الوثيقة | مشاهدة الموضوع - أزمة السكن في العراق.. 3 ملايين وحدة ناقصة و65% من المشاريع متعثرة
تغيير حجم الخط     

أزمة السكن في العراق.. 3 ملايين وحدة ناقصة و65% من المشاريع متعثرة

مشاركة » الثلاثاء يوليو 15, 2025 8:21 am

يواجه العراق تفاقماً في الفجوة السكنية نتيجة زيادة النفوس، وتوسع النزوح من الريف إلى المدن، بالإضافة إلى بطء تنفيذ المشاريع الإسكانية، رغم تأكيد الحكومة على أن هذا الملف يمثل أولوية قصوى لتأمين حياة كريمة وسكن مناسب لجميع العراقيين.

ويؤكد مختصون أن العجز السكني في العراق يتجاوز الثلاثة ملايين وحدة سكنية حتى نهاية 2024، فيما تُظهر تقارير ديوان الرقابة المالية لسنة 2023 أن نحو 65% من المشاريع الحكومية متعثرة، بالمقابل هناك معدل نمو سكاني عند 2.6% سنوياً، ما يتطلب إنتاج 250 ألف وحدة سنوياً.

ويعيش الكثير من العراقيين خيبة أمل متكررة جراء تفاقم أزمة السكن كما هو الحال مع المواطنة أم علياء، القاطنة في العاصمة بغداد، بعد أن اصطدمت أحلامها بامتلاك منزل بعقبات اقتصادية وإدارية، أبرزها ارتفاع أسعار العقارات وتعثر المشاريع الاستثمارية السكنية.

وتقول السيدة، إنها كانت تأمل بالحصول على وحدة سكنية ضمن أحد المشاريع التي أُعلنت قبل سنوات، إلا أن المشروع انتهى في نهاية المطاف إلى مستثمر خاص، ولم تُخصص فيه أي حصة حقيقية للمواطنين ذوي الدخل المحدود.

وتوضح، أن “أسعار الأراضي أصبحت خيالية، وحتى إن حصلنا على قطعة أرض، فتكلفة البناء تفوق إمكانياتنا. راتب زوجي بالكاد يكفي لسداد الإيجار ومصاريف الحياة اليومية”.

يأتي هذا في وقت يؤكد المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية، عبد الزهرة الهنداوي، أن “السكن يمثل أولوية قصوى ضمن توجهات وخطط الحكومة لتأمين سكن كريم لكل العراقيين، وهذه الأهمية تمثلت بوجود الكثير من مشاريع السكن”.

ومن هذه المشاريع، يضيف الهنداوي أن “منها خطة التنمية الخمسية (2024 و2028) التي أعطت مساحة ليست بالقليلة للسكن، فضلاً عن الخطط التي قيد التنفيذ”.

ويوضح الهنداوي، “إذ هناك 16 مدينة سكنية بعضها بدأ العمل بها والآخر في طور الإعداد واستكمال المتطلبات الأخرى”.

ويستدرك قائلاً، “لكن هناك مشكلة العشوائيات التي لا تزال تمثل ثقلاً على المشهد العراقي، حيث يسكن في هذه العشوائيات نحو أربعة ملايين عراقي”.

من جهته، يُحمّل عضو لجنة الاستثمار والتنمية النيابية، ضياء هندي الحسناوي، سبب الفجوة السكنية المتزايدة في العراق إلى “التباطؤ في تنفيذ المشاريع الإسكانية، رغم الخطط الحكومية المعلنة”، مشيراً إلى أن “الوعود الكثيرة التي قُدمت خلال السنوات الماضية دون نتائج ملموسة، أسهمت في فقدان المواطن لثقته بجدية هذه المشاريع”.

ويؤكد الحسناوي أن “هناك حاجة إلى معالجة جذرية للبيروقراطية والإجراءات المعقدة التي تعرقل تنفيذ المجمعات السكنية، خصوصاً في المحافظات التي تعاني من ضغط سكاني متنامٍ”، مبيناً أن “الحق في السكن اللائق يجب أن يكون أولوية ضمن السياسات الوطنية، لا سيما مع تزايد أعداد السكان وارتفاع كلف الإيجارات”.

بدوره، يرجع الخبير الاقتصادي، كريم الحلو، أزمة السكن لعدة أسباب “أولها الزيادة في السكان وهي مليون نسمة سنوياً، والثاني توسع النزوح من الريف إلى المدن نتيجة تدهور الوضع الزراعي وغياب فرص العمل، والثالث عدم وضع الحكومة حلولاً للأزمة”.

وعن دور المجمعات السكنية، ينوّه الحلو، إلى أن “هذه المجمعات كان من المفترض أنت تكون لمن لا يملك سكناً حصراً، لكن دخل إليها غسيل الأموال والتجار الفاسدين وبالتالي تم شراء العشرات من الوحدات السكنية ومن ثم بيعها بأسعار مرتفعة”.

وبناءً على ذلك، يشدد الحلو على ضرورة أن “تضع الحكومة حلولاً فعّالة لمعالجة هذه الأزمة، منها بناء مجمعات تشمل جميع الفئات (الفقيرة والمتوسطة والعليا)، وبناء مجمعات سكنية للبيع وللإيجار، وحصر البيع لمن لا يملك سكناً فقط، إلى جانب معالجة أسباب النزوح من الريف إلى المدن”.

من جانبه، يشير الخبير الاقتصادي، أحمد عبد ربه، إلى أن “العجز السكني في العراق متراكم، ويتجاوز 3 ملايين وحدة سكنية حتى نهاية 2024، فيما تُظهر تقارير ديوان الرقابة المالية لسنة 2023 أن نحو 65% من المشاريع الحكومية متعثرة، بينما لا تتجاوز مساهمة القطاع الخاص نسبة 15% من حجم مشاريع الإسكان بسبب غياب الضمانات، بالمقابل هناك معدل نمو سكاني عند 2.6% سنوياً، ما يتطلب إنتاج 250 ألف وحدة سنوياً”.

ويُلخّص عبد ربه، أسباب المشكلة “في تعدد جهات الموافقة والتقاطع المؤسسي بين 12 جهة رقابية في المشروع الواحد، مع غياب قانون موحد لتنظيم التخصيصات العقارية والإعفاءات للمستثمرين في ظل غياب النظام المصرفي المحفز للتمويل العقاري طويل الأجل، كما أن ضعف البنى التحتية في الأطراف والمدن الثانوية يقلل الجدوى الاستثمارية للمشاريع الجديدة”.

ولتجاوز الأزمة، يقترح عبد ربه “هيكلة مؤسسة الإسكان ضمن (هيئة وطنية عليا) بصلاحيات تنفيذية، وتوحيد إجراءات منح إجازات الاستثمار خلال ستة أشهر، مع إصدار (سندات إسكانية وطنية) بعائد مضمون 7% للمواطنين والمغتربين، إضافة إلى إطلاق (ضمانات حكومية) لتشجيع المصارف على التمويل العقاري بفوائد ميسَّرة، مع إعفاءات ضريبية وجمركية للمطورين العقاريين الذين يلتزمون بسقف سعري محدد”.

ويضيف “كما يجب التوسع في تخصيص أراضٍ حكومية مملوكة للدولة لإنشاء مشاريع سكنية بشراكات استثمارية، وتفعيل صندوق الإسكان السيادي بتمويل سنوي من فائض النفط بنسبة 20%، إلى جانب إطلاق مبادرة (سكن للمهنيين) تشمل المعلمين والأطباء والمهندسين بنظام تملك ميسّر، ودمج مخصصات البلديات والإسكان والمجالس المحلية ضمن صندوق تنمية حضرية موحد”.

وخلص عبد ربه في نهاية حديثه إلى القول، إن “أزمة السكن ليست خللاً في الأرقام فقط، بل ترجمة مباشرة لغياب العدالة في توزيع الفرص، المطلوب إرادة سياسية قوية وإدارة تنفيذية موحدة ومسار تشريعي داعم، فمستقبل الشباب في العراق مهدد ما لم يُعتمد حل جذري لهذا الملف”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير