لندن ـ (أ ف ب) – أكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الأحد أن أوروبا تمر بـ”لحظة لا تتكرر إلا مرة في كل جيل بالنسبة لأمنها”، وذلك في مستهل اجتماع لنحو خمسة عشر حليفا لكييف، بحضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بعد يومين من مشادته الحادة مع دونالد ترامب.
وصرح ستامر وإلى جانبه زيلينسكي في مستهل القمة، إن “هذه لحظة لا تتكرر إلا مرة في كل جيل بالنسبة لأمن أوروبا ويجب علينا جميعا تكثيف الجهود”.
وأضاف متوجها لزيلينسكي “آمل أن تعلم أننا جميعا معك ومع شعب أوكرانيا طالما استغرق الأمر. الجميع حول هذه الطاولة”.
وأضاف “نحن بحاجة إلى أن نتفق على الخطوات التي ستنتج عن هذا الاجتماع لتحقيق السلام من خلال القوة لصالح الجميع”.
واحتضن عدد من الزعماء زيلينسكي، وبينهم ستارمر ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته.
ad
عكست أجواء هذه القمة تباينا صارخا مع أجواء اجتماع الرئيس الأوكراني الجمعة مع نظيره الأميركي دونالد ترامب في المكتب البيضوي حيث جرت مشادة حادة.
وتهدف هذه القمة إلى بحث ضمانات أمنية جديدة في أوروبا في ظل المخاوف من تراجع واشنطن عن دعم حلفائها والتي تفاقمت بعد المشادة الجمعة بين الرئيسين الأوكراني والأميركي.
من أبرز المشاركين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، وهي تسبق قمة أوروبية استثنائية بشأن أوكرانيا من المقرر عقدها الخميس في بروكسل.
ad
قبل ساعات من بدء القمة، أعلن ستارمر الأحد أن بلاده تعمل مع فرنسا على “خطة لوقف القتال” بين أوكرانيا وروسيا.
وقال رئيس الوزراء البريطاني لهيئة بي بي سي “ستعمل المملكة المتحدة، إلى جانب فرنسا وربما دولة أو دولتين أخريين، مع أوكرانيا على خطة لوقف القتال، وبعد ذلك سنناقش هذه الخطة مع الولايات المتحدة”.
كذلك، وقعت لندن وكييف اتفاق قرض بقيمة 2,26 مليار جنيه إسترليني لدعم قدرات أوكرانيا الدفاعية، وهو مبلغ سيتم سداده من أرباح الأصول الروسية المجمدة.
وأوضحت رئاسة الحكومة البريطانية أن المناقشات في لندن ستركز على “تعزيز موقف أوكرانيا اليوم، بما يشمل دعما عسكريا متواصلا وزيادة الضغط الاقتصادي على روسيا”.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته المشارك في القمة إن “الجميع في أوروبا سيتعين عليهم تقديم المزيد” لدعم أوكرانيا.
سيناقش المشاركون أيضا “ضرورة أن تؤدي أوروبا دورها في مجال الدفاع” و”الخطوات التالية للتخطيط لضمانات أمنية قوية” في القارة، في مواجهة خطر انسحاب المظلة العسكرية والنووية الأميركية.
وتنظر أوكرانيا وأوروبا بقلق إلى التقارب بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
– لقاء بين ميلوني وزيلينسكي –
التقت جورجيا ميلوني مع فولوديمير زيلينسكي على هامش القمة. وذكرت الحكومة الإيطالية أن “الاجتماع أتاح الفرصة للتأكيد على دعم إيطاليا لأوكرانيا وشعبها، فضلا عن التزامها ببناء سلام عادل ودائم، وضمان مستقبل من السيادة والأمن والحرية لأوكرانيا”.
كما حذّرت ميلوني أنه “من المهم للغاية تجنب خطر انقسام” الغرب، مضيفة أن “إيطاليا والمملكة المتحدة يمكن أن تؤديا دورا مهما في مدّ الجسور” مع واشنطن.
والتزم رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك نفس النهج، قائلا إن وارسو يمكن أن تستخدم “علاقاتها الجيدة للغاية مع الأميركيين” لإقناعهم بتقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا.
في موسكو، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن التغيير الجذري في السياسة الخارجية الأميركية تجاه روسيا “يتوافق إلى حد كبير” مع رؤية موسكو، وذلك في مقابلة سجلت الأربعاء مع التلفزيون الرسمي.
وبهدف وضع حد للحرب التي يرفض الرئيس الأميركي اعتبار موسكو مسؤولة عنها، أطلقت موسكو وواشنطن مباحثات من دون دعوة أوكرانيا أو الأوروبيين إليها.
ولا يبدو أن هذه المخاوف ستتراجع قريبا، خصوصا بعد المشادة الكلامية العلنية في المكتب البيضوي بين زيلينسكي وترامب ونائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس الجمعة.
فخلال دقائق المشادة الطويلة، أخذ ترامب على زيلينسكي أنه “وضع نفسه في وضع سيء جدا” وأنه “لا يملك أوراقا في يده” وطالبه بتحقيق السلام مع روسيا مهددا “أبرم اتفاقا وإلا سنتخلى عنك”.
– “حقبة جديدة من العار” –
وعلقت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك السبت على ذلك قائلة “بدأت حقبة جديدة من العار (…) يجب أن ندافع فيها أكثر من أي وقت مضى عن النظام الدولي القائم على القواعد وقوة القانون، في مواجهة قانون الأقوى”.
وكانت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس قالت الجمعة “بات واضحا أن العالم الحر يحتاج الى زعيم جديد. يتعين علينا نحن الأوروبيين أن نواجه هذا التحدي”.
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جهته استعداده “لفتح النقاش” حول ردع أوروبي نووي في المستقبل بعد طلب بهذا الخصوص من المستشار الألماني المقبل فريدريش ميرتس الذي رأى من الضروري أن تستعد أوروبا “لأسوأ سيناريو” المتمثل بتخلي واشنطن عن حلف شمال الأطلسي.
وأعرب ماكرون في مقابلة نُشرت السبت، عن أمله في أن تحرز دول الاتحاد الأوروبي تقدما سريعا نحو “تمويل مشترك ضخم ومكثف” مقداره “مئات المليارات من اليورو” لبناء دفاع مشترك. وأكد “أرى اليوم أن الوقت حان ليقظة استراتيجية لأن في كل دولة ثمة عدم يقين حول استمرار الدعم الأميركي على المدى الطويل”.