الوثيقة | مشاهدة الموضوع - عودة الفوضى والانفلات الأمني في العراق والمشروع الإقليمي : مصطفى العبيدي
تغيير حجم الخط     

عودة الفوضى والانفلات الأمني في العراق والمشروع الإقليمي : مصطفى العبيدي

مشاركة » الأحد إبريل 18, 2021 3:51 am

5.jpg
 
بغداد-»القدس العربي»: تتوإلى المؤشرات في المشهد العراقي على بدء مرحلة جديدة من تصعيد الفصائل الولائية، للتوتر الأمني والسياسي في البلد، عبر عودة التفجيرات في شوارع المدن، واستهداف الناشطين، وتأجيج الخطاب الطائفي، إضافة إلى شن المزيد من الهجمات على المصالح الدولية، في سياق تداعيات التوتر المتزايد في العلاقات الإيرانية الأمريكية، والمفاوضات الإيرانية الأوروبية حول الملف النووي.
ففي تطور لهجمات الفصائل، تعرضت قاعدة التحالف الدولي في مطار أربيل بكردستان العراق، لهجوم بطائرة مسيرة، بالتزامن مع شن هجوم صاروخي على قاعدة للقوات التركية في شمال العراق. وجاء الهجوم على مطار أربيل، وهو الثاني خلال نحو شهرين، بطائرة مسيرة تحمل متفجرات، استهدفت مركزا للتحالف الدولي داخل المطار، وتسببت بخسائر مادية في أحد المباني. وهذه المرة الأولى التي يتم فيها شن هجوم بطائرة مسيرة حيث كانت الهجمات السابقة على القاعدة الأمريكية في أربيل تتم بصواريخ الكاتيوشا.
وقد نددت رئاسة إقليم كردستان بالهجومين «الإرهابيين» مشددة على «ان تكرار مثل هذه الهجمات يتطلب موقفا جديا، وينبغي لإقليم كردستان والحكومة الاتحادية العراقية وبمساندة التحالف الدولي، ان تتصدى إلى المجاميع التي تقف وراء هذه الهجمات، وان تضع حدا نهائيا لها من أجل ألاّ تعرض أمن واستقرار البلاد للخطر».
القيادي البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، اعتبر «أن الجهة التي تقف خلف الهجوم الجديد هي نفسها التي نفذت هجوم 15 شباط/فبراير الصاروخي على مطار أربيل» عادا الهجوم بانه «تصعيد خطير».
وتأكيدا للتوقعات، أعلنت ميليشيا «النجباء» الموالية لإيران، بان «تحديد الخطر على العراق وكيفية التعامل معه هي وظيفة أبناء العراق الذين خرجوا بالملايين مطالبين برحيل الاحتلال» في إشارة إلى القوات الأمريكية، وفي تعزيز لتصريحات سابقة لقيادات ميليشياوية، أكدت فيها انها ستتعامل مع تواجد تلك القوات، من دون العودة لحكومة الكاظمي، التي اكتفت كالعادة بفتح تحقيق في «الاعتداء» الذي وقع في أربيل.
ويبدو ان تكرار استهداف مقر قوات التحالف الدولي في أربيل، ترك هذه المرة ردود أفعال امريكية غاضبة، حيث أعربت الخارجية الأمريكية عن «غضبها الشديد من تكرار الاعتداءات الصاروخية التي استهدفت مراكز للتحالف الدولي في أربيل» مبينة ان «الشعب العراقي عانى طويلا جدا من هذا النوع من العنف وانتهاك سيادته!» وكأن الاحتلال الأمريكي لم يكن السبب المباشر وراء تدهور الأوضاع في البلد منذ 2003.
وحذر روب والر، القنصل الأمريكي في أربيل من إنهم سيضطرون إلى اتخاذ إجراءات لحماية أنفسهم، إذا لم توفر لهم السلطات العراقية الحماية، مشددا على أن «الفصائل الموالية لإيران تهدد البعثات الدبلوماسية الأجنبية» وليكشف سرا جديدا عندما أعلن ان «الفصائل المسلحة التابعة لإيران، ليست منضبطة أبدا!». ورغم ان الغضب الأمريكي من الهجمات، تعززه طلبات متكررة من حكومة الإقليم والقوى الوطنية العراقية، بضرورة الجدية في مواجهة الفصائل المنفلتة التي تعجز حكومة بغداد عن السيطرة عليها، إلا ان الرد المنتظر لا يلوح في الأفق القريب.
في اليوم نفسه الذي وقع فيه الهجوم على مطار أربيل، سقطت صواريخ أخرى على قاعدة في مدينة بعشيقة في نينوى شمال العراق، تتواجد فيها قوات تركية تشارك في محاربة حزب العمال الكردستاني التركي المعارض الذي لديه قواعد في الأراضي العراقية. وقد أسفر الهجوم على بعشيقة عن مقتل جندي تركي، كما اصيبت شابة عراقية بجروح في قرية مجاورة للقاعدة. وكانت منظمة بدر الشيعية الموالية لإيران، هددت مؤخرا باستهداف القوات التركية التي تلاحق حزب العمال (حليف القوى الشيعية).
وتزامنا مع الهجومين الجديدين شمال العراق، وقعت أربعة انفجارات، على طريق مرور الأرتال التابعة لقوات التحالف الدولي في جنوب العراق، فيما وقع في اليوم التالي تفجير بسيارة مفخخة في منطقة شعبية وسط بغداد أسقط ضحايا مدنيين، إضافة إلى اغتيال ناشط تظاهرات في الناصرية ضمن مسلسل استهداف الناشطين لإسكات الأصوات المعارضة. وترافق ذلك مع تسريبات من مصادر إيرانية وفصائل ولائية، عن هجوم على مقر للموساد في أربيل ووقوع خسائر في الأرواح، إلا ان سلطات الإقليم لم تعلن عنه، وليؤكد ذلك التزامن في الهجمات أن تحرك الفصائل المنفلتة يتم بأوامر من مصدر واحد.
ولم يكن الجانب السياسي بعيدا عن التصعيد، عندما شدد تحالف الفتح الذي يضم الفصائل الولائية، على ضرورة إسراع الحكومة في اتخاذ القرارات لإنهاء التواجد الأمريكي في العراق، فيما قاد التيار الصدري وبقية الكتل الشيعية، حملة واسعة لإسقاط عضوية النائب (السني) ظافر العاني في البرلمان، لقيامه بطرح وجود انتهاكات واستهداف للمتظاهرين واستمرار وجود آلاف المغيبين على يد الميليشيات في العراق، أمام الاجتماع الأخير للبرلمان العربي.
ويتوقع المراقبون بأن تصعيد أجواء العنف والتوتر السياسي والطائفي في العراق، هذه الأيام، تقف خلفه الدولة العميقة الولائية وأذرعها، لتحقيق أهداف عديدة ضمن المشروع الإقليمي، إضافة إلى تعميق الأزمات بين بغداد وأربيل وخلق أجواء لعرقلة الانتخابات المقررة في تشرين الأول/اكتوبر المقبل، لخشية أحزاب السلطة من فقدان هيمنتها على الدولة ومواردها.
ومع التصعيد الجديد الواسع لتحركات الفصائل الولائية في العراق، فالمؤكد انه جزء من المواجهة المفتوحة بين إسرائيل والولايات المتحدة من جهة وبين إيران، التي تتسع في المنطقة سواء في الخليج العربي والبحر الأحمر أو في سوريا ولبنان والعراق واليمن، مما يشير إلى ان إيران قررت تحريك كافة أدواتها في الساحات التي تحت نفوذها، لإرسال رسائل ابتزاز إلى حكومات المنطقة والولايات المتحدة وأوروبا، بالتزامن مع المفاوضات الإيرانية الأوروبية حول الملف النووي الإيراني، ليعكس ذلك ثقل العقوبات الدولية على طهران ورغبتها برفعها بأسرع وقت ممكن لإيقاف آثارها المدمرة عليها.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات

cron