الوثيقة | مشاهدة الموضوع - العدوان يتوسع والتهديدات تتصاعد… غزة تذبح من الوريد إلى الوريد
تغيير حجم الخط     

العدوان يتوسع والتهديدات تتصاعد… غزة تذبح من الوريد إلى الوريد

مشاركة » الأحد سبتمبر 07, 2025 12:15 pm

5.jpg
 
غزة ـ «القدس العربي»: تواصل حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة التهرب من الجهود الرامية لتحقيق التهدئة في قطاع غزة، ولا تزال تختار طريق التصعيد الميداني الخطير وتنفيذ خطة الحرب الجديدة، التي بدأتها بتصعيد المجازر الدامية والاستمرار في تشديد الحصار، بدلا من مناقشة المقترح الجديد، رغم عرضه من جديد بطريقة مختلفة وفق ما كشف عنه الوسطاء.
طوال الأسبوع الماضي، وبالرغم من التدخلات الجديدة لوسطاء التهدئة، استمرت الحكومة الإسرائيلية في تصعيد الهجوم العدواني على قطاع غزة، وزادت من رقعة التوغل البري خاصة في مدينة غزة، التي تحشر سكانها حاليا في مناطق ضيقة في المنطقة الغربية، فيما حكمت على من آثر البقاء، لعدم قدرته على النزوح أو لندرة أماكن الإقامة أو خطورتها كباقي المناطق، بالإعدام.
كان المشهد الميداني في الأسبوع الماضي يزداد قتامة، فعمليات التدمير الممنهج تصاعدت بشكل كبير في مناطق شمال قطاع غزة، وفي الأحياء الشمالية والجنوبية لمدينة غزة، إذ تقدمت الآليات العسكرية لتدخل مناطق في حي الشيخ رضوان شمالا، وتدحرج أيضا التوغل صوب مربعات سكنية في حي الزيتون جنوبا، على وقع مجازر أكثر دموية من الأسبوع السابق، تعمدت فيها قتل مئات المواطنين، بينهم عوائل بأكملها مسحت من السجل المدني.
تك الهجمات أجبرت عديد العوائل على النزوح القسري، تحت وطأة القصف والتخويف وإرهاب آلة القتل الإسرائيلية، حتى لا تلاقي مصير من دمرت منازلها فوق رؤوسها، ولا زال الكثير منها تحت الركام، رغم أن مناطق النزوح التي طلب الاحتلال من سكان مدينة غزة التوجه إليها، لا تعتبر آمنة، وهو أمر يتبين من الهجمات اليومية التي تتعرض لها، ومن تقارير دولية موثقة.
وعلى الأرض، اشتدت الأزمة الإنسانية بشكل خطير جدا، فالسكان في قطاع غزة، سواء من يقيمون في منازلهم التي طالها دمار العدوان، أو في مناطق النزوح، يشتكون من قلة المواد الغذائية وندرتها، وهو أمر يشتد مع مرور الأيام بسبب سياسات الحصار الإسرائيلي، وفي طريقه لأن يتضاعف بشكل أخطر، مع تزايد عدد النازحين وتكدسهم في مناطق ضيقة، خاصة في غرب مدينة غزة، بعد أن كشف عن قرار إسرائيلي جديد بمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى تلك المناطق، ضمن مخطط إجبارهم على النزوح لمناطق وسط وجنوب القطاع، كما لجأت إسرائيل بنهاية الأسبوع الماضي إلى تدمير أبراج سكنية، وهددت بتوسيع هذه الاستهدافات على نطاق أوسع خلال الأيام القادمة، في سياق توسيع الهجوم البري.
وترافق ذلك مع مواصلة امتناعها على الرد على المقترح الذي قدم قبل أكثر من أسبوعين، ووافقت عليه حماس، اختارت الاستمرار في اختيار طريق التصعيد، رغم الجهود الجديدة التي تبذل في هذا السياق.

إدارة الظهر

فالأسبوع المنصرم، وفي ظل الجمود الذي يكتنف ملف التهدئة، بسبب الرفض الإسرائيلي في التعاطي مع التحركات الحاصلة، أعلنت الخارجية القطرية، عن وجود اتصالات تجرى للوصول إلى نموذج مختلف، لكن من دون أن يخوض الناطق باسم الوزارة ماجد الأنصاري بمزيد من التفاصيل.
المتحدث باسم الخارجية القطرية، قال في ذات الوقت إنه لا يوجد رد إسرائيلي على مقترح وقف حرب غزة، وأن هناك اتصالات يجريها الوسطاء للعودة إلى مفاوضات «غير مباشرة» بين إسرائيل وحركة حماس لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لكنه في ذات الوقت أكد أن خطة إسرائيل لاحتلال غزة «تضع الجميع أمام تهديد، بمن فيهم الأسرى»، وقد أكد أيضا وجود اتصالات لمحاولة وقف العمليات في غزة، والعودة للمفاوضات، لافتا إلى أن العرض المطروح على الطاولة حتى الآن هو الذي وافقت عليه حركة حماس.
وتلا ذلك أن كشف النقاب عن قيام قطر بممارسة ضغوط كبيرة على إسرائيل بشكل غير مباشر، لمنع احتلال مدينة غزة، حيث سعت لجذب العديد من الدول للضغط على الحكومة، وحسب تقرير لموقع «واللا» العبري، فقد تم توجيه الرسائل إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والوزير المقرب منه الذي يقود المفاوضات رون ديرمر. وقدَّرت مصادر أمنية أن اقتراح حماس لاتفاق شامل قد يُشكِّل نقطة تحول في المفاوضات.
لكن وفقا للتقرير، فإنه رغم هذه الجهود، إلا أن أمر التوغل في قلب مدينة غزة سيصدر في أقرب وقت ممكن، وعندها سيُطلب من قيادة حماس الرد على ما إذا كانت تُحسِّن عرض إطلاق سراح الأسرى إلى حد التوصل إلى اتفاق شامل أم أنها تُرسِّخ موقفها، وهو ما يؤكد تشدد إسرائيل في شروطها التي تبطل الصفقة.
ويدلل على ذلك الاستعدادات العسكرية الإسرائيلية لاحتلال كامل مدينة غزة، بعد أن صعدت من هجماتها على مناطق الشمال والجنوب ومن قبل الشرق، وذلك من خلال حشد لواءي الاحتياط العاشر والحادي عشر للتدريب ثم المناورة في عمق قطاع غزة، إضافة إلى دفع قوات إضافية من الجيش لحدود غزة.
ويدلل على ذلك ما قاله رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، خلال لقائه جنود الاحتياط الذين امتثلوا لأوامر الاستدعاء تمهيدا لتصعيد الحرب ضد غزة، «إن الجيش لن يوقف الحرب قبل هزيمة العدو»، وهدد بان العمليات ستتواصل بوتيرة متصاعدة.
هذه التصريحات التي تدلل على نوايا الجيش، وتثبت من جديد كذب إشاعات عدم رغبته في المضي في خطة الهجوم ودفعه نحو صفقة تهدئة جزئية، جاءت خلال إجراء زامير جولة في قاعدة «نحشونيم» بمشاركة قادة الفرق العسكرية ووحدات الاحتياط، حيث التقى الجنود المجندين حديثًا وطاقم الإدارة اللوجستية المسؤول عن استيعابهم، وأعرب عن تقديره لما وصفه «بالتضحيات التي قدموها خلال الحرب»، حيث هدد بتوسيع الحرب حين قال «حماس لن تجد مكانًا تختبئ فيه»، معلنا بشكل خطير أن جيشه يستعد لمواصلة الحرب، وزيادة وتيرة العمليات وتعميقها، وأضاف مخاطبا الجنود «لهذا السبب أيضًا دعوناكم»، معلنا عن بدء جيشه توسيع الحرب على غزة ضمن خطة «عربات جدعون 2»، حيث أعلن أن جيشه يدخل الآن إلى أماكن لم يدخلها من قبل، «ونعمل هناك بعزم وقوة وروح استثنائية». وأضاف مخاطبا جنوده «أود أن أقول لكم إنه في أي مكان، الجيش لا يقترح أي شيء سوى الحسم. لا نتوقف عن الحرب حتى نحسم المعركة ضد هذا العدو»، كما أكد أن قواته تكمل تدريبات قتالية في مناطق حضرية ومفتوحة لرفع الجهوزية.
ولم يكتف بهذه التهديدات، بل أكد خلال جولة استطلاعية في مدينة غزة، على أن جيشه شرع في المرحلة الثانية من عملية «عربات جدعون2» لتحقيق أهداف الحرب.
وعلى أرض الميدان، بدأت الفرقتان العسكريتان 99 و162 عمليات تطويق غزة، فالثانية تتقدم من جهة الشمال، فيما تتولى الفرقة الأولى احتلال حيي الزيتون والصبرة، فيما يخطط الجيش لفتح ممر جنوبي غربي المدينة لإجبار السكان على النزوح صوب مناطق إنسانية في خان يونس.
وفقا لخطة الجيش فإنه سيواصل استدعاء الجنود الاحتياط حتى يصل إلى 60 ألف جندي، يضافون إلى آخرين ما زالوا يعملون في غزة، وآخرين من القوات النظامية، بهدف احتلال المدينة بالكامل، بعد ترحيل سكانها إلى مناطق وسط وجنوب القطاع، بعد أن أعلن رسميا قبل عدة أيام عن مدينة غزة بأنها أصبحت «منطقة قتال خطيرة»، قام خلالها بالعودة إلى أسلوب الروبوتات المخففة لنسف المنازل بأطنان من المتفجرات بأصوات عالية ترعب السكان في أقاصي المدينة، لدفعهم صوب النزوح.
وكشف النقاب أيضا، أن جيش الاحتلال يخطط لاستخدام ناقلات جند قديمة محمّلة بالمتفجرات وتفجيرها عن بُعد، في مسعى لتقليل ما يصفه بالمخاطر التي تواجه جنوده خلال احتلال مدينة غزة، وأنه وبأمر من مسؤول المنطقة الجنوبية فقد ازداد استخدام هذه المركبات بشكل ملحوظ في ذروة العملية، وأن مئات ناقلات الجند المدرعة المفخخة نقلت على حدود غزة.
ومن أجل تشجيع جيشه على تصعيد العدوان، خاطب نتنياهو الجنود الجدد بخطاب مصور جاء فيه «نحن نخوض حربا عنيدة وعادلة لا مثيل لها»، وتابع «نحن نعمل على الحسم مع حركة حماس»، وختم قائلا: «ما بدأ في غزة يجب أن ينتهي في غزة. نحن نقف الآن أمام مرحلة الحسم».

خطط ترامب

هذه التطورات الميدانية جاءت بعد الكشف عن مناقشة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وشركائها الدوليين مقترحاتٍ لبناء «ريفييرا الشرق الأوسط» من جديد على أنقاض غزة، أحدها يُرسي سيطرةً أمريكيةً لمدة عشر سنوات ويدفع الفلسطينيين إلى الهجرة القسرية، وهي خطة خطيرة تؤكد مضي الإدارة الأمريكية في دعم حكومة اليمين الإسرائيلي، التي تخطط هي الأخرى لتهجير سكان غزة، خاصة وانها تفصح أن المرحلة الثانية من الهجوم البري الجديد «عربات جدعون 2»، ستطال مخيمات وسط القطاع، ودفع من فيها من سكان ونازحين نحو التوجه إلى مواصي خان يونس، ومن هناك تهجيرهم قسرا.
وحسب صحيفة «واشنطن بوست» فإن الخطة التي يتم تداولها داخل إدارة ترامب لما بعد الحرب بشأن غزة، والتي تم تصميمها على غرار تعهد الرئيس دونالد ترامب «بالسيطرة» على غزة من شأنها أن تحول القطاع إلى وصاية تديرها الولايات المتحدة لمدة لا تقل عن 10 سنوات بينما يتم تحويل غزة إلى منتجع سياحي لامع ومركز تصنيع وتكنولوجيا عالية التقنية.
وحسب ما كشف تتضمن الخطة المكونة من 38 صفحة، نقل سكان غزة إلى بلد آخر، أو إلى مناطق مقيدة ومؤمنة داخل القطاع أثناء إعادة الإعمار، مع منح كل فلسطيني يختار المغادرة دفعة نقدية قدرها 5000 دولار أمريكي، بالإضافة إلى دعم لتغطية إيجار منزله لمدة أربع سنوات في مكان آخر، بالإضافة إلى تكاليف الطعام لمدة عام.
وفي خضم تلك التطورات، وبدلا من الضغط على إسرائيل من أجل الموافقة على مقترح التهدئة، طالب الرئيس الأمريكي حماس بإعادة جميع الأسرى العشرين لديها على الفور «ثم ستتغير الأمور».
حركة حماس من جهتها ردت على ذلك، بالقول إنها لا تزال تنتظر رد الاحتلال على المقترح الذي قدمه الوسطاء للحركة في 18 آب/أغسطس الماضي والذي وافقت عليه الحركة والفصائل الفلسطينية، وقد جددت التأكيد على استعدادها الذهاب إلى صفقة شاملة يتم بموجبها إطلاق سراح جميع أسرى العدو لدى المقاومة، مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين لدى الاحتلال، ضمن اتفاق ينهي الحرب على قطاع غزة وانسحاب كافة قوات الاحتلال من كامل القطاع وفتح المعابر لإدخال احتياجات القطاع كافة وبدء عملية الإعمار، كما جددت الحركة التأكيد على موافقتها لتشكيل إدارة وطنية مستقلة من التكنوقراط لإدارة شؤون قطاع غزة كافة وتحمل مسؤولياتها فوراً في كل المجالات.
في المقابل، رفضت إسرائيل، إعلان حركة حماس عن استعدادها إبرام صفقة شاملة تشمل إطلاق الأسرى وإنهاء الحرب، وزعم مكتب نتنياهو تعليقا على بيان حماس بأن ما جاءت به حماس «دعاية فارغة»، مؤكداً أن الحرب يمكن أن تتوقف فوراً فقط إذا تحققت الشروط التي حددها «الكابنيت»، وهي، الإفراج عن جميع الأسرى، ونزع سلاح حماس، وفرض سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة على غزة، وإنشاء إدارة مدنية بديلة.
كما هاجم وزير الجيش إسرائيل كاتس حركة حماس بالقول إنها «تواصل إطلاق كلمات فارغة»، محذراً من أن عليها القبول بشروط إسرائيل أو مواجهة «مصير مشابه لرفح وبيت حانون»، في إشارة للهجوم البري الحاصل على غزة.
وهنا لا بد من التذكير بأن مجمل الأوضاع والتصعيد الميداني، يأتي في وقت تشتد فيه الأزمة الإنسانية في القطاع، الذي يعاني من تكدس كبير للسكان في مناطق ضيقة، ما ينذر بانهيار كامل للخدمات وانتشار الأمراض والأوبئة والمجاعة، وارتفاع الوفيات سواء بالمرض أو بالصواريخ.

تدهور الوضع الإنساني

وصفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» الأوضاع في قطاع غزة بأنها صعبة للغاية وخطيرة جدا، مشيرة إلى أن دخول القطاع مرحلة التجويع جاء نتيجة الحصار المشدد وغياب المساعدات الكافية. وأكدت أن المجاعة «صُنعت بقرار سياسي إسرائيلي»، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء.
أشارت «اليونيسيف» إلى أن المدن الرئيسية في القطاع مثل غزة ودير البلح ومخيمات الوسطى وخان يونس تتجه نحو تجويع شامل، حيث تظهر المؤشرات أن 39 في المئة من السكان يعيشون دون طعام لساعات أو أيام، بينما تواجه المنظمات الإنسانية صعوبات كبيرة في توفير المساعدات بسبب قيود الاحتلال وعراقيله.
ولذلك أبدت الأمم المتحدة قلقا من أن الهجوم الإسرائيلي على مدينة غزة قد يكون له «تأثير مروع» على السكان في جميع أنحاء القطاع في حال تصاعده.
أما جهاز الدفاع المدني، فأكد أن المخطط الإسرائيلي التهجيري لنحو مليون ونصف مليون مواطن «تترتب عليه تداعيات خطيرة جدًا ستقودنا إلى الكارثة الكبرى»، لافتا إلى أن «المنطقة الإنسانية» التي يطالب الاحتلال المواطنين بالنزوح، لا يتجاوز حجمها الـ 12في المئة من مساحة القطاع، ما يجعلها أشبه بسجن يفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الآدمية، خاصة وأن 75 في المئة من السكان لا يمتلكون خيمة أو حتى أماكن تؤوي أسرهم في ظل الاكتظاظ السكاني.
أما المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، فأشار إلى أن جيش الاحتلال يصعد استهداف النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس، وأنه يحوّل «المنطقة الإنسانية» إلى مصيدة موت، في إطار سياسة منهجية تقوم على نفي الأمان عن أي مكان يتواجد فيه الفلسطينيون، وتحويل كل ملاذ إلى هدف، ضمن حملة «الإبادة الجماعية» الهادفة إلى القضاء على الفلسطينيين.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير