أشرف في ديالى، ثم هبط في قاعدة دبلن قرب مطار بغداد».
وحسب معلومات المصادر ذاتها، فإن الطيران المسيّر الأمريكي، أجرى أيضاً عملية «استطلاع عميق، تضمن اعتراض الاتصالات الهاتفية والمكالمات والإشارات وعمل دوائر تحليق وحلقات على مقرات الحشد الشعبي في العراق».
ووفق المعلومات، الاستطلاع هو تحديد الولايات الأمريكية «للأهداف التي ستُشمل بالهجوم الإسرائيلي المحتمل» مشيرة إلى أن واشنطن هي من تحدد الأهداف لتل أبيب «مقابل التقيّد بالرؤية الأمريكية دون الخروج عنها».
وتكثّف الطيران المسيّر في بغداد، وفق المصادر، في مناطق «الجادرية، والعرصات، والكرادة، والمنطقة الخضراء، ومدينة الصدر، وكسرة وعطش، وبغداد جديدة، والبلديات، وطريق قناة الجيش/ صدر القناة، والنهروان، والشعب، وحي أور».
يحدث ذلك عقب ورود أنباء عن سقوط عشرات المقاتلين الذين ينتمون لحركة «النجباء» أحد فصائل «المقاومة الإسلامية» وتمتلك تمثيلاً عسكرياً في «الحشد» أيضاً، في غارة إسرائيلية استهدفت مدينة تدمر السورية، خلّفت 71 قتيلاً، وفق ما أورد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
ولم يصدر عن مسؤولي الحركة التي يتزعمها أكرم الكعبي، أيّ تصريح أو بيان رسمي بشأن الحادثة، حتى وقت إعداد التقرير، واكتفت وسائل الإعلام والمنصّات التابعة «للنجباء» بنشر الأخبار المتعلقة بعمليات «المقاومة» في غزّة ولبنان.
غير أن المعاون العسكري لحركة «النجباء» عبد القادر الكربلائي، وجّه تهديداً لإسرائيل من مغبّة الإقدام على شنّ هجومٍ داخل الأراضي العراقية.
وذكر في «تدوينة» له، «إلى النتن ياهو: أعلم إن كيانك أوهن من بيت العنكبوت وأنت أحقر من أن تهدد عراق الصمود والجهاد».
«النجباء» تهدّد نتنياهو: كيانك أوهن من بيت العنكبوت ولا خلاص لكم من مسيرَّاتنا
وأضاف: «ستبقى مسيرتنا رعبكم الذي لا خلاص لكم منه، وإن سوّلت لكم أنفسكم القيام بأي عمل أحمق ضد العراق العظيم فسترون الجحيم رؤيا العين».
كما ردّ النائب الأول لرئيس مجلس النواب، محسن المندلاوي، أمس الخميس، على شكوى إسرائيل ضد العراق لدى مجلس الأمن الدولي.
وقال في بيان، إن «الشكوى التي تقدم بها الكيان الصهيوني في مجلس الأمن ضد العراق، والضغوط التي لحقتها دبلوماسياً وإعلامياً على بغداد، وصولاإلى الحديث عن ضربة عسكرية إسرائيلية، وتزامن ذلك مع الجهود الدبلوماسية للبرلمان والحكومة العراقية في المحافل الإقليمية والدولية لإيقاف العدوان الصهيوني على الشعبين الفلسطيني واللبناني، ما هي إلا مساعي لاستمرار القتل والدمار في المنطقة».
وحمل المندلاوي، واشنطن، مسؤولية ما أسماه «أي حماقة صهيونية بتوسيع العـدوان في المنطقة بعد استخدامها حق (الفيتو) ضد قرار مجلس الأمن القاضي بالإيقاف الفوري للحرب» مؤكدا أن «موقف العراق لن يتغير أبدأ في الوقوف إلى جانب غزة ولبنان».
العراق «خط أحمر»
في الأثناء، وجهت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، «رسالة إلى الكيان الصهيوني» مؤكدة أن «العراق خط أحمر، والقوات الأمنية مستعدة للدفاع عنه».
وقال رئيس اللجنة النائب عن «الإطار التنسيقي» كريم المحمداوي، في «تدوينة» له، «رسالة واضحة للكيان الغاصب: العراق خط أحمر ومحاولاتكم للهروب من جرائمكم في غزة ولبنان، لن تنجح».
وأكد أن «قواتنا الأمنية مستعدة للدفاع عن وطننا بكل قوة، ولم ولن نسمح للخارج بزعزعة أمننا واستقرارنا، فالعراق واحد وشعبه متحد في مواجهة التحديات».
فيما شددت كتلة «بدر» النيابية، على أن أي خرق لسيادة العراق من قبل الكيان الصهيوني، ستؤدي إلى إلغاء «الاتفاقية الأمنية» الموقعة بين بغداد وواشنطن.
وقال رئيس الكتلة مهدي آمرلي، «إننا في كتلة بدر ولجنة الأمن والدفاع نؤكد بعدم المساس بسيادة العراق» مشدداً على أن «أي خرق لسيادة العراق من قبل الكيان سيتم إلغاء الاتفاقية الأمنية بين العراق وأمريكا».
وأضاف: «أننا نلغي الاتفاقية الأمنية العراقية ـ الأمريكية في حال تجرأ الكيان الصهيوني بالمساس بالأراضي العراقية من خلال استهداف لشخصيات عراقية أو مواقع عسكرية، كون الاتفاقية تنص على تحمل أمريكا مسؤولية حماية الأجواء العراقية» مستدركاً: «أننا نعلم جيداً جاهزية قواتنا الأمنية بالدفاع عن العراق بكل أشكاله».
كذلك، أكدت رئيسة «مركز النخيل للحقوق والحريات الصحافية» زينب ربيع، أن الدولة العراقية تحتاج إلى جهود دبلوماسية للسيطرة على سيادة قرارها داخلياً وتجنب تعرض العراق لضربات من الكيان المحتل.
وذكرت في «تدوينة» لها، إن «الدولة العراقية، وفق القانون الدولي، لا تزال في حالة حرب مفتوحة مع الكيان منذ عام 1973. في المقابل، يسعى الكيان المحتل بشكل مستمر إلى تحشيد موقف ودعم دولي لتأمين تأييد لأي ضربة محتملة قد يقوم بها عبر ربط الدولة العراقية بإيران».
ورجّحت أن «الكيان لن يخوض حربًا شاملة ومباشرة مع العراق، بل سيقتصر على استهداف أهداف محددة بدقة، بما يشابه النهج الذي تتبعه الولايات المتحدة في ضرب أهداف معينة تُعتبر تهديدًا لها».
وأشارت إلى أن «الدولة العراقية تحتاج إلى جهود دبلوماسية كبرى خارجياً وجهود سيطرة الدولة على سيادة قرارها داخلياً، لتجنب تعرض العراق لضربات من الكيان المحتل، حيث لا توجد أي ضمانة لتوقفه عن تنفيذ خططه حتى لو توقفت الحرب في غزة ولبنان وقام العراق بكل ذلك فاللوبي العالمي الراعي لإسرائيل عازم على معادلات مختلفة بخريطة شرق أوسط جديد، أو بالأحرى شرخ أوسط شديد».
إلى ذلك، تلقّت جميع الأجهزة الأمنية العراقية، تعميماً بشأن توجيهات القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والتي من بينها تحميل القيادات الأمنية مسؤولية أي خرق في قاطع المسؤولية.
اللواء يحيى رسول، المتحدث باسم القائد العام، ذكر للوكالة الرسمية، قال إن السوداني «وجه قيام القوات المسلحة والأجهزة الأمنية كافة بمنع وملاحقة أي نشاط عسكري خارج إطار سيطرة الدولة، كما وجه وزارة الداخلية بتفعيل التوجيهات الصادرة عن الاجتماعات السابقة وإعداد خطط للطوارئ تتناسب مع حجم التهديد، وتأمين الاحتياطات الكاملة للمتطلبات الأمنية».
وأشار إلى أن «القائد العام للقوات المسلحة وجه بتعزيز الحدود العراقية الغربية من خلال النشاط المكثف والانتشار السريع ووضع الخطط اللازمة والعمل على تهيئة وضمان عمق أمني فعّال» لافتاً إلى أن «القائد العام للقوات المسلحة وجه الدفاع الجوي بتأمين متطلبات الحماية الجوية لسماء العراق وللأهداف الحيوية والفعّالة والمهمة داخلياً».
وبين أن «القائد العام للقوات المسلحة أكد على أن تتحمل القيادات الميدانية المسؤولية عن أي خرق أمني ضمن قاطع المسؤولية يمكن أن يعرض أمن البلد للخطر».
وأكد أن «الحكومة مستمرّة في إجراءاتها لمنع استخدام الأراضي العراقية لشنّ أي هجوم، وقد أثمرت بالفعل عن ضبط أسلحة معدّة للإطلاق وتلاحق قانونياً كل من يشترك في هكذا أنشطة تهدد أمن العراق وسلامة أراضيه» موضحاً إن «الأجهزة ستتابع كل من يقوم بهكذا أفعال وإحالته إلى القضاء ومحاسبته وفق القانون».
وطبقاً للمسؤول العسكري فإن «القوات الأمنية عازمة على ملاحقة كل من تسول له نفسه العبث بأمن واستقرار المجتمع العراقي».
وفيما ينشغل المسؤولون والسياسيون العراقيون بالتهديدات الإسرائيلية الأخيرة، عبّر البرلمان العربي عن إدانتها أيضاً، داعياً إلى الضغط على سلطات الاحتلال لوقف مخططها الهادف لجر المنطقة إلى حرب إقليمية.
وقال البرلمان في بيان صحافي إنه يدين «بأشد العبارات تهديدات كيان الاحتلال الإسرائيلي بضرب جمهورية العراق» مؤكدًا «دعمه التام لسيادتها وأمنها واستقرارها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية تحت أي ذريعة».
واستنكر البرلمان العربي «توجه كيان الاحتلال بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي» مؤكدًا أن «الأولى بالكيان المحتل أن يلتزم أولابقرارات مجلس الأمن الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بالوقف الفوري للمجازر وحرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها في دولة فلسطين المحتلة على مدار أكثر من عام، ووقف عدوانه الغاشم على جمهورية لبنان».
ودعا المجتمع الدولي ومؤسساته والدول الفاعلة فيه إلى «الضغط على كيان الاحتلال ووقف مخططاته التي تهدف إلى جر المنطقة ككل الى حرب إقليمية تعصف بالأمن والاستقرار في المنطقة».
طلب عقد جلسة
وقدمت الحكومة العراقية، أمس طلبا لعقد جلسة طارئة لمجلس الجامعة العربية لمواجهة تهديدات الكيان الصهيوني. وذكرت مندوبة العراق في الجامعة العربية في بيان أنها «تقدمت بطلب الحكومة العراقية لعقد جلسة طارئة لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين للدول العربية الاعضاء في الجامعة».
وأضافت أن «ذلك يأتي لمواجهة تهديدات الكيان الصهيوني التي تضمنتها الرسالة الموجهة من الكيان إلى مجلس الأمن والتي يحاول من خلالها توسيع ممارساته العدوانية في المنطقة بما فيها العراق».