القاهرة – “رأي اليوم”- محمود القيعي:
يأتي يوم 22 فبراير ليذكّر بتجربة الوحدة المصرية السورية التي كانت حلما من خيال فهوى.
ذكرى الوحدة تأتي هذا العام في ظل تحديات غير مسبوقة تواجه الأمة العربية، فهل تستلهم الشعوب العربية تلك الذكرى؟ وكيف؟
ad
د.محمد يونس الحملاوي الأستاذ بكلية الهندسة جامعة الأزهر يقول إن قليلا منّا من يتذكر أن الوحدة بين مصر وسوريا ولدت يوم 22 فبراير 1958م فكانت باكورة محاولات الوحدة العربية في القرن الميلادي الماضى، حيث تلتها محاولات شملت العراق واليمن والإمارات العربية والأردن والسودان وليبيا والجزائر والمغرب تعبيرًا عن رغبة الشعوب فى إقامة كيان واحد يجمعهم في عصر التكتلات العملاقة.
ويضيف أنه برغم أن جل تلك المحاولات لم يكتب لها الاستمرار إلا أن هذا لم يفت فى عضد الشعوب العربية، لافتا إلى أنه منذ عدة أشهر جاء وقت الامتحان فهل رسبنا؟
وهل يمكن أن تقوم لنا قائمة بعد الآن؟
هل علينا جميعًا فردًا فردًا واجب كى نستمر كأمة، أم أن الاستسلام المهين هو طريقنا؟
ويختتم الحملاوي متسائلا: أعلينا جميعًا أن نحافظ على أمتنا، على وجودنا أم أننا لا نشعر بأننا أمة تستحق الحياة؟!
من جهته قال د.إسماعيل صبري مقلد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية إن يوم الثاني والعشرين من فبراير عام 1958 هو أحد أمجد أيام الأمة العربية وأكثرها امتلاء بالزهو والفخار، يوم اعلان الوحدة المصرية السورية وقيام الجمهورية العربية المتحدة، وهو اليوم الذي وقف فيه الزعيم الخالد جمال عبد الناصر بجوار الرئيس السوري شكري القوتلي في شرفة القصر الرئاسي في دمشق ليطلا علي جماهير الشعب السوري الهادرة والمبتهجة بقيام دولة الوحدة الجديدة وبحماس منقطع النظير، وفي بادرة تاريخية فريدة أعلن الرئيس القوتلي عن تنازله عن رئاسته لسورية للرئيس عبد الناصر ليصبح رئيسا لدولة الوحدة، وقامت الأفراح في القاهرة ودمشق تهتف وتبارك هذا الحدث القومي التاريخي العظيم.
ويضيف مقلد أنها كانت افراحا حقيقية من القلب لا تكلف فيها ولا افتعال، وكانت المشاعر القومية علي الجانبين في ذروتها، وكان الزعيم عبد الناصر هو التجسيد الحي لها وقتها.
ويقول إنه لا يجد اروع ولا ابدع في وصف الوحدة المصرية السورية من الأغنية التي كتبها الشاعر بيرم التونسي وغناها المطرب المصري محمد قنديل، ومن ضمن كلماتها:
وحدة ما يغلبها غلاب. تباركها وحدة احباب
انا واقف فوق الاهرام وقدامي بساتين الشام.
اراضينا من هذا الجيل يرويها بردي والنيل
وفي قلبي من شوقي غليل ما يرويني غير النهرين
ارادتنا والله يريد. وسبحانه وحد قلبين.
ويقول إنه ككل شيء جميل في هذه الحياة له نهاية، انتكست الوحدة وتفرق الاحباب، وذهب كل منهم في طريق، لكن بقي الحب يعمر القلوب.
ويتابع قائلا: “وعندما يسألوننا لماذا انتم عروبيون وقوميون ، نقول لهم لأننا عشنا هذه الأحداث التاريخية العظيمة في شبابنا المبكر ووعيناها جيدا، وعرفنا الفارق بين روعة الوحدة وما تشعه من آمال ومرارة الانفصال وما يولده من احباط وخذلان، وبين ان نكون معا، او ان نفترق وتتباعد بنا المسارات لظروف واسباب لم يكن للشعبين المصري والسوري ادني ذنب فيها”.
ويختتم مؤكدا أنها أيام لا تنسي، وذكريات غالية لا تغيب من الذاكرة، داعيا أن يحفظ الله البلدين الشقيقين مصر وسورية ومعهما الأمة العربية كلها من كل مكروه.
في سياق الوحدة وجه المؤتمر القومي العربي رسالة مفتوحة إلى القمة العربية “المؤجلة” إلى 4 آذار/مارس في القاهرة، جاء فيها:
“أصحاب الجلالة والفخامة والسمو المحترمون
تحية عربية طيبة
تأتي دعوة القيادة المصرية إلى قمة عربية طارئة في السابع والعشرين من شهر شباط/فبراير الجاري، والتي جرى تأجيلها إلى 4 آذار/مارس 2025، في ظروف بالغة الخطورة، ليس بسبب الفظائع التي ارتكبها التحالف الصهيوني – الأمريكي بحق أهل غزّة وعموم الشعب الفلسطيني وفي جنوب لبنان وبقاعه والضاحية الجنوبية فحسب، بل أيضاً لما تشكّله من تهديد للأمن القومي العربي ولتنفيذ مؤامرة التهجير (القسري أو الطوعي) والتوطين أيضاً.
ويثير انعقاد هذه القمة لدى أبناء الأمّة شعوران، الأمل والقلق معاً.
فالشعور بالأمل نابع من رغبة عارمة، بأن تكون هذه القمّة مناسبة لإعلان موقف عربي موحّد بوجه العدوان الصهيوني، ولاتخاذ قرارات رادعة له، وعلى نحو مغاير لقمم سابقة، أما الشعور بالقلق فنابع من مخاوف مشروعة لدى أبناء الأمّة العربية من أن لا تكون قرارات هذه القمة بمستوى التحديات التي تواجهها الأمّة، لاسيّما بعد التهديدات الأمريكية – الصهيونية بتهجير الشعب الفلسطيني (قسرياً أو طوعياً) وتوطينه في أقطار عربية بدءاً من مصر والأردن ولبنان وصولاً إلى السعودية، وبما يؤكّد أن فلسطين ليست وحدها هدف هذا المشروع الصهيو – أمريكي، بل الأمّة العربية برمتها.”.
وجاء في الرسالة:
“فتعزيزاً للأمل، وإبعاداً للقلق، نأمل في المؤتمر القومي العربي الذي انطلق في عام 1990، برعاية جامعة الدول العربية أن تسعى القمة إلى:
1. الرفض الكامل لمقترحات ترامب للتهجير (القسري أو الطوعي) لأهل غزّة ولتوطين الفلسطينيين خارج وطنهم والعمل بشتى الوسائل المتاحة لإسقاط هذه المقترحات ومفاعيلها، ونحذّر من أية محاولة للالتفاف على الموقف العربي الرسمي والشعبي الرافض لهذه المقترحات.
2. التبني الواضح والصريح والدعم الفاعل لقوى المقاومة في فلسطين ولبنان وعلى مستوى الأمّة كلها، باعتبارها رأس حربتنا في مواجهة العدوان والمشاريع الاستعمارية.
3. السعي للإنهاء الفوري للانقسام الفلسطيني على قاعدة التكامل بين الفعل المقاوم والعمل السياسي لما فيه مصلحة القضية الفلسطينية.
4. العمل الفوري على إطلاق آليات إعمار المناطق المنكوبة في غزّة ولبنان، بما فيها تأسيس صندوق عربي – إسلامي – دولي، لإعادة الإعمار في فلسطين ولبنان، وضمان إدارة شفافة وموثوقة لهذا الصندوق.
5. في الوقت الذي يؤكّد فيه المؤتمر القومي العربي على ضرورة تحمّل أمّتنا العربية والإسلامية مسؤولية إعادة إعمار غزّة وجنوب لبنان وتقديم التعويضات للعائلات المتضررة، فأنه يدعو الحكومات العربية إلى تحميل الاحتلال الصهيوني والإدارة الأمريكية وكل من دعم هذا العدوان مسؤولية إعادة الإعمار والتعويض على المتضررين في فلسطين ولبنان باعتبار أنهم هم المتسببون بالدمار الكبير وبالمجازر التي أدّت إلى استشهاد وجرح مئات الالاف من المدنيين وتشرّدهم.
6. الضغط على المحتل “الإسرائيلي” وحلفائه لينفّذوا كافة بنود اتفاقات وقف إطلاق النار في غزّة وجنوب لبنان وعلى رأسها الانسحاب الكامل من كل شبر من الأرض التي يحتلها العدو. ومن الجولان وجبل الشيخ وكل شبر من أرض سوريا الحبيبة.
7. طرد سفراء الكيان الصهيوني من العواصم العربية المعنية كخطوة على طريق إلغاء كافة اتفاقيات التطبيع مع العدو باعتبارها تفريطاً في الحقوق المشروعة لشعب فلسطين وللأمّة العربية .
8. استخدام كل ما هو متاح من وسائل الضغط السياسية والاقتصادية والشعبية والأمنية والثقافية من أجل إرغام الدول الداعمة للكيان الصهيوني على مراجعة مواقفها، والالتزام بالقرارات الدولية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.
9. السعي لتطوير العلاقات بين الدول العربية ودول الجوار في إطار تكامل عربي – إيراني – تركي ودول الجوار الأفريقي، لكي يقوم في هذه المنطقة من العالم، إقليم عربي – إسلامي – أفريقي ذو وزن مؤثر في السياسة والاقتصاد والثقافة والسعي لتنقية كل الشوائب في هذه العلاقات بما يصون مصالح كافة الأمم واستقلالها وسيادتها ومواردها وإبعادها عن كافة أنواع التدخلات في شؤونها… .”.