الوثيقة | مشاهدة الموضوع - التمور الجزائرية والخلاف مع المغرب!
تغيير حجم الخط     

التمور الجزائرية والخلاف مع المغرب!

مشاركة » الخميس إبريل 08, 2021 10:59 pm

5.jpg
 
نعمان لحلو فنان ملتزم بالقضايا الإنسانية، ومتحدّث لبق وجيد. تلك صفتان من بين صفات أخرى تجعله ضيفًا خفيفًا، حاضرًا في العديد من البرامج التلفزيونية، وهو يستحقّ ذلك؛ بخلاف مجموعة من «مُطربي» آخر ساعة الذين يقفزون بالمظلات وينزلون فوق سطوح السهرات الفنية، لكنهم «لا في العير ولا في النفير» على حد قول العرب قديمًا؛ لا صوتًا طروبًا، ولا طلاقةً في التعبير، ولا عمقًا في الرؤية، ولا رُقِيًّا في الموقف.
استُضيفَ نعمان لحلو، الأسبوع الماضي، من طرف برنامج «مساء الخير يا مغرب» على قناة «شذى تي في» بمناسبة إصداره أغنية جديدة عن مرضى «التوحّد» وهي محطة من محطاته الفنية المشرقة الحبلى بالمشاعر الإنسانية والاجتماعية، إذ سبق له أن غنّى عن الفقر وعن أطفال السرطان وعن متشردي الشوارع… كما غنّى عن مأساة اللاجئين السوريين من خلال الطفل «إيلان» الكردي، بجانب غنائه عن جمال المدن المغربية.
سأله منشط البرنامج الإعلاميُّ الحسين شهب، لماذا لا يركّز الكثير من الفنانين والمنتجين مثله على الأغاني ذات الرسالة الإنسانية؟ فأجاب: لأنها لا تدرّ أرباحا. وأوضح أن المسألة ليست مسألة صوت غنائي وإمكانيات مادية، ولكنها مسألة مبدأ واقتناع. ودعا إلى القيام بحملات توعية من أجل تشجيع الفنانين والمنتجين على تقديم أعمال فنية بمضمون إنساني تضامني.
وُجّهتْ انتقادات لنعمان لحلو في شأن «الفيديو كليب» المعنون بـ»الضوء الأحمر» إذ قيل له عبر مواقع التواصل الاجتماعي: كيف تغنّي عن أطفال الشوارع، وأنت تظهر في العمل على متن سيارة فخمة إلى حد ما؟ فأجاب: «هنا تكمن الدراما، أنا أمثّل شخصا يقود سيارة، فتقع عيناه على أولئك الأطفال الذين يعيشون الواقع المؤلم. الأمر يتعلق بتمثيل ومحاكاة، وليس تجسيدًا لشخصيتي».
ومن باب الوفاء والاعتراف، استحضر لحلو اسم الفنان الكبير عبد الوهاب الدكالي الذي كان سباقا للتطرق إلى إحدى القضايا الاجتماعية والإنسانية، من خلال أغنية «مونبارناس» التي كتب كلماتها الشاعر محمد الباتولي، وهي تتحدث عن مقتل مهاجر عربي في ذلك الحي الباريسي.
«فقط، أحاول أن أكون إنسانا، وصعبٌ أن تكون إنسانا» بهذه الكلمات ردّ نعمان على وصفه بالفنان المتمرّد.
منذ حوالي ست سنوات، حين أنجز أغنية «الموجُ أرحم» عن الطفل الغريق إيلان الكردي، اعتبر البعض أنه يستغلّ قضية مأساوية لغرض تجاري، فأطلق نعمان صرخة مدوية عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك» قائلا: «الكثير من التعليقات على هذا الموقع، تتكلم عن استغلال تجاري لقضية الطفل إيلان. أقول لهم: طوبى لكم بغبائكم وقسوتكم. هذه أغنية أنتجتُها على حسابي ونشرتُها على صفحتي، ومن ثم أخذتْها كل المواقع. أين هو الجانب المادي أو التجاري؟ الموضوع بيني وبين الله، ثم بيني وبين التاريخ».
والواقع أن ارتباط الفنانين العرب عمومًا بقضايا إنسانية ما زال لم يترسخ بعدُ كثقافة وكسلوك واقتناع، اللهمّ إلا حالات قليلة، في حين نجد العديد من الفنانين الغربيين لا يقتصرون على تجسيد ذلك عبر أعمالهم الفنية فقط، في الأغنية والمسرح والسينما وغيرها، بل يجسدون البعد الإنساني أيضًا من خلال المبادرات التي يقومون بها في العديد من مواطن الفقر والأزمات، حيث يبذلون من أجلها الغالي والنفيس، في سبيل تأكيد الجانب التضامني وترسيخ مبدأ الشعور الإنسانيّ العام.

بعيدة عن العين… قريبة من القلب!

حالَ إعلانُ الحكومة المغربية عن الإغلاق اليومي في رمضان، دون فرحة المواطنين المغاربة بانخفاض أثمان التمور المحلية، انخفاض أسهبت في سرد أسبابه وتفاصيله العديد من المواقع الإلكترونية بالصوت والصورة. لكنّ الطريف في المسألة أن موضوع التمور غُلّف بطابع سياسي، إذ أُقحِمَ في الصراع الجاري بين البلدين الشقيقين. ومن ثم، تعالت الدعوة إلى مقاطعة التمور الجزائرية، ردًّا على الحرب الكلامية التي يخوضها العسكر هناك ضد المغرب عبر قنواته المختلفة، وصلت إلى حد السخرية من رموز السيادة المغربية. وإمعانًا في التأكيد على المقاطعة، حذّر البعض من أن التمور الجزائرية تحتوي على مواد مسمومة وخطيرة!
وعلى ذكر التمر، كانت صادمةً مشاهدُ بعض المواطنين المغاربة من سكان فجيج (شرق البلاد) وهم يحملون عبر شاحنات ما استطاعوا حمله من أغراسهم من النخيل المسقية بمائهم وعرقهم في منطقة «العرجة» التي بسط الجيش الجزائري نفوذه عليها.
صحيحٌ أنّ سلطات الرباط التزمت الصمت إزاء القضية، وفوّتت على نظيرتها الجزائرية فرصة الركوب على الموضوع من أجل إشعال فتيل مواجهة ما، وشغل المواطن الجزائري عن قضاياه الداخلية. ولكنّ السلطات المغربية نفسها مطالبةٌ بأنْ تضع نصب عينيها التعجيل بتوفير شروط تنمية شاملة في بلدة فجيج وضواحيها، حتى لا يشعر سكانها أن وطنهم تخلّى عنهم، عملاً بالفكرة الظالمة والخاطئة: «بعيد عن العين، بعيد عن القلب».
فلتكن فجيج، عروس الشرق، قريبة من القلب حتى وإن كانت بعيدة عن العين!

مدنية لا عسكرية!

لم يجد التلفزيون الجزائري من مواد يكثف بها حملته المتواصلة ضد المغرب، غير الاستنجاد بفقرات فيديو مبثوثة على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر تعنيف المدرّسات والمُدرّسين المغاربة خلال مظاهراتهم الاحتجاجية في الرباط.
صحيح أنّ تلك الصور السمعية البصرية حقيقية فعلاً، وصحيح أيضًا أنها صادمة، من حيث كونها أبرزت الاستعمال المفرط للقوة ضد متظاهرين سلميين، واعتقال بعضهم. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: لماذا يغضّ التلفزيون الجزائري الطرف عن الحراك المتجدد أسبوعيا في بلده؟ عِلمًا بأنّ مَطالب المُدرّسين المغاربة مهنية محضة، تتعلق بالإدماج في الوظيفة العمومية، بينما مطالب المحتجّين الجزائريين ذات طبيعة سياسية، تتمثل في التغيير ومدنية الدولة وإلغاء هيمنة العسكر على الحكم… وعلمًا كذلك بأنّ الكثير من المُشاركين في الحراك الجزائري يتعرضون للقمع والعنف والاعتقال، كما تشهد بذلك وسائل الإعلام الأجنبية والمنظمات الحقوقية الدولية.

حلّ توفيقي!

بذل الإعلامي التونسي صالح الأزرق جهودا مضنية، وهو يحاول من خلال برنامجه «الرأي الحر» على فضائية «الحوار» الوصول إلى حل توفيقي وسط في قضية الصحراء، بين الدعوة التي وجهتها الجزائر إلى المغرب من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات مع جبهة «البوليساريو» وبين إصرار المغرب على أن الحوار ينبغي أن يكون مع الجزائر نفسها، باعتبارها هي من تحتضن «الجبهة» وترعاها وتمدها بالسلاح وتدعمها سياسيا وإعلاميا.
متدخلون كثر أدلوا بدلوهم هاتفيًّا في الموضوع، مغاربة وجزائريون، ومن دول عربية أخرى.
أحد الاقتراحات المقدمة من مُشاهد متّصل راقَ للصحافي صالح الأزرق، وهو الاقتداء بما فعلت منظمة التحرير الفلسطينية في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، حيث دخلت ضمن الوفد الأردني. ومن ثم، اقترح أن تدخل «البوليساريو» ضمن الوفد الجزائري في الحوار مع المغرب.
لكن هذا الاقتراح لن يقبله أي طرف من الأطراف الثلاثة، وبالتالي يبقى الوضع على ما هو عليه حتى إشعار آخر!

كاتب من المغرب
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير

cron