الوثيقة | مشاهدة الموضوع - توازنات كركوك على المحك.. صناديق الاقتراع تختبر “التعايش” في مدينة التآخي
تغيير حجم الخط     

توازنات كركوك على المحك.. صناديق الاقتراع تختبر “التعايش” في مدينة التآخي

مشاركة » الأحد أكتوبر 26, 2025 5:34 am

تتجه الأنظار مجدداً نحو شمال العراق، وتحديداً محافظة كركوك، التي تعيش على وقع استعدادات انتخابية حذرة، وسط تصاعد الجدل حول سجل الناخبين وتبادل الاتهامات بين القوى السياسية بشأن نزاهة العملية الانتخابية.

وجاءت هذه التحذيرات رغم تأكيدات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات جاهزيتها الكاملة لإجراء اقتراع “شفاف وآمن”، إلا أن المخاوف تتصاعد من أن الخلافات القومية والسياسية المتجذرة في المحافظة قد تعيد توتير المشهد عشية انتخابات تشرين الثاني المقبلة، في محافظة ما زالت تُعد المرآة الأكثر حساسية لتوازنات العراق المتشابكة.

وطبقاً للمفوضية في كركوك، فإن عدد المرشحين للانتخابات البرلمانية المقبلة بلغ 252 مرشحاً، بينهم 73 امرأة و179 رجلاً، يتنافسون ضمن 5 تحالفات سياسية و9 أحزاب و7 مرشحين أفراد.

المتحدث باسم المفوضية، علي عباس، قال في وقت سابق إن عدد الناخبين في المحافظة يصل إلى 1,229,740 ناخباً، فيما يمتلك 897,030 منهم بطاقات بايومترية ويحق لهم التصويت، مؤكداً أن المفوضية أكملت استعداداتها الفنية واللوجستية لضمان عملية انتخابية سلسة وشفافة.

“سجل الناخبين” والتحديات الكبيرة

وقبل أيام قليلة، أعاد النائب التركماني أرشد الصالحي حديثه مرة أخرى عن قضية “سجل الناخبين في كركوك”، كاشفاً عن نيته إقامة دعوى قضائية ضد المفوضية، متهماً إياها بـ”التقصير في تدقيق سجل الناخبين بمحافظة كركوك”، ومحذراً من تدخلات سياسية محتملة تهدف إلى التأثير على إرادة الناخبين ونتائج العملية الانتخابية في المحافظة.

ويرى المتحدث باسم الجبهة التركمانية في كركوك، قحطان الونداوي، أن من أبرز التحديات التي تواجه العملية الانتخابية في المحافظة هي إجراء الانتخابات رغم قرار المحكمة الاتحادية الذي يشترط تدقيق سجل الناخبين قبل أي عملية انتخابية.

ووفقاً لحديث الونداوي، فإن الخلافات بين مكونات كركوك لا تمت بصلة إلى نزاهة وعدالة العملية الانتخابية، كونها تُدار بشكل مباشر من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مشدداً على أهمية إبعاد التدخلات السياسية عن إدارة العملية الانتخابية لضمان شفافيتها واستقلاليتها.

ويتحدث قائلاً إن “تحقيق تمثيل عادل لجميع مكونات كركوك يتطلب تشريع قانون خاص من البرلمان العراقي ينظم آلية توزيع المقاعد والتمثيل، وهو ما تفتقر إليه المحافظة حالياً”.

وفيما يتعلق بسجل الناخبين، يؤكد الونداوي أن الجبهة لم تسجل أي مستجدات بخصوص عملية تدقيقه، مبيناً أن السجل ما زال يشوبه العديد من المشكلات الفنية والإدارية، ما يجعل تدقيقه أمراً متعذراً في الوقت الراهن.

يُذكر أن محافظة كركوك تضم 330 مركز اقتراع عام، تتوزع على 1,722 محطة اقتراع، فيما بلغ عدد مراكز الاقتراع الخاص 29 مركزاً مع 191 محطة اقتراع خاص، وفق الإحصاءات الرسمية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات.


ويعرب دلوي عن ثقته بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وقدرتها على إدارة العملية الانتخابية بشفافية، مؤكداً أن المفوضية قادرة على تدارك أي طارئ قد يحدث أثناء سير الانتخابات.

ويشير عضو الحزب الديمقراطي الكوردستاني إلى أن تمثيل مكونات كركوك في الحكومة المحلية سيُحسم وفق نتائج الانتخابات، لافتاً إلى أن “كركوك محافظة تتميز بتنوعها القومي والعرقي، وهو ما يمنحها خصوصية في المشهد السياسي العراقي”.

وتنص المادة 140 من الدستور العراقي على ضرورة معالجة آثار سياسات التغيير الديموغرافي التي اتبعها النظام البائد صدام حسين في المناطق المتنازع عليها، والتي أدت إلى ترحيل سكانها الكُرد وإحلال العرب محلهم.

وتشمل بنود المادة ثلاث مراحل أساسية: التطبيع، والإحصاء السكاني، ثم إجراء استفتاء شعبي يتيح لسكان تلك المناطق تحديد مصيرهم، سواء بالبقاء تحت إدارة الحكومة الاتحادية في بغداد أو الانضمام إلى إقليم كوردستان.

وكان من المقرر استكمال تنفيذ هذه الخطوات قبل نهاية عام 2007، إلا أن التحديات الأمنية والانقسامات السياسية التي شهدها العراق آنذاك حالت دون ذلك.

وفي عام 2019، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قراراً يقضي باستمرار سريان المادة 140 من الدستور إلى حين تنفيذ جميع مستلزماتها وتحقيق الهدف من تشريعها، مؤكدة أن العمل بها لا يسقط بمرور الزمن.

استعدادات كركوك تسير بخطى ثابتة

بدورها، تقول المتحدثة باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، جمانة الغلاي، إن “المفوضية اعتمدت سجلاً نهائياً وصادق عليه مجلس المفوضين، وهو موحد في جميع المحافظات العراقية بما فيها كركوك”، لافتةً إلى أن الناخبين في كركوك يمكنهم الاطمئنان إلى أن أصواتهم محفوظة ومصانة، وأن المفوضية وفّرت كل الضمانات لحماية نتائج التصويت وحقوق المرشحين”.

الاستعدادات لإجراء الانتخابات المقررة في العشرين من تشرين الثاني المقبل تسير وفق الجدول الزمني المحدد، وفقاً لحديث المتحدثة الحكومية، التي تشير إلى أن محافظة كركوك تشهد جهداً ميدانياً مكثفاً على غرار باقي المحافظات العراقية.

كما تتابع الغلاي حديثها بالقول إن “العمل الميداني جارٍ في جميع المحافظات، من خلال مكاتب المفوضية والفرق الفنية والميدانية، بإشراف مباشر من المكتب الوطني وبالتنسيق مع بعثة الأمم المتحدة للانتخابات”، مؤكدة أن “الاستعدادات في كركوك لا تختلف عن بقية المحافظات من حيث الالتزامات والإجراءات الفنية والإدارية”.

وفيما يتعلق بملف المخالفات الانتخابية، تكشف أن المفوضية شكّلت لجاناً خاصة لرصد الدعاية الانتخابية في المكتب الوطني وفي مكاتب المحافظات، تعمل بالتنسيق مع الفرق الميدانية وهيئة الاتصالات والإعلام، فضلاً عن متابعة نشاط المرشحين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مبينة أن عدد المخالفات المسجلة تجاوز 400 مخالفة في عموم محافظات العراق.

وانطلقت، الجمعة (3 تشرين الأول/أكتوبر 2025)، الحملة الدعائية الخاصة بالانتخابات البرلمانية العراقية بشكل رسمي، بعد مصادقة مجلس المفوضين في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على قوائم المرشحين النهائية.

خلافات سياسية “متجذرة”

في غضون ذلك، يقول القيادي في تحالف عزم بمحافظة كركوك، عزام الحمداني، إن “تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني يمثل الركيزة الأساسية لنجاح العملية الانتخابية”، مشيراً إلى أن “الخلافات السياسية بين العرب والكرد والتركمان تشكل تحدياً حقيقياً أمام إجراء انتخابات نزيهة ونتائجها تحظى بالثقة الوطنية”.

ويضيف أن “تأثير الضغوط السياسية قد ينعكس سلباً على عدالة العملية الانتخابية ويثير الشكوك لدى بعض الأوساط السياسية”، مؤكداً في الوقت نفسه وجود إشكاليات في سجل الناخبين الحالي، إذ يمنح أحد المكونات مقعدين إضافيين على حساب المكونات الأخرى، الأمر الذي يستدعي معالجة عاجلة لضمان تكافؤ الفرص والتمثيل العادل لجميع أبناء المحافظة”.

وحدد مجلس الوزراء العراقي يوم 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 موعداً رسمياً لإجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث يحق لنحو 30 مليون عراقي من أصل 46 مليون نسمة الإدلاء بأصواتهم لاختيار ممثليهم في مجلس النواب الجديد، وفقاً للبيانات الرسمية.
 

العودة إلى المقالات