شهدت الساحة السياسية في العراق مؤخرًا تصاعدًا في الجدل حول دور الولايات المتحدة ومدى تدخلها في القرارات السيادية للبلاد، وذلك عقب الاتصال الهاتفي الذي جرى بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ووزير الخارجية الأمريكي.
وخلال الاتصال، دعا وزير الخارجية الامريكي الحكومة العراقية إلى التعاقد مع شركات أمريكية لتصدير النفط من إقليم كردستان، وهو ما أثار انتقادات واسعة من قبل بعض الأوساط السياسية العراقية، التي اعتبرت هذه المطالب تدخلًا في الشؤون الداخلية وانتهاكًا للأعراف الدبلوماسية المتبعة بين الدول.
ويرى بعض المراقبين أن هذا الاتصال يعكس الضغوط التي تمارسها واشنطن على بغداد في الملفات الاقتصادية، لا سيما في قطاع الطاقة، حيث تسعى الولايات المتحدة لتعزيز نفوذها في السوق العراقية.
وبالحديث عن هذا الملف أكد المحلل السياسي إبراهيم السراج أن بيان السفارة الأمريكية يؤكد تدخلها الكبير في شؤون العراق.
ويقول السراج في تصريح ، إن ” البيان الأخير الصادر عن السفارة الأمريكية يمثل تدخلًا واضحًا في عمل الحكومة العراقية والسلطة التنفيذية”، مشيرًا إلى أن ” ذلك يتعارض مع القوانين الدولية التي تحترم سيادة الدول”.
ويوضح أن ” الحزب الديمقراطي الأمريكي يمارس ضغوطًا على الحكومة العراقية من خلال منح عقود الشركات إلى مؤسسات مملوكة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي بدوره يدعم حكومة إقليم كردستان لتحقيق مصالح مشتركة بينهما”.
ويضيف أن ” ترامب يسعى من خلال هذه الضغوط إلى ضمان استمرار تصدير النفط من الإقليم، وإلزام الحكومة العراقية بدفع تكاليف الاستخراج التي تبلغ 16 دولارًا للبرميل لصالح الشركات النفطية الأمريكية التابعة له، مما يعكس مصالح اقتصادية وسياسية مترابطة بين واشنطن وأربيل”.
ويشير إلى أن ” الإدارة الأمريكية الحالية تحاول فرض هيمنتها على العراق، بما في ذلك تحديد طبيعة علاقاته مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية والفصائل المسلحة، إضافة إلى التأثير على الوضع في سوريا، في محاولة لتوسيع نفوذها الإقليمي عبر بغداد”.
وفي سياق متصل، يعتبر أن ” بيان السفارة الأمريكية بشأن الاتصال الذي جرى بين رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ووزير الخارجية الأمريكي يمثل تدخلًا مباشرًا في الشأن العراقي، لا يقتصر على السلطة التنفيذية فحسب، بل يمتد إلى السلطة التشريعية أيضًا”.
ويلفت إلى أن ” مناقشة وفد من السفارة الأمريكية مع وفد من البرلمان العراقي التعديلات الأخيرة على الموازنة تُعد انتهاكًا واضحًا للسيادة العراقية، خاصة وأنه لا يوجد أي قانون يتيح لهم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة مما يثير تساؤلات حول مدى استقلالية القرار السياسي والاقتصادي في العراق أمام هذه الضغوط الخارجية”.
يُذكر أن السفارة الأمريكية أصدرت بيانًا اليوم حول المناقشات التي جرت بين السوداني ووزير الخارجية الأمريكي، حيث طالب الأخير بضرورة تعاقد العراق مع شركات أمريكية لتصدير النفط من إقليم كردستان.