الوثيقة | مشاهدة الموضوع - هل تستطيع الدول العربية وقف العدوان؟ محمد عايش
تغيير حجم الخط     

هل تستطيع الدول العربية وقف العدوان؟ محمد عايش

مشاركة » الثلاثاء فبراير 13, 2024 1:49 pm

نعلم ويعلمُ الجميع أن جامعة الدول العربية في إجازة مفتوحة، وليس لها أي قيمة وأنها منذ سنوات طويلة لا علاقة لها بالعالم العربي، ولا بأزماته وحاجاته، وأن انتقاد هذه الجامعة يندرج في إطار أن «الضرب في الميت حرام»، لأنها جثة هامدة لا تقدم ولا تؤخر، ولذلك فان الحديث عن أي دور عربي يجب أن لا ينطلق من فرضية أن الجامعة العربية موجودة، أو أنها يُمكن أن تُقدم شيئاً.
لكنَّ واقع الجامعة العربية لا يعني بالضرورة أن الدول العربية فقدت القدرة على التحرك والفعل والتأثير، بما في ذلك العمل في مواجهة العدوان الإسرائيلي المفتوح على غزة، الذي تجاوز الأربعة شهور، وهو بذلك أطول وأعنف حرب إسرائيلية تستهدف العرب منذ أكثر من سبعين عاماً.

حتى لو لم تنجح الدول العربية في وقف العدوان فإنها تستطيع أن ترفع من تكلفته على الإسرائيليين وتخفف من عبئه على الفلسطينيين، وما يحول دون ذلك هو غياب الإرادة السياسية فقط

ربما لا تستطيع الدول العربية وقف العدوان الإسرائيلي، إذ أن الولايات المتحدة التي غيرت موقفها مؤخراً، هي الأخرى يبدو أنها ليست قادرة على وقف حالة التوحش الإسرائيلية، ومسلسل القتل والنزيف، لكن الدول العربية تستطيع أن تفعل الكثير في مواجهة هذا العدوان، بما يؤدي على الأقل إلى رفع تكلفته على الإسرائيليين، أو التقليل من وطأته وحجمه على الفلسطينيين، والأمر المؤكد هو أن لدى الدول العربية الكثير من الخيارات والإمكانات ولديها القدرة على فعل الكثير، لكنها تفتقد للإرادة فقط وليس لأي شيء آخر، وحتى الشعوب العربية ليست في منأى عن اللوم، إذ ليس معقولاً أن نرى المستوطنين الإسرائيليين وهم يتصدون لشاحنات المساعدات الإنسانية التي تريد العبور إلى قطاع غزة، ويمنعون دخولها إلى هناك، بينما لم نجد متظاهرين عربا ينجحون في التصدي لشاحنات البضائع العربية التي تتجه نحو إسرائيل، بل لم نجد من حاول أن يفعل ذلك، أو يحتج على خطوط الإمداد العربية التي تتجه إلى إسرائيل، اللهم إلا بعض المحتجين في الأردن الذين خرجوا على استحياء للتنديد باستخدام بلادهم وأراضيهم كممر لإعانة دولة الاحتلال والعدوان.
واقع الحال أن الدول العربية تستطيع أن تفعل الكثير في مواجهة هذا العدوان الإسرائيلي، وكما أشرنا سابقاً ومراراً فحتى لو لم تنجح في وقف العدوان فإنها تستطيع أن ترفع من تكلفته على الإسرائيليين وتخفف من عبئه على الفلسطينيين، وما يحول دون ذلك هو غياب الإرادة السياسية فقط. تستطيع الدول العربية أن تقوم بإيصال المساعدات الإنسانية والطبية للفلسطينيين في غزة، رغم أنف الاحتلال، وقد فعل الأردن ذلك أكثر من مرة خلال هذه الحرب، باستخدام «الإنزال الجوي» لإمداد المستشفى الأردني باحتياجاته الطبية، وهذا يؤكد أن كسر الحصار ممكن، وإذا لم يكن براً فمن الجو، وبطبيعة الحال فمن المستحيل أن تغامر إسرائيل وتقوم بإسقاط طائرة إنسانية تحمل جنسية دولة عربية تقيم علاقات مع تل أبيب، وهذا ما حدث بالفعل مع الأردن، وبمقدور بقية الدول العربية أن تفعل ذلك، أو حتى تقوم بالتنسيق مع الأردن لتكرار هذا «الإنزال الجوي».
وبينما تقوم إسرائيل بشن هذه الحرب الوحشية على الفلسطينيين فإن الدول العربية التي تقيم علاقات مع إسرائيل، سواء تلك التي أبرمت اتفاقات أبراهام، أو الذين يقيمون علاقات سابقة (الأردن ومصر) جميعهم لم يُعلق اتفاقات السلام مع الدولة التي تشن حرباً وتنتهك كل قواعد السلام، بل إن الغريب هو أن هذه الحرب تشكل تهديداً مباشراً لأمن الأردن ومصر، وانتهاكاً مباشراً وواضحاً لمعاهدات السلام، ومع ذلك يتمسكون بهذه الاتفاقات، التي تنتهكها إسرائيل يومياً، وليس فقط يتمسكون بالاتفاقات، بل إن العلاقات لم تتأثر بما في ذلك تبادل السفراء وفتح السفارات.
والخلاصة هو أن أقل ما يُمكن للدول العربية فعله، من دون إطلاق رصاصة واحدة ولا الدخول في الحرب، هو أن توقف خطوط الإمداد التجارية البرية التي تزود إسرائيل بالبضائع، إذ ليس من المعقول أن تنجح جماعة أنصار الله اليمنية في إغلاق أهم ممر مائي في العالم وهو مضيق باب المندب، بينما لا تنجح الحكومة الأردنية في وقف تمرير شاحنات البضائع التي تريد الوصول إلى إسرائيل! كما أن أقل ما يمكن للدول العربية أن تفعله هو أن تقوم بإنزال جوي يومي للمعونات والمساعدات الإنسانية والإغاثية، فضلاً عن فتح كامل لمعبر رفح، إضافة إلى طرد سفراء الاحتلال من العواصم العربية.. وهذا أضعف الإيمان.
كاتب فلسطيني
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات