الوثيقة | مشاهدة الموضوع - هآرتس: هل سيكون “فيلادلفيا” سبباً في صدام عسكري بين مصر وإسرائيل؟
تغيير حجم الخط     

هآرتس: هل سيكون “فيلادلفيا” سبباً في صدام عسكري بين مصر وإسرائيل؟

القسم الاخباري

مشاركة » الاثنين مارس 03, 2025 6:04 pm

2.jpg
 
إذا لم يحدث تطور مفاجئ فيتوقع عقد مؤتمر القمة العربية في القاهرة، استمراراً للقمة المصغرة التي عقدت في الشهر الماضي في الرياض. كان هدف القمة طرح خطة واقعية لإدارة قطاع غزة في المرحلة الثانية من الاتفاق ولتخطيط المرحلة الثالثة التي سيبدأ فيها إعادة الإعمار. ولكن قرار إسرائيل أحادي الجانب بوقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، يضع الدول العربية أمام تهديد جديد يثير القلق. هذه عملية تُفسر كخطوة أولى قبل استئناف الحرب – إذا لم يتم إيجاد حل فوري لها فقد تسبب إعادة تهجير مئات آلاف سكان غزة الذين عادوا إلى شمال القطاع، وتسبب ضغطاً عسكرياً على جنوب القطاع، ثم إحياء خطة الترانسفير. منذ أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن خطته بخطوة هزت البلاط الملكي والجمهوري في الدول الجارة، يبدو أنها خفتت الآن.

وأمام هذا التهديد، يبدو أن خطوات الدول العربية من جهة، وخطوات إسرائيل والولايات المتحدة من الجهة الأخرى، تجري في خطين متوازيين يصعب الآن رؤية كيفية التقائهما. النقطة الوحيدة التي تتفق عليها الأطراف هي أنه لا يمكن لحماس أن تشارك في إدارة القطاع. تصريحياً، حماس أبلغت مصر، وبعد ذلك في رسالة للجامعة العربية، بأنها مستعدة لتبني أي حل لإدارة القطاع. “سواء عن طريق تشكيل حكومة توافق وطني تتكون من تكنوقراط، خبراء ومهنيين فلسطينيين، أو بتشكيل لجنة دعم مدنية كما اقترحت الحكومة المصرية”، هذا ما جاء في الرسالة التي أرسلها رئيس المجلس القيادي في حماس محمد درويش. ولكنه أوضح بأن حماس ستعارض أي حل يقترح وضع قوات أجنبية غير فلسطينية في القطاع، وأضاف بأن هدف حماس هو التوصل إلى اتفاق على بنية جديدة لـ م.ت.ف “على أساس التعاون بين جميع الفصائل الفلسطينية”، بما في ذلك حماس و”الجهاد الإسلامي”. أي أن حماس لا تنوي حل نفسها كإطار تنظيمي، ناهيك عن نزع سلاحها، “حتى إقامة دولة فلسطينية مستقلة”. في هذه القضية، لموقف حماس وزن كبير الآن، لكن وضع قوة متعددة الجنسيات أو قوة عربية في القطاع، أو نقل غزة لسيادة مصر بشكل مؤقت، كما اقترح يئير لبيد، كل ذلك غير موجود الآن على الأجندة، وذلك بسبب معارضة مصر الشديدة. القيادة العسكرية في مصر تطالب بشدة بأن تنفذ إسرائيل كل بنود الاتفاق الذي وقعته مع حماس. لا سيما البند المتعلق بانسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا. مصادر في مصر، قالت بأن الجيش المصري يعارض أي تنازل مصري في هذه القضية.

مصدر دبلوماسي مصري سابق، مطلع على المزاج السائد في قصر الرئاسة، قال أمس “قضية محور فيلادلفيا ليست فقط مسألة أمنية تكتيكية أو مسألة تخرق اتفاق كامب ديفيد”، حسب قوله، إن سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا توفر لها قوة لتقرر متى وهل تفتح الحدود بين غزة وشبه جزيرة سيناء، وهكذا تسمح لمئات آلاف الغزيين اجتياز الحدود والتمركز في الأراضي المصرية. “وقد تكون النتيجة كارثة”، أوضح المصدر. “لأن الجيش المصري قد يجد نفسه في وضع يجب عليه فيه إطلاق النار على المواطنين الهاربين لمنع دخولهم، والأخطر هو الوصول إلى مواجهة عسكرية مع القوات الإسرائيلية”.

المصدر نفسه، أضاف أيضاً بأن التفسير الذي تم تقديمه في مصر لقرار إسرائيل وقف إدخال المساعدات الإنسانية هو أنه يستهدف ليس معاقبة حماس أو استخدام الضغط عليها لتشكيل خطة جديدة لاتفاق تبادل المخطوفين، بل لتحويل طرد الغزيين من القطاع إلى أمر ملموس. المساعدات الإنسانية كسوط يمكن بواسطته إجبار الدول العربية على طرح حل مقبول لمسألة استمرار وجود حماس في القطاع.

ولكن خلافاً لتفسير مصر، الذي يعتبر تطبيق الاتفاق مع حماس ضمانة لوقف التهديد على مصر، يبدو أن إسرائيل لا تبحث عن حل إداري أو سياسي لقضية وجود حماس في غزة. إذا حكمنا على الأمور حسب تصريحات رئيس الحكومة نتنياهو والوزراء، فإن هدف إسرائيل هو تدمير حماس وتخليد سيطرة إسرائيل على القطاع، “ما دامت هناك حاجة إلى ذلك”. من هنا، فإن اقتراحات عربية لإدارة القطاع بواسطة قوة عربية أو قوة متعددة الجنسيات، ناهيك عن أن تكون بواسطة السلطة الفلسطينية، لا تعد جزءاً من خطة العمل التي تنوي إسرائيل تبنيها. حسب رأيها، ما دامت تحظى بدعم أمريكي كامل لأي قرار تتخذه، بما في ذلك خرق اتفاق إعادة المخطوفين الذي تم التوصل إليه بضغط أمريكي وحصل على وصفه بالإنجاز المهم للرئيس ترامب، فإنها تستطيع رسم مسار المفاوضات مع حماس ومع دول الوساطة. وهذا المسار يؤدي إلى الهدف الاستراتيجي الذي تطمح إليه، حتى لو بالتضحية بالمخطوفين أو دفن التطبيع مع السعودية نهائياً.

إطار زمني صارم

بناء على ذلك، فإن احتمالية تطبيق اقتراح مصر المؤقت الجديد الذي نشر أمس، غير واعدة؛ فهو ينص على أن وقف إطلاق النار سيستمر لأسبوعين، يتم فيهما تحرير مخطوفين أحياء وأموات على دفعتين. وتتعهد مصر بزيادة نشاطات الرقابة وإحباط العمليات على طول محور فيلادلفيا (حسب الخطة التي اقترحها الأمريكيون من قبل)، في الوقت نفسه، استئناف المفاوضات حول استكمال المرحلة الثانية في الصفقة. نفت إسرائيل وجود هذا الاقتراح المصري، أما خطة ويتكوف، التي تبناها نتنياهو (إطلاق سراح نصف المخطوفين في اليوم الأول من تطبيق الخطة، وبعد ذلك وإذا تم التوصل إلى اتفاق حول وقف دائم لإطلاق النار، يتم إطلاق سراح باقي المخطوفين) فسيصعب تنفيذها. حماس في الحقيقة رفضت الخطة، لكن حتى لو وافقت عليها فإن القسم الثاني فيها كان سيواجه عائقاً بسبب موقف إسرائيل الثابت والحازم الذي يعارض وقف إطلاق النار بشكل دائم. فعلياً، كانت ستبقي نصف المخطوفين في أسر حماس، مقابل الاتفاق القائم الذي تطبيقه، على الأقل نظرياً، يمكن أن يعيد جميع المخطوفين إلى بيوتهم.

على هذه الخلفية، من غير الواضح ماذا سيحقق وقف المساعدات الإنسانية عدا استعراض القوة. حماس التي لديها احتياطي كبير من البضائع التي خزنتها خلال وقف إطلاق النار، حيث دخل إلى القطاع 600 شاحنة غذاء ودواء كل يوم في حينه، يمكنها -حسب التقديرات- أن تصمد وتوفر احتياجات السكان لأسابيع، وربما لأشهر، وبالتأكيد أبعد من الفترة المحددة لاستكمال المرحلة الثانية من المفاوضات. المعنى، أن الجدول الزمني سيعرض حياة المخطوفين للخطر، في حين تعيد حماس تنظيم نفسها والتمركز في القطاع بدون أن يتعين عليها تنفيذ دورها في الاتفاق الذي خرقته إسرائيل.

لكنها فترة زمنية حاسمة، لن تسمح إسرائيل لنفسها فيها انتظار تأثير الضغط الإنساني على حماس. لا أحد يعد بعدم وجود تطورات دبلوماسية وسياسية تملي سلوكها. في الواقع، لا حاجة إلى تعليق الآمال على القمة العربية، لكن للسعودية وزناً ثقيلاً في رسم سياسة ترامب في الشرق الأوسط، سواء تم اختيارها من قبل ترامب لاستضافة المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا حول الحرب في أوكرانيا، أو لكونها الوسيطة بين الولايات المتحدة وإيران. الرياض التي تعهدت باستثمار 600 مليار دولار في عهد ترامب في أمريكا، تبنت خطة مصر لإدارة غزة، وربما تشكل الدولة الرئيسية في المضي بحل إداري في القطاع لمنع استئناف الحرب.

ترامب أعطى إسرائيل يداً حرة للعمل في غزة، لكن السعودية ملتزمة تجاه مصر والأردن بمنع تنفيذ خطة الترانسفير، وهو ما قد يؤدي وقف المساعدات الإنسانية واستئناف الحرب. وما لا يقل أهمية تعهد ويتكوف الشخصي بإطلاق سراح جميع المخطوفين. وحتى الآن، لم يصرح بصورة تدل على أن استئناف الحرب قد يحقق هذا الهدف.



تسفي برئيل

هآرتس 3/3/2025
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار