الوثيقة | مشاهدة الموضوع - مترو بغداد» الحلم وحل أزمة النقل : صادق الطائي
تغيير حجم الخط     

مترو بغداد» الحلم وحل أزمة النقل : صادق الطائي

مشاركة » الاثنين فبراير 26, 2024 7:58 am

أصبح موضوع مترو بغداد والقطار المعلق موضوعا مثيرا للتندر والشك في مصداقية حديث الحكومات العراقية المتعاقبة على مدى أكثر من أربعة عقود. واستحال الأمر الى حلم يراود المواطن العراقي عندما يستمع لتصريحات المسؤولين حول تجديد العقود، أو دراستها، أو إحالتها لشركات دولية للتنفيذ.
تعيش بغداد اليوم اكتضاضا مروريا خانقا بسبب الزيادة المنفلتة لأعداد السيارات، والمشاكل المتراكمة في منظومات الطرق والجسور، والتهتك الذي أصاب البنى التحتية في العراق عموما وفي العاصمة بغداد بشكل خاص. ومع أن حكومة محمد شياع السوداني قد أطلقت أكثر من 16 مشروعا لتنفيذ جسور وخطوط وتأهيل طرق، وافتتاح خطوط مرور سريعة في بغداد، وأغلبها قيد التنفيذ الآن مع وعود بإنجازها هذا العام، فإن الوضع الخانق الذي تعيشه العاصمة العراقية ما زال هو الملمح الأساس للمراقب.

الكل يتذكر مشروع «مترو بغداد» الذي ناقشته حكومات ما بعد 2003 عدة مرات لكن التلكؤ والفساد كان مصيره في كل مرة

كما تشهد بغداد توسعا في العمران السكني الانفجاري، إذ يحتاج سكان العاصمة البالغ عددهم حوالي 10 ملايين نسمة الى ملايين الوحدات السكنية الجديدة، وقد تم أنشاء العديد من المجمعات السكنية داخل حدود العاصمة وعلى أطرافها، وبين الأبرز من هذه المشاريع، مشروع بوابة العراق في أرض مطار المثنى غرب بغداد، ومدينة بسماية شرق بغداد، كما أن هنالك مدنا جديدة على أطراف بغداد طرحت كمشاريع قيد التنفيذ في المستقبل القريب مثل مدينة الجواهري غرب بغداد، ومدينة علي الوردي جنوب بغداد، ومدينة الصدر الجديدة شرق بغداد. كل هذه المدن الجديدة تحتاج الى خدمات وبنى تحتية تقف في مقدمتها خدمات النقل، لذلك أعادت حكومة السوداني طرح مشروع «مترو بغداد» كحل جذري لأزمة الاختناق المروري الذي تعاني منه العاصمة.
والكل يتذكر مشروع «مترو بغداد» الذي ناقشته حكومات ما بعد 2003 في العراق عدة مرات، لكن التلكؤ والفساد كان مصير المشروع كل مرة. والمتابع يتذكر لقاء رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في بغداد عام 2020 الذي صرح قائلا: «إنه بحث مع الكاظمي التعاون العسكري في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، والدعم الفرنسي لمشروع (مترو بغداد)، وتنفيذ مشاريع الطاقة، ومجالات علمية وثقافية، والتعاون في مجال الصحة والدعم الإنساني وخاصة في المناطق الأكثر هشاشة».
وفتحت النقاشات حول مصداقية الموضوع في عهد حكومة الكاظمي إثر التضارب الكبير وعدم الدقة في التصريحات والخلط الذي حصل في المواصفات الفنية للمشروع بين كون ما سينفذ هو قطار أنفاق، أم قطار معلق، وهل هما مشروعان منفصلان أم مشروع واحد يتم تناوله بجهل وخلط واضحين.
وقد أثيرت فضيحة شركة ألستوم الفرنسية عندما كشف عضو لجنة الخدمات والإعمار النيابية جاسم البخاتي، في تموز/يوليو 2020، عن وجود خلل في ترجمة العقد بين أمانة بغداد والشركة الفرنسية أدى إلى تعطيل مشروع «مترو بغداد». وبين البخاتي «حدث خلاف بين الشركة الفرنسية وأمانة بغداد نتيجة مشكلة في الترجمة، ومحور الخلاف أن شركة (ألستوم) كانت حسب العقد مسؤولة عن تعديل وتطوير تصاميم مشروع مترو بغداد مقابل مبلغ 40 مليون دولار، وإنها غير ملزمة بالتنفيذ، بينما كان خبراء أمانة بغداد يعتقدون أن العقد أحيل على الشركة للتنفيذ»، والنتيجة بعد التحكيم الدولي، حسب البخاتي، هي أن»الخلاف انتهى واستلمت الشركة 40 مليون دولار حسب العقد».
أما الحديث الحالي حول مشروع بغداد الذي تتداوله جهات مختلفة في حكومة السوداني فيبدو أكثر رصانة عما سبقه. ففي 8 شباط/فبراير الجاري أطلق السوداني، فرصتين استثماريتين مخصصتين لإنشاء «مترو بغداد»، وقطار كربلاء – النجف السريع.
ووفق بيان صادر عن مكتب السوداني فإنه «بعد تداول بعض المعلومات المغلوطة وغير الدقيقة عبر عدد من وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي عن المشروعين اقتضى توضيح الأمر إذ إن «الاستشاري المعتمد للمشروع هو تحالف مكوّن من الشركة الماليزية (HSS)وشريكها الإقليمي المعتمد لتنفيذ مشاريعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (CHSS وهذا التحالف يمتلك خبرة عالمية تمتد لعقود في مجال أنظمة القطارات والبنى التحتية المشغّلة لها، وجرى اختياره بعد الاطلاع على جملة من الأعمال المماثلة والتجارب الناجحة السابقة».
السوداني وأثناء إطلاق «الفرص الاستثمارية» لتنفيذ «مترو بغداد» وقطار كربلاء – النجف السريع، قال إن «مشروع (مترو بغداد) يؤسس لنقلة مهمة في تنقل المواطنين في العاصمة بغداد التي تجاوز عدد سكانها 8 ملايين، حيث يتكون المشروع من 7 خطوط بطول 148 كم، وسوف يغطي أغلب مساحات بغداد» ، وأضاف، إن مشروع المترو «يؤسس لعملية ربط مع المدن الجديدة التي تمت المباشرة بها، وهي مدينة الجواهري غرب بغداد، ومدينة علي الوردي جنوب بغداد، ومدينة الصدر الجديدة شرق بغداد».
لكن مازال المواطن العراقي متخوفا ومتشككا بسبب عشرات السنين من التسويف والمماطلة وهدر مليارات الدولارات من المال العام في مشروع «مترو بغداد» الذي استحال حلما صعب المنال، وقد عاد الشك يتقافز مرة أخرى من بين ثنايا بعض الأخبار التي تناولت موضوع المشروع مجددا، ففي تموز/يوليو الماضي، قال أمين بغداد عمار موسى إنه بحث مع أمين طهران علي رضا ستة ملفات من بينها إنشاء «مترو بغداد». بينما اجتمع يوم الإثنين 19 شباط/فبراير الجاري رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع وفد من شركة(China Railway) المملوكة للحكومة الصينية، والتي من المتوقع أن تتم إحالة تنفيذ المشروع عليها، بعد أن تعاملت معها حكومة السوداني في تنفذ مشروع تطوير ساحة النسور وسط بغداد، ضمن الحزمة الأولى لمشاريع فكّ الاختناقات المرورية في العاصمة بغداد.
وأشار بيان مكتب السوداني الى أن الشركة الصينية الحكومية، قدمت أثناء اللقاء مع رئيس الوزراء، «شرحا عن إمكانياتها وقدراتها المتوفرة التي تمكّنها من المشاركة في تنفيذ المشروع الذي أعلن عنه مؤخرا، والخبرات المتوفرة لديها للإسهام في تنفيذ هذا المشروع الحيوي المهم، إذ نفذت أكبر شبكة للسكك الحديدية عالية السرعة في العالم بمسار طوله 25 ألف كيلو متر. لكن مايثير القلق إن الأزمة المالية العالمية تسببت في ديون ضخمة على الشركة الصينية وحولتها الى شركة خاسرة تعاني من أعباء الديون، فهل ستتمكن حقا من تنفيذ مترو بغداد؟».
وفي نفس الوقت، وحسب بيان مكتب السوداني، فإن هنالك «26 شركة عالمية من ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والصين والهند وقطر، أبدت رغبتها للمشاركة في تنفيذ مشروع المترو، بعد الإعلان عنه في شباط/فبراير الجاري، وتوقيع العقود مع الشركة المختصة بتقديم الخدمات الاستشارية للمشروع». فهل ستنجح حكومة السوداني في اختيار الشركة المناسبة لتحقيق أحد أبرز أحلام المواطن العراقي؟
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى المقالات