لندن- “القدس العربي”: يتخوف الاتحاد الأوروبي من أن يؤدي وصول الجمهوري دونالد ترامب الى البيت الأبيض إلى دعم كبير لحركات اليمين القومي المتطرف التي تنتعش في القارة العجوز وترى في الرئيس الأمريكي المقبل النموذج الملهم. وبدون شك، سيتفاقم الجدل حول الهجرة والجذور المسيحية لأوروبا.
ويخالج قادة الاتحاد الأوروبي القلق بشأن الكثير من الملفات التي قد تشكل نقاط خلاف عميقة مع الرئيس المقبل مثل الرسوم الجمركية والحلف الأطلسي وحرب أوكرانيا، لكن الملف السياسي غير المباشر الذي سوف لن يخضع للتفاوض والحوار مع البيت الأبيض هو مدى تأثير ترامب على حركات اليمين المتطرف في أوروبا.
ويعاني الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الثلاث الأخيرة من تقدم مقلق لليمين القومي المتطرف في دول مثل هولندا وهنغاريا فرنسا وإسبانيا، وفي إيطاليا حيث رئيسة الحكومة جورجينا ميلوني من هذا التيار.
وتبرز وسائل الإعلام ومنها جريدة الباييس الإسبانية، الأربعاء، أن فوز ترامب سيشكل دعما لموجة انتعاش اليمين القومي المتطرف في أوروبا. وكانت ميلوني قد تمنت فوز ترامب ورحبت بالتعاون معه، بينما صفق رئيس هنغاريا القومي المتطرف فيكتور أوربان منذ أسابيع بعودة ترامب المرتقبة، وبعد الفوز الجمهوري في الانتخابات الرئاسية التي جرت الثلاثاء كتب أن “فوز ترامب يعتبر ضروريا للعالم”.
ومن فرنسا، تمنت النائبة البرلمانية وزعيمة حزب التجمع الوطني المتطرف ماري لوبان ”النجاح“ لترامب بعد أن ”عبّرت الديمقراطية الأمريكية عن نفسها بوضوح“. ووفقًا للوبان، فإن ”عهدًا سياسيًا جديدًا نأمل منه الحوار والتعاون البنّاء على الساحة الدولية“. وتبقى ماري لوبان هي المرشحة لتكرار تجربة ترامب في أوروبا إذا فازت برئاسة فرنسا في الانتخابات المقبلة نظرا لوزن وثقل فرنسا وسط أوروبا. وتواجهت لوبان مرتين في الجولة الأخيرة من الانتخابات الفرنسية مع إيمانويل ماكرون.
ومن إيطاليا، صفق زعيم رابطة الشمال المتطرف ماتيو سالفيني بأن ترامب فاز بسبب رهانه على الأصول المسيحية للولايات المتحدة والحد من الهجرة وتخفيض الضرائب.
واحتفى زعيم اليمين المتطرف المتمثل في حزب فوكس في إسبانيا، سانتياغو أباسكال، بما اعتبره “فوز رجل وطني في الولايات المتحدة”.
من جانبه، وجّه زعيم حزب الحرية الهولندي، خيرت فيلدرز، ”تهانيه“ إلى ترامب والولايات المتحدة ككل. ونشر بجوار صورة للمرشح الجمهوري والرئيس المنتخب المتوقع: ”لا تستسلم أبدًا، واصلوا الكفاح والفوز في الانتخابات!“.
ومن شأن فوز ترامب في هذه الانتخابات الرئاسية أن يقوي النقاش ويرفع الجدل حول المواضيع الشائكة وهي مراقبة الهجرة غير القانونية والدفاع عن الطابع المسيحي للدول الأوروبية. ومن ضمن العناصر التي ساعدت ترامب على الفوز رهانه على طرد المهاجرين غير القانونيين والتأكيد على الطابع المسيحي للولايات المتحدة، وهو ما يركز عليه اليمين القومي المتطرف.
وفي الماضي، كان فوز رئيس ديمقراطي أو جمهوري برئاسة البيت الأبيض يحمل تأثيرا على اليسار واليمين المحافظ في أوروبا. ومن ضمن الأمثلة، تزامن فوز بيل كلينتون مع انتعاش اليسار الاشتراكي في أوروبا، بينما حمل معه فوز جورج بوش الابن انتعاش اليمين المحافظ، أما الآن، ففوز سياسي من طينة ترامب يهمش اليسار الاشتراكي واليمين المحافظ لصالح القوة الصاعدة في أوروبا وهو اليمين القومي المتطرف.