الوثيقة | مشاهدة الموضوع - تحليل: ميثاق تحاصص غير مكتوب يقسّم المناصب والثروات بين القوى المتنفذة: هو الأب لجميع ملفات الفساد
تغيير حجم الخط     

تحليل: ميثاق تحاصص غير مكتوب يقسّم المناصب والثروات بين القوى المتنفذة: هو الأب لجميع ملفات الفساد

مشاركة » السبت فبراير 20, 2021 6:01 pm

7.jpg
 
بغداد/المسلة: يتّحد العراقيون في الموقف من الفساد بانه يرسم مستقبل مجهول لبلادهم التي خرّبتها الحروب المتلاحقة، وهو ما يرفع مستويات التشاؤم وانعدام الثقة، في النخب، وبين المواطنين أنفسهم.

وفي حين تشير الاستطلاعات الى نقمة شعبية من ظاهرة الفساد، لكنه يُمارس في كل مكان، بين الموظفين العاديين، الى كبار السياسيين والنواب وموظفي الدرجات العالية، ما يقوض الثقة الشعبية في العملية السياسية، ويدمر شرعية زعاماتها في أعين السكان.

وتكمن المشكلة في عدم التقدم الى أمام في مكافحة الفساد، ان معالجته تنصب على كونه جريمة فردية، فيما طبيعة المشكلة، أبعد من هذا التصور القاصر، لان الذي يسمح به بشكل أساسي هي بنية النظام السياسي نفسه، والدور الذي تلعبه الأحزاب.

ويتم تقاسم محصلات الفساد بين الأحزاب التي تهيمن على السياسة العراقية من خلال آليات ميثاق النخبة، وهو بمثابة عقد متفق عليه لكنه غير مكتوب، رسمته المحاصصة الطائفية ، التي وزعت البلاد على شكل اقطاعيات منذ 2003.

ولا يقسّم هذا العرف الفاسد، المناصب الوزارية فقط بين كبار أعضاء الأحزاب التي تفوز في كل انتخابات وطنية ، ولكنه يضمن ايضا محاصصة الطائفة، ونظام الوكالة، حيث يتمتع هؤلاء السياسيون بسلطة احتكار المناصب لمرشحيهم في أعلى الخدمة المدنية.

وفي أعقاب كل انتخابات، تجتمع الأحزاب الفائزة للتفاوض على حكومة وحدة وطنية، بالاسم لا بالفعل، لان الوزارات والميزانيات تُمنح للأحزاب على وفق اتفاق ميثاق النخبة الفاسد، لا اعتمادا على نتائج صناديق الاقتراع.

تشير المقابلات التي أجراها باحثو تشاتام هاوس إلى أنه في أعقاب انتخابات 2018، على سبيل المثال تم منح ما يقرب من 800 وظيفة عليا في الخدمة المدنية ، منتشرة في جميع الوزارات، بالإضافة إلى الوزارات نفسها ، حيث تلك الصفقات، جزءًا من مفاوضات تشكيل الحكومة.

يمكن ملاحظة مدى هذه الممارسة منذ العام 2003 في النمو السريع لرواتب الدولة، والتي توسعت من 850 ألف موظف في عام 2004 إلى ما بين سبعة وتسعة ملايين في العام 2016.

وفي حقبة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي، تزايدت اعداد الفضائيين، والموظفين بشكل قياسي.

ويقوم المدراء العامون المتحالفون مع الاحزاب، المعينون بالوكالة، بتقاسم الموارد الفاسدة مع النخبة الحاكمة التي تقف خلفهم.

ويمكن القول ان ميثاق التوافق والتحاصص في المناصب والثروات، بين القوى المتنفذة هو الأب لجميع ملفات الفساد.

وتُمنح العقود للشركات التي يديرها كبار أعضاء الأحزاب ومقاوليها واتباعها المخلصين. وهؤلاء يحصلون على أموال المشاريع كاملة، لكنها تستقر في الجيوب وليس في مكان المشروع، الذي يبقي في الغالب من دون انجاز.

وبهذه الطريقة تمول الأحزاب السياسية المهيمنة، انفاقها وفعالياتها.

وأدى هذا الايغال في الفساد، الى تظاهرات جماهيرية في 2011 و 2015 و 2018. وفي كل موجة، خرج المتظاهرون إلى الشوارع مطالبين بإصلاح النظام السياسي الذي أدى إلى ظهور هذا الفساد المستشري.

وكما تشير شعاراتهم ولافتاتهم، فان المتظاهرين لا يرون الفساد في الأساس قضية جشع شخصي وخروج على القانون، بل نتيجة مباشرة للنظام السياسي والأحزاب المسيطرة عليه.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير