الوثيقة | مشاهدة الموضوع - إسرائيل بعد قرار “لاهاي”: تنفسنا الصعداء.. وسنستمر في حربنا متابعات
تغيير حجم الخط     

إسرائيل بعد قرار “لاهاي”: تنفسنا الصعداء.. وسنستمر في حربنا متابعات

مشاركة » الاثنين يناير 29, 2024 8:15 am

كان التخوف الأكبر لدى إسرائيل هو أن تصدر محكمة العدل الدولية أمراً لوقف القتال، لكنه تخوف تبدد. وما إن تبدد حتى باتت كل خطوة أو أمر تصدره المحكمة أقل قلقاً بكثير، وكلها تقع في نطاق المعقول وفق نظرة إسرائيل؛ لأننا تعهدنا تجاه الولايات المتحدة وأهم حلفائنا (ألمانيا وبريطانيا وفرنسا) بالعمل حسب قواعد القانون الإنساني الدولي. وعلى أي حال، تغيرت طبيعة القتال بشكل يسمح الآن بإدخال مساعدات إنسانية للسكان. وترى إسرائيل في هذا تنفساً للصعداء.

الاستعداد الإسرائيلي للبحث في لاهاي أثبت نفسه، وتصدرت هيئة الأمن القومي في الشهر الأخير طاقماً متعدد الوزارات لإعداد المعركة القانونية – السياسية ضد دعوى جنوب إفريقيا. وقرر الطاقم برئاسة رئيس الهيئة تساحي هنغبي المشاركة في البحث الذي تقرر في المحكمة وعدم مقاطعته؛ إضافة قاض إسرائيلي إلى الهيئة هو القاضي اهرون باراك؛ التوجه إلى شخصيات ذات سمعة في مجال القانون الدولي لتمثيل إسرائيل في البحث، وعلى رأسهم البروفيسور مالكون شو.

النتيجة إيجابية حتى الآن: رغم الأقوال المثيرة للحفيظة من المحكمة، والتي استندت إلى تقارير مغرضة لسلطات الأمم المتحدة، لم تكن إسرائيل مطالبة بوقف أعمالها في غزة لتحقيق أهداف الحرب، وعلى رأسها إبادة حماس وإعادة المخطوفين. هذه ضربة شديدة لحماس التي علقت آمالاً بالإجراء القضائي كمخرج أخير.

وقالت مصادر سياسية رفيعة المستوى: “قد يكون هذا هو أفضل ما يمكننا تلقيه، إذ فشلت جنوب إفريقيا في محاولة وقف الحرب. هذه مطالب ملزمة بها إسرائيل على أي حال، ولا شيء عملياً فيها. سيستمر القتال كالمعتاد”.

ستحترم إسرائيل قرار المحكمة، لأنها ترى الآن أنها تحترمها. في اللحظة التي تضم أوامر احترازية كهذه، مع مطالبة إسرائيل برفع تقرير إلى المحكمة بعد شهر عن كيفية تنفيذها للأوامر، فهذا يعني أننا نملك زمناً غير قصير لمواصلة العمل وتحقيق إنجازات أمنية لدولة إسرائيل. فنحن نعرف أنه لا يمكننا فعل هذا إلى الأبد. لذا، يمكن القول إننا نملك شهراً – شهرين آخرين لننهي المهمة في الجانبين: الأول تصفية قادة حماس وقدرات حماس، والثاني تحرير المخطوفين. ولأننا أُعفينا من الأسوأ، فهذا الإنجاز الأهم. فالطرف الآخر يدعي النصر، لأن المحكمة في واقع الأمر اعترفت بإمكانية وشرعية البحث في مسألة ما إذا كنا نقوم بإبادة جماعية أم لا. لكن من جهة أخرى، هذا نصر ليس له معنى؛ لأن المحكمة لا تمنع إسرائيل من أعمالها بأي شكل. جنوب إفريقيا فازت من ناحية تصريحية، لكن عملياً فزنا، بلا شك.

لا ينبغي التباهي بالإنجاز أكثر مما ينبغي؛ فإن جرنا إلى محكمة لاهاي (والتي أقيمت بتأييد من إسرائيل بعد المحرقة) بل ومن دولة فاسدة كجنوب إفريقيا، متماهية مع إيران وحماس، فهذا وحده ضرر إعلامي جسيم سيرافقنا لسنوات. حتى مع وجود احتمال طفيف بأن تثبت جنوب إفريقيا أن إسرائيل ارتكبت جريمة إبادة شعب، فقد نجحت بما لم تنجح فيه حركة الـ “بي.دي.اس” لعشرات السنين. بالمناسبة، من ساهم في هذا الوضع هم وزراء اليمين وتصريحاهم غير المسؤولة.

ما الذي قررته المحكمة في واقع الأمر؟ أصدرت المحكمة الدولية عملياً ستة أوامر أو تدابير مؤقتة، بينما طلبت جنوب إفريقيا تسعة. وحسب الأوامر، إسرائيل مطالبة باتخاذ كل الإجراءات لمنع الإبادة الجماعية، بضمانها (إسرائيل) بشكل فاعل وفوري عدم ارتكاب جيشها إبادة جماعي، واتخاذها كل الإجراءات لمنع وتعاقب التحريض على الإبادة الجماعية؛ (أيد هذا البند مندوبنا أهرون باراك أيضاً، لكن المستشارة القانونية أعلنت بأنها تفحص مثل هذه التصريحات. ليس معقولاً أن تكون هذه قد تجاوزت المستوى الأعلى لموضوع حرية التعبير، خصوصاً لمنتخبي الجمهور الذين يتمتعون بحصانة جوهرية)؛ وأن تقوم إسرائيل بأعمال فورية وفاعلة للسماح بالخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية للسكان الفلسطينيين في غزة. أيد أهرون باراك هذا أيضاً. وعملياً، تستقبل إسرائيل هذه الخطوة بالترحاب؛ كما أن على إسرائيل اتخاذ إجراءات فاعلة لمنع التدمير وتضمن حفظ أدلة تتعلق بالاتهامات في الإبادة الجماعية. وفي النهاية، أن ترفع إسرائيل تقريراً إلى المحكمة عن كل الإجراءات التي وردت في الأمر في غضون شهر.

مشاركة أهرون باراك بصفته قاضياً عن دولة إسرائيل، أنقذت شرفها، فالرجل كبير القضائيين الإسرائيليين، وعبقري قضائي على المستوى الدولي أيضاً، وأقواله ساهمت في سمعة إسرائيل الطيبة. لا مشكلة في انضمامه إلى بعض الخطوات؛ فهو وإن كان ممثلاً للدولة، لكن له تفكراً مستقبلياً. ثانياً، نعمل منذ الآن على أي حال أو نعتزم العمل وفقاً لهذه الخطوات. لم يكن باراك مطالباً بأن يكون مؤيداً أعمى لسياسة الحكومة. ما ينبغي له أن يفعله هو تمثيل العدل وموقف إسرائيل. عندما يتحدث عن المحرقة ويقول إنه الوحيد من بين القضاة الذي شهد محرقة، فإن لهذا وزناً أخلاقياً هائلاً. حضوره وحكمته أثرا إيجاباً على القرار العام للمحكمة. وإذا كان بوسعنا القول إن القرار لا يضر دولة إسرائيل، فهذا كثيراً جداً بفضله.

يديعوت أحرونوت 28/1/2024
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات