اغتالت إسرائيل، فجر أمس الأربعاء، بصاروخ موجّه، رئيس المكتب السياسي في حركة “حماس”، إسماعيل هنية، في مقر إقامته في طهران، حيث كان موجودا للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بزشكيان ما يهدد بدفع المنطقة نحو حرب شاملة. ونعت “حماس” هنية، الذي اغتيل مع حارسه الشخصي وسيم أبو شعبان، معتبرة أن “الاغتيال لن يمر سدى”.
وحسب القيادي في الحركة، خليل الحية، فإنه “وفقا لشهادات من كانوا مع هنية في مقر إقامته، فإن عملية الاغتيال تمت بصاروخ استهدف غرفته، حيث أصابه بشكل مباشر”. وأضاف أن “الصاروخ أدى إلى تدمير نوافذ وأبواب وجدران الغرفة التي كان فيها هنية”.
ودعت بعثة إيران الدائمة لدى الأمم المتحدة، مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة طارئة على إثر الاغتيال. وسوف تجرى لهنية مراسم تشييع رسمي وشعبي في طهران، اليوم الخميس، وسينقل جثمانه إلى العاصمة القطرية الدوحة عصرا حيث ستقام صلاة الجنازة على روحه في مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب في الدوحة بعد صلاة يوم الجمعة المقبل، ثم سينقل جثمانه إلى مثواه الأخير ليدفن في مقبرة الإمام المؤسس في لوسيل.
وستجرى مراسم تشييع الشهيد في الدوحة، بحضور شعبي وفصائلي ومشاركة قيادات عربية وإسلامية، حسب بيان لـ”حماس”.
وأثار اغتيال هنية، صدمة في مدينته غزة، التي تتعرض لعدوان إسرائيلي. وقال وائل قديح (35 عاما) لوكالة “فرانس برس “:”خبر كالصاعقة، كأنه حلم”.
وفي خان يونس عبّر أحمد وشاح أيضا عن صدمته. وقال “كان الخبر مفاجئا، إسماعيل هنية هو قائد المفاوضات، كان غير متوقع اغتيال أحد أعضاء فريق التفاوض”.
ولم يكتف الاحتلال باغتيال هنية في طهران، بل استهدف منزله المدمر في غزة، حيث كان يتجمع صحافيون ما أسفر عن استشهاد مراسل “الجزيرة” إسماعيل الغول والمصور رامي الريفي.
وفي رام الله، أدان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بشدة اغتيال هنية، الذي وصفه بـ”القائد الكبير”، واعتبره “عملا جبانا وتطورا خطيرا”، وطالب جماهير الشعب الفلسطيني وقواه بـ “الوحدة والصبر والصمود، في وجه الاحتلال الإسرائيلي”.
كما هاتف عباس رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل، وأعرب عن تعازيه الحارة، معلنا الحداد وتنكيس الأعلام ليوم واحد.
وفيما نعت فصائل فلسطينية عدة هنية، أعلنت القوى الوطنية والإسلامية، الإضراب الشامل في جميع الأراضي الفلسطينية تنديدا بالاغتيال، ودعت الجماهير الفلسطينية إلى الخروج في مسيرات غضب إلى مناطق التماس مع الاحتلال. كذلك أثار الاغتيال مواقف شاجبة بين القوى الفلسطينية في أراضي 48 .
وقال رئيس “الحركة العربية للتغيير” النائب أحمد طيبي لـ”القدس العربي” إن “سياسة الاغتيالات التي ينتهجها بنيامين نتنياهو وحكومته هي محاولة لإطالة أمد الحرب وتوسيع رقعتها”.
قطر: كيف تجري مفاوضات يقوم فيها طرف بقتل من يفاوضه؟
أدانت قطر، أمس الأربعاء اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” اسماعيل هنية في طهران، معتبرة أنه “جريمة شنيعة” و”تصعيد خطير”.
وقالت وزارة الخارجية القطرية “تدين دولة قطر بأشد العبارات اغتيال الدكتور إسماعيل هنية وتعتبره جريمة شنيعة وتصعيداً خطيراً وانتهاكاً سافراً للقانون الدولي والإنساني”.
وحذر رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، من أن اغتيال هنية يمكن أن يعرقل المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والحركة في غزة.
وقال عبر منصة “إكس” للتواصل الاجتماعي إن “نهج الاغتيالات السياسية والتصعيد المقصود ضد المدنيين في غزة في كل مرحلة من مراحل التفاوض، يدفع إلى التساؤل كيف يمكن أن تجري مفاوضات يقوم فيها طرف بقتل من يفاوضه في الوقت ذاته؟” .
وأضاف “السلام الإقليمي والدولي بحاجة لشركاء جادين وموقف دولي ضد التصعيد والاستهتار بأرواح شعوب المنطقة” .
آخر تصريح لهنية: القدس محور الصراع
أكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” إسماعيل هنية، في آخر ظهور تلفزيوني له أول أمس الثلاثاء من العاصمة الإيرانية قبل اغتياله، أن القدس في القلب وهي محور الصراع مع إسرائيل.
هنية أدلى بهذه التصريحات، لقناة “أس أن أن” الإيرانية على هامش حضوره معرض “أرض الحضارات” في طهران. وقد أشار إلى أن الدول وشعوب الأمة الإسلامية ترى في القدس أنها قبلتها الأولى، وأنها محور الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد أن الحضارات الإنسانية نشأت من هذه المنطقة ومن شعوبها، محذرا من محاولات البعض صناعة حضارات زائفة تعتمد على القتل وسفك الدماء ونهب الثروات واحتلال الأراضي.
وشدد على أن الحضارات الزائفة التي قامت على احتلال أراضي الغير ستنتهي لا محالة، وأن الحضارات الحقيقية التي تستند إلى القيم الإنسانية والشريعة السماوية تضمن استمرارها وبقاءها.
من سيخلف اسماعيل هنية؟
باغتيال دولة الاحتلال لرئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، فإن هناك شخصا واحدا من بين أسماء قليلة بحكم موقعها القيادي، ستؤول له قيادة الحركة في هذا الوقت الصعب.
وستتجه قيادة حركة “حماس”، وفق تقديرات، للاختيار ما بين ثلاث شخصيات لتولي منصب رئيس المكتب السياسي، لشغور منصب نائب رئيس الحركة، منذ اغتيال الشيخ صالح العاروري في بدايات شهر يناير/ كانون الثاني، من العام الجاري، في هجوم إسرائيلي استهدف أحد الأماكن في العاصمة اللبنانية بيروت.
وعلى الأرجح سيجري الاختيار من بين قادة فروع الحركة في هذا الوقت، وهم خالد مشعل رئيس حركة “حماس” في الخارج، أو يحيى السنوار رئيس الحركة في قطاع غزة، أو زاهر جبارين، الذي يتولى حاليا قيادة حركة “حماس” في الضفة الغربية، خلفا للشيخ العاروري.
وبحكم التركيب التنظيمي لـ “حماس”، فإن هؤلاء يتولون في الوقت الحالي أعلى المناصب القيادية في الحركة في الفروع، وهم أيضا من ضمن المكتب السياسي العام للحركة.
الابن الأكبر لهنية: أبي كان يطلب الشهادة ليل نهار
قال عبد السلام هنية، الابن الأكبر لرئيس المكتب السياسي لحركة “حماس”، الذي اغتيل في العاصمة الإيرانية طهران أمس الأربعاء، إن دماء والده “ليست أغلى من دماء أطفال غزة ولا رجالها”.
وأضاف هنية الابن لـ”الأناضول” عقب عملية الاغتيال: “دماء أبي ليست أغلى من دماء أطفال غزة ولا رجالها، ودموعنا ليست أغلى من دموع أهالي الشهداء” .
وتابع: “نقول للاحتلال مهما قتلت، لن توقف مسيرة الشعب الفلسطيني وثورته، فكل اغتيال لقائد يحيي ثورة جديدة لشعبنا وأمتنا”.
وفي فيديو له نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي قال عبد السلام : “كانت وصاياه (إسماعيل هنية) هي الوحدة الوطنية التي كان دائمًا يتطلع إليها، وإنهاء العدوان على غزة وكتابة النصر لشعبنا وأهلنا” .
وأضاف: “دماؤه ليست أغلى من دماء شعبنا، ولا من دمعة أمٍّ ذرفت على ابنها الشهيد” .
وتابع: “أبي كان يبحث عن الشهادة ليل نهار منذ أن سلك طريق المقاومة والثورة والنضال منذ نعومة أظافره” .