الوثيقة | مشاهدة الموضوع - طهران تسأل بغداد كثيراً عن زيارة أردوغان.. جيش تركيا يستعد لما وراء دجلة والفاو
تغيير حجم الخط     

طهران تسأل بغداد كثيراً عن زيارة أردوغان.. جيش تركيا يستعد لما وراء دجلة والفاو

مشاركة » السبت مايو 04, 2024 6:46 am

يتفق المعلقون في بغداد وأنقرة على أن الزيارة الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب إردوغان دفعت مستقبل العلاقات إلى مستوى “غير مسبوق”، لا سيما مع توقيع الاتفاق الرباعي الذي جمع قطر والإمارات مع تركيا والعراق، في أول خطوة إقليمية جادة تجاه تشغيل ميناء الفاو، وربطه بسكك القطارات السريعة، في “طريق التنمية” مع أسواق أوربا عبر الأراضي التركية.

لكن هذا الحديث لا يخفي نقاط الخلاف العميقة والشكوك لدى البلدين بشأن ملفات الأمن والطاقة والمياه ووضع دجلة والفرات، حيث كانت العقدة الرئيسية تدور حول “محاربة حزب العمال الكردستاني” تزامناً مع احتمالات اتساع العملية العسكرية التركية لتشمل مناطق سنجار وأجزاءً من السليمانية، وسط تحفظ إيران وأسئلتها و”سعادتها القلقة” بتطمينات حول “حصة” في مصالح قطارات العراق السريعة.

عملية عسكرية “جادة أكثر مما يبدو”
وقالت مصادر مختلفة، إن أنقرة سمعت تحفظات من قوى عراقية بشأن العملية المضادة للعمال الكردستاني، كما سمعت بغداد ملاحظات “قاسية” من الأتراك بشأن المياه.

وفي تعليق نادر، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن طلبات العراق لحل أزمة المياه لا يمكن تلبيتها بالعواطف، لأنها ليست من المشكلات التي يمكن حلها بطريقة “تفضلوا.. لقد تم الأمر”.

وخلال زيارة إردوغان الأخيرة، وقع البلدان اتفاقاً لمدة 10 سنوات بشأن إدارة الموارد المائية، يهدف لضمان حصول العراق على حصته العادلة.

وتضمن الاتفاق، “تطوير التفاهم والتعاون في قطاع المياه على مبدأ المساواة والنوايا الحسنة وحسن الجوار، ووضع رؤية جديدة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية والاستثمارية للموارد المائية في العراق، لتخصيص عادل ومنصف للمياه العابرة للحدود”.

ويستمر تنفيذ الاتفاق 10 سنوات، ويمدد تلقائيا لسنة واحدة في كل مرة بعد اتفاق الطرفين.

لكن نص الاتفاق لم يتطرق سوى لتفاصيل فنية، أما حديث إردوغان الذي أدلى به للصحفيين لاحقاً، فقد منح الانطباع بأن الحصة التي يريدها العراق ما تزال بعيدة، سيما وأن الأتراك يريدون من بغداد “خطة عقلانية” فيما إذا كان سيستخدم المياه وفق منهج علمي.

مصادر عراقية مطلعة:
خلال الزيارة الأخيرة التي أجراها لبغداد، كان واضحاً أن الرئيس التركي تصرف بحذر كبير في تقديم عروض صريحة للعراقيين.. تقريباً كان كل شيء على الطاولة مشروطاً بملف حزب العمال الكردستاني.

الوفد التركي عَرِف تماماً أن بغداد في حرج بسبب الاشتباك بين وجود حزب العمال، ومصالح قوى عراقية لديها تحالف مع إيران.

إردوغان لم يسمع من العراقيين كلاماً قاطعاً بشأن العملية العسكرية ضد الحزب، وكان يحثهم على تصنيفه إرهابياً (العراق أعلن في وقت سابق أن الحزب محظور).

إيران ليست مرتاحة للدخول التركي بهذه الطريقة إلى العراق. الإيرانيون يشعرون بأبعاد سياسية تتجاوز العملية العسكرية ضد العمال الكردستاني، وكانت لديهم أسئلة.

خلال اجتماعات وزير الخارجية التركي مع نظيره العراقي فؤاد حسين ورئيس هيئة الحشد الشعبي، كانت هناك موافقة أولية على التخلص من حزب العمال، على أن تختار الفصائل الشيعية الطريقة المناسبة لفعل ذلك في سنجار، لكن هذا لم يكن كافياً لتركيا. “لقد شعروا بأن هناك حيلة”.

مصدر من الإطار التنسيقي:
هناك بعد سياسي كبير في زيارة الرئيس التركي، والكثير من قادة الفصائل طرحوا أسئلة عما تريده أنقرة من هذا التحرك غير المسبوق تجاه بغداد.

شراكة تركيا في “طريق التنمية” في صلب المشروع الذي تطمح إليه الحكومة، لكن إردوغان يرهن هذه الشراكة بتطهير المنطقة من حزب العمال، وحين يقول المنطقة فإنه يقصد كامل الشريط الممتد من السليمانية وحتى سنجار، وهذه مسألة إشكالية.

بغداد الآن بين نارين؛ طريق التنمية والأسئلة الإيرانية حول تركيا. آخر المستجدات التي تلت زيارة إردوغان أفادت بأن بغداد أبلغت دوائر إيرانية بأن طهران لن تكون بعيدة عن دائرة المصالح الإقليمية المشتركة للمشروع، وهذا أمر أحدث نقلة إيجابية، لكنها قد تفقد قيمتها قريباً، لأنه “ما من ضمانات”.

مصادر كردية موثوقة:
في لقاءات مباشرة بين مسؤولين من أنقرة وقيادات في الاتحاد الوطني الكردستاني، طالب الأتراك بقطع صلة “اليكتي” مع حزب العمال وكانوا يقصدون حزب “بي واي دي” في كردستان سوريا.

أبلغ قادة “اليكتي” الأتراك بأن الحزب ليس لديه أي صلة بالعمال الكردستاني، لكنه لن يوقف التعاون المعلن والصريح مع قوات سوريا الديمقراطية “بي واي دي”، لأنها جزء من التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب.

الأتراك طلبوا أيضاً إغلاق منظمات كردية عاملة في السليمانية لديها صلات بالعمال الكردستاني، لكن السليمانية ردت بأنها لا تملك هذه الصلاحية فالحكومة الاتحادية هي التي منحت هؤلاء تراخيص للعمل.

علي فضل الله، محلل سياسي:
زيارة إردوغان إلى العراق مهمة جداً وهي ضمن برنامج الحكومة لتصفير المشكلات مع دول الجوار. والتوقعات تشير إلى تعاون وثيق وكبير خصوصاً بعد اتفاقية طريق التنمية، وأهميته للاقتصاد في تركيا والعراق.

طريق التنمية سيكون ورقة ضغط يكسب من خلالها العراق العديد من المصالح المعلقة من قبل الجانب التركي، في ملف المياه والطاقة.

العام الحالي سيشهد إطلاقات كبيرة من المياه من قبل الجانب التركي، ضمن خطة زيادة التعاون بين البلدين.

من الممكن بحسب الاتفاقات أن تحصل الشركات التركية على نسبة من الاستثمارات النفطية ومشاريع الطاقة المقبلة.

الناصر دريد، محلل سياسي:
هناك العديد من نقاط الخلاف بين البلدين، لكن أبرز متطلبات الجانب التركي تتمحور حول ضرورة تصنيف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية من قبل العراق.

تذهب أبرز مطالب العراق نحو المطلب الرئيس والأوحد والأهم وهو حل أزمة المياه، بالإضافة إلى تقليل التدخل العسكري ووجوده على الحدود الشمالية.

تنتظر تركيا من بغداد منح الشرعية لتحركات القوات التركية وإعطاء صورة للعالم بأنها قوات تعمل بالتعاون مع حكومة بغداد وليست قوة غازية.

إردوغان لصحفيين أتراك رافقوه في زيارته الأخيرة لبغداد:
أزمة المياه في العراق ليست من المشكلات التي نحلها بطريقة: تفضلوا.. لقد تم الأمر. هذا كلام غير عقلاني. لا يمكننا مساعدتهم دون فحص الظروف الفنية، واختبار أكثر من سيناريو للمستقبل، وفق مبدأ الاستهلاك الرشيد.

ما يجب فعله الآن هو وضع خطط للظروف المناخية المتغيرة تضمن الاستخدام المستدام للمياه. تركيا لديها مطالب. لسنا مترفين في هذا المجال. نحن نعاني من الإجهاد المائي، وإذا فشلنا خلال وقت قصير سنواجه مشكلات في تأمين الإمدادات.

سنواصل الحوار بحسن نية، لكننا سنسأل دائما: أين الخطط لتنفيذ مشاريع مشتركة؟

عبد القادر سيلفي، كاتب في صحيفة “حريت” التركية:
زيارة إردوغان لبغداد نقطة تحول تاريخية. نحن أمام نقلة جديدة في العلاقات بين البلدين. أنقرة سترمي بثقل أكبر، خصوصاً على البعد السياسي وهذا غير مسبوق.

التحول في العلاقات يقف على قدمين؛ أولاهما التنمية الاقتصادية، والثانية هي الحرب ضد حزب (العمال الكردستاني)، وفي الجانب الأول تم توقيع الاتفاقيات اللازمة، في الثاني من الصعب التحقق مما تم التوصل إليه.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير