لندن – «القدس العربي»: كشف وزير الخارجية الإيرانية عباس عراقجي بشكل رسمي، عن وجود فرص استثمارية ضخمة في إيران متاحة أمام الشركات الأمريكية، ومنها بناء 19 مفاعلاً نووياً في إطار خطتها لإنتاج 20 ألف ميغاوات من الكهرباء.
ووفق معطيات تحققت منها «القدس العربي»، فإن مواقع عدد من تلك المفاعلات النووية التي تعتزم إيران إنشاءها، قد تم تحديدها بالفعل في محافظات ساحلية وهي، في الجنوب: خوزستان وبوشهر وهرمزغان وسیستان وبلوجستان. أما في الشمال فإن المحافظة الوحيدة التي يمكن إقامة مشاريع نووية فيها هي محافظة غلستان.
وأراد رئيس الدبلوماسية الإيرانية الإيحاء بأن التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي هو مصلحة مشتركة إيرانية -أمريكية، حيث أشار إلى أن «سوق إيران قد يؤدي إلى إنعاش الصناعة النووية الراكدة في الولايات المتحدة الأمريكية».
وأضاف أن بلاده «لم تمنع التعاون الاقتصادي والعلمي مع الولايات المتحدة، بل العقبة الرئيسية في هذا الصدد كانت الإدارات الأمريكية السابقة، التي كانت تتصرف في كثير من الأحيان تحت تأثير بعض المجموعات المؤثرة».
وأعلن عراقجي الذي يخوض المفاوضات مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «أن الفرصة الاقتصادية التي تبلغ قيمتها تريليون دولار والتي توفرها بلادنا، يمكن أن تكون مفتوحة أمام الشركات الأمريكية».
وأوضح «أن مجال الاستثمارات المفتوحة تلك متنوعة، ويشمل هذا الأمر الشركات التي يمكنها مساعدتنا في توليد الكهرباء النظيفة من مصادر غير الهيدروكربونية».
مواقف عراقجي جاءت في تغريدات حملت نص كلمته التي كان من المفترض أن يلقيها عبر دائرة تلفزيونية في مؤسسة كارنيغي بولاية نيوجيرسي حول «السياسة النووية الدولية»، وتم إلغاء إلقاء الكلمة بعدما أصر المنظمون على تحويلها إلى جلسة مفتوحة للأسئلة والأجوبة، فرفض الوزير الإيراني منعاً لتسرب تفاصيل المفاوضات النووية الحساسة مع الولايات المتحدة.
وفي موقف حاسم، رداً على المطالبة الإسرائيلية بتفكيك البرنامج النووي الإيراني، جدد عراقجي تمسك بلاده ببناء مفاعلات نووية جديدة حينما قال: «تملك إيران حالياً مفاعلاً واحداً نشطاً فقط في محطة بوشهر للطاقة النووية (جنوب البلاد)، وخطتنا طويلة الأمد هي بناء ما لا يقل عن 19 مفاعلاً إضافياً، وهذا يعني أن هناك عقوداً محتملة متاحة بمليارات الدولارات، وأن السوق الإيرانية وحدها كبيرة بما يكفي لإحياء الصناعة النووية الأمريكية المتعثرة».
وعن مستقبل المفاوضات، أشار عراقجي إلى أنه «إذا تم النظر إلى المستقبل، فإن أي اتفاق قد يتم التوصل إليه يجب أن يرتكز على حماية المصالح الاقتصادية الإيرانية، إلى جانب برنامج قوي للرصد والتحقق يضمن الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني. فهذا النهج وحده قادر على تحقيق الاستقرار والثقة على المدى الطويل شرط أن يكون في نطاق واضح للمفاوضات أيضاً، وينبغي لهذه المفاوضات أن تركز فقط على رفع العقوبات والقضية النووية، لأنه وفي منطقة مضطربة وغير مستقرة مثل منطقتنا، لن تتفاوض إيران أبداً على أمنها».
وكان من المقرر أن يجري اجتماع تشاوري بين خبراء أمريكيين وإيرانيين اليوم الأربعاء في سلطنة عُمان تمهيداً لمحادثات السبت بين عراقجي وويتكوف، إلا أن المتحدث باسم الوزارة إسماعيل بقائي، كشف أمس الثلاثاء، أنه تم «بناء على اقتراح عُمان وموافقة الوفدين الإيراني والأمريكي، إرجاء الاجتماع التشاوري الفني بين البلدين (…) إلى السبت»، دون أن يوضح إن كان سيؤثر ذلك على موعد المحادثات.
السبت الفائت، استضافت العاصمة الإيطالية روما الجولة الثانية من مفاوضات البرنامج النووي الإيراني في مقر إقامة السفير العماني، حيث مثّل الجانب الإيراني عراقجي، مهندس الاتفاق النووي لعام 2015. فيما ترأس الوفد الممثل للجانب الأمريكي المبعوث الرئاسي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
واستضافت مسقط أولى جولات محادثات إيران وواشنطن، حيث لاقت ترحيباً عربياً فيما وصفها البيت الأبيض بأنها «إيجابية للغاية وبناءة».
في هذه الأثناء، تتحدث طهران عن دور إيجابي تقوم به موسكو بشأن الملف النووي، فقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية: «نعتقد أن روسيا سوف تستمر في لعب دور مهم في القضية النووية الإيرانية في المستقبل». وأضاف: «نحن الآن في المراحل الأولى من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، ولن ندخل بعد في التفاصيل مع واشنطن حتى نتمكن من تقديم توقعات دقيقة بشأن القضايا النووية، ولكننا نتذكر دائماً الدور الإيجابي والبناء لروسيا، ونعتقد أن أصدقاءنا الروس مستعدون أيضاً للعب دورهم البناء إذا لزم الأمر».
بالتوازي، توقعت الصين إجراء مباحثات «معمّقة» مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي خلال زيارته إلى بكين (اليوم) الأربعاء، مشيرة إلى أن البلدين سيعملان على «توطيد الثقة السياسية المتبادلة». وأعلن غوو جياكون الناطق باسم الخارجية الصينية، خلال مؤتمر صحافي، أن «الطرفين سيجريان مباحثات معمّقة حول العلاقات الثنائية الصينية الإيرانية، فضلاً عن أبرز المسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».
وأضاف: «إننا على ثقة بأن هذه الزيارة لها أهمية كبرى من أجل (…) تشجيع التعاون في مجالات مختلفة بين البلدين والحفاظ معاً على التعددية».
والصين هي من الدول الأطراف في الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 والذي انسحب منه ترامب عام 2018 خلال ولايته الأولى.
والتزمت طهران بالاتفاق عاماً كاملاً بعد انسحاب ترامب منه، قبل أن تتراجع عن التزاماتها تدريجياً.