بغداد/المسلة: يبدو أن التوافق بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان على استئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي قد فتح الباب أمام تسوية أحد أعقد الخلافات النفطية في العراق.
ويعكس هذا الاتفاق خطوة حاسمة نحو إعادة تنظيم إدارة الموارد النفطية بين الطرفين، بعد سنوات من التوترات التي أثرت على الاقتصاد الوطني والعلاقات السياسية.
ويأتي هذا التقارب في وقت حساس، حيث تسعى بغداد لفرض سيطرتها على صادرات النفط الكردستاني، بينما تحاول أربيل استعادة استقرارها المالي بعد توقف الصادرات لمدة تقارب العامين.
وينص الاتفاق على تسليم إقليم كردستان 300 ألف برميل يوميًا إلى شركة تسويق النفط العراقية “سومو”، وهو ما يمثل تحولًا كبيرًا في إدارة الموارد النفطية بالإقليم.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تعزز من الشفافية في التعامل مع الإيرادات النفطية، التي ظلت لسنوات خارج إطار الرقابة المركزية.
وتؤكد هذه الكمية، التي تشكل حوالي 10% من إجمالي صادرات العراق اليومية البالغة نحو 3.3 ملايين برميل، على أهمية الإقليم كلاعب رئيسي في سوق النفط العراقي، لكنها تثير في الوقت ذاته تساؤلات حو ل قدرة بغداد على الالتزام بحصص “أوبك بلس” في ظل هذا التدفق الجديد.
ويتوقع أن يحد هذا الاتفاق من عمليات تهريب النفط التي ازدادت حدتها في السنوات الأخيرة، والتي شكلت تحديًا كبيرًا للاقتصاد العراقي.
وكشف النائب الكردي السابق أحمد الحاج عن تهريب 89 مليون برميل نفط من إقليم كردستان خلال عام 2024، وهو رقم مذهل يعادل حوالي 244 ألف برميل يوميًا على مدار العام.
وأوضح الحاج أن “النفط يتم تهريبه وبيعه عبر الصهاريج”، مشيرًا إلى تورط مسؤولين في حكومة الإقليم وغياب هذه الإيرادات عن الموازنة الرسمية. يشير هذا الكشف إلى استنزاف خطير للثروة الوطنية، مما يعزز الحاجة إلى رقابة صارمة على التدفقات النفطية.
وتعلق منظمة “أوبك بلس” آمالًا كبيرة على هذا الاتفاق للحد من التأثيرات السلبية للتهريب على السوق العالمية، حيث يرى أعضاؤها أن “تهريب النفط يضر بمصالح العراق الاقتصادية ويؤثر سلبًا على استقرار أسعار النفط”.
وتهدد بغداد بخصم الكميات المهربة من حصتها في الاتفاقات الدولية، وهو ما قد يضع ضغوطًا إضافية على الإقليم للالتزام بالتفاهمات الجديدة. يعتبر هذا التهديد بمثابة رسالة واضحة إلى أربيل بضرورة وضع حد للفوضى في إدارة مواردها.