في المشهد السياسي العراقي، يعتبر الانجذاب نحو مراكز القوة والتأثير ظاهرة تتكرر مع جميع الحكومات المتعاقبة، حيث تتجلى بوضوح في التحركات الأخيرة التي شهدتها الساحة السياسية العراقية من صراعات القوى السنية لحسم منصب رئيس البرلمان الذي بقي شاغرا منذ إقالة رئيسه السابق محمد الحلبوسي نهاية العام الماضي.
وفي هذا الإطار، أكد عضو تحالف الفتح علي الفتلاوي، السبت، أن الوضع السياسي السني معقد اكثر مما كان عليه في السابق بسبب الانشقاقات الاخيرة وتشظي القوى السنية الى خمسة اطراف، مبينا أنه من المحتمل ان تتوسع الى سبعة.
وينحصر التنافس على المنصب بين حزب تقدم، بزعامة محمد الحلبوسي، والسيادة بزعامة خميس الخنجر، حيث يبدو أن هناك شِبه توافق على المشهداني، الذي سبق أن شغل المنصب ويدعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، فضلاً عن اضطرار الحلبوسي لقبوله مرشحاً باسمه، بعد أن غادر آخِر مرشحيه شعلان الكريم السباق.
إذ قال الفتلاوي في تصريح ، إن “سبب شغور منصب رئيس البرلمان أكثر من تسعة أشهر يعود للخلافات السنية المبنية على المصالح الضيقة”، مشيراً إلى أن “شغور المنصب انعكست نتائجه على العملية السياسية برمتها”.
وأضاف أن “الاطراف السنية الخمسة المتخاصمة على رئاسة مجلس النواب لن تجد حلاً او شخصية تتفق عليه لتمثيلهم لأكثر من تسعة أشهر”، لافتاً الى “الوضع السياسي السني معقد اكثر مما كان عليه في السابق بسبب الانشقاقات الاخيرة وتشظي القوى السنية الى خمسة اطراف ومن المحتمل ان تتوسع الى سبعة”.
ويعدّ منصب رئيس مجلس النواب من حصة السنة وفقا للعرف السياسي الدارج في العراق منذ تشكيل النظام السياسي بعد العام 2003، في حين يذهب منصبا رئيس الوزراء للشيعة، ورئيس الجمهورية للكرد.
وكان مصدر سياسي قد كشف في 13 آب أغسطس الجاري، أن حزب “تقدم” بزعامة الحلبوسي قدم إلى الإطار التنسيقي مرشحه لرئاسة مجلس النواب وهو زياد الجنابي، وذلك بعد انسحاب شعلان الكريم عن حزب “تقدم” من الترشح للمنصب، فيما فشل المرشحين الآخرين وهم سالم العيساوي، ومحمود المشهداني، في الحصول على العدد الكافي من أصوات أعضاء البرلمان.
وفي 14 آب أغسطس الجاري كشف ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، يوم الأربعاء، عن إمكانية تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي، وهو أمر لطالما نادى به رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، لإتاحة المجال أمام تقديم مرشح من حزبه لخلافته.
ويأتي ذلك بعد أن أعلنت ست قوى برلمانية سنية، أنها ستقدم مرشحاً جديداً ليشغل منصب رئيس مجلس النواب بدلاً من المقال محمد الحلبوسي، مؤكدة أنها تمتلك الأغلبية البرلمانية.
ويدور الخلاف السياسي الحالي بشأن تعديل الفقرة ثالثا من المادة 12 في النظام الداخلي لمجلس النواب، والتي تتعلق بانتخاب رئيس البرلمان، التي تنص على (إذا خلا منصب رئيس المجلس أو أي من نائبيه لأي سبب كان ينتخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفاً له في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر وفقاً لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل).
لكن تقترح بعض الكتل السياسية إضافة فقرة تعطي صلاحية فتح باب الترشيح مرة أخرى واستبدال المرشحين السابقين لمنصب رئيس البرلمان.
يشار إلى أن رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، أكد في 25 حزيران يونيو الماضي، أن ما يدور في البيت السني حول منصب رئاسة مجلس النواب اختلافات وليست خلافات وستحل قريبا، لافتا إلى تدخل زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني على خط الأزمة.
ويحتاج التصويت على رئيس مجلس النواب، لنصاب النصف زائد واحد، من عدد مقاعد البرلمان، وهو ما لا تمتلكه القوى السنية، حيث يكون العدد 166 نائبا، كما لا يملك حزب تقدم صاحب أغلبية المقاعد السنية، سوى نحو 35 مقعدا.
وفشل مجلس النواب، في 18 آيار مايو الماضي، في اختيار رئيس جديد له، بعد أن أخفق في عقد جولة ثالثة “حاسمة” لترجيح كفة أحد المرشحين النائب سالم العيساوي عن حزب السيادة، ومحمود المشهداني المدعوم من حزب تقدم.
وشهد التصويت منافسة محتدمة بين النائبين سالم العيساوي، ومحمود المشهداني، حيث حصل الأول على 158 صوتا في حين حصل الثاني على 137 صوتا، كما حصل النائب عامر عبد الجبار 3 أصوات، بينما بلغت الأصوات الباطلة 13 صوتا، وأدلى 311 نائبا (من إجمالي 329) بأصواتهم في الجولة الأولى التي انطلقت في الساعة الرابعة عصرا بتوقيت بغداد.
إلا أن الجولة الثالثة لم ترَ النور بسبب شجار بين النواب تطور إلى اشتباك بالأيدي، حيث وثقت هواتف النواب، مشادة كلامية وتشابك بالأيدي بين نواب من تقدم وزملاء من كتل أخرى على خلفية انتخاب رئيس للبرلمان.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد قررت في تشرين الثاني نوفمبر 2023 إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي على خلفية قضية رفعها ضده النائب ليث الدليمي اتهمه فيها بتزوير استقالة الدليمي من مجلس النواب، لينتهي الحكم بإنهاء عضوية الاثنين.