الوثيقة | مشاهدة الموضوع - مخرجه الأخير بن سلمان.. هل يعيد نتنياهو “زعامته” بتحويل “الإبراهيميات” إلى “بنياميات”؟
تغيير حجم الخط     

مخرجه الأخير بن سلمان.. هل يعيد نتنياهو “زعامته” بتحويل “الإبراهيميات” إلى “بنياميات”؟

مشاركة » الخميس مايو 25, 2023 1:45 pm

9.jpg
 
سموها مناورة نتنة أو صفقة القرن أو الواقعية السياسية، إن ما يحصل في الأسابيع الأخيرة في مثلث واشنطن – الرياض – القدس، يقوض بعض المسلمات الأكثر قدسية في الشرق الأوسط. أحد أضلاع المثلث هو الرئيس بايدن – وللدقة مستشاره للأمن القومي جيك سوليفان، ووزير الخارجية توني بلينكن، ورئيس الـ “سي.اي.ايه” بل برانس. فقد سافر الثلاثة قبل بضعة أشهر في حملة مكوكية هدفها ترميم العلاقات بين الإدارة الأمريكية والقصر الملكي السعودي. كانت المبررات بوفرة: لن نسمح للسعودية بالوقوع في شباك الصين، الخصم الأكبر لإدارة بايدن؛ ولن نسمح لها بالوقوع في شباك إيران. مبادرة سياسية يمكنها أن تفيد بايدن في سنة الانتخابات. فبايدن سيروي للناخبين أن أمريكا لا تهرب من الشرق الأوسط، بل تقوده بثقة، دون أن تعرض جندياً أمريكياً واحداً للخطر.

الضلع الثاني هو محمد بن سلمان MBS الحاكم الفعلي للسعودية. هو ابن 37، جريء، مصمم، مغرور، غير متوقع وغير مستقر، باختصار هو كل ما اعتقدنا أننا نعرفه عن هذه المملكة المنشودة، باستثناء أنه العكس. وجريمة خاشقجي، إلى جانب قتل جماعي لغير المشاركين في حرب اليمن، جعلت MBS الحاكم الأكثر كرهاً على الديمقراطيين في واشنطن، أخ لبوتين وترامب.

المال متوفر لمحمد بن سلمان، وكذا الزمن. لقد فضل انتظار الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني القادم، والعودة المحتملة لترامب إلى البيت الأبيض. في هذه الأثناء، بطن كرسي جاريد كوشنر، صهر ترامب، بمليارات الدولارات، سلفة على حساب المستقبل.

سوليفان ضغط، وبن سلمان استجاب. تقدم لإدارة بايدن بمطلبين ونصف: الأول، صفقة سلاح تعطي للسعودية الدمى الأكثر تقدماً في ترسانة السلاح الأمريكية، كل ما وعده ترامب لـ MBZ محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للإمارات، وأكثر بكثير. طائرات اف 35، القشدة، ستكون جزءاً من الصفقة. المطلب الثاني أبعد مدى: إقامة منشأة لتخصيب اليورانيوم تدخل السعودية إلى النادي النووي. مثل كل الدول في المنطقة، السعودية أيضاً تقول إنها معنية بالذرة لأغراض سلمية فقط.

نصف المطلب يتعلق بالفلسطينيين. حسب إحدى الروايات، أدخل MBS الفلسطينيين إلى المفاوضات فقط كي يثبت أنه يطالب أكثر من MBZ. حسب رواية أخرى، كان مستعداً للقفز عن الفلسطينيين. ولد المطلب في البيت الأبيض: فبايدن يعرف أنه سيكون صعباً عليه إقناع الديمقراطيين بقبول مطالب الأمير السعودي. وهو ملزم بالتقدم بها إلى الكونغرس على طريقة ميري بوبينس، مع ملعقة سكر. الملعقة تنازل مدوٍ تقدمه حكومة إسرائيل لأبو مازن، ربما استئناف المسيرة السياسية، ربما تجميد المستوطنات، ربما هذا وذاك.

البيت الأبيض يحتاج إلى تنازل آخر من إسرائيل، دون صلة بالسعوديين، لكن بعلاقة شجاعة بالمزاج في الكتلة الديمقراطية في مجلسي الكونغرس: تجميد الانقلاب القضائي. نتنياهو استجاب: الاحتجاج في الشوارع أجبره على تجميد التشريع في كل حال. باع التجميد لشركات التصنيف للإسرائيليين وللبيت الأبيض كلهم معاً.

ينكب نتنياهو اليوم كله، مثلما يعرف، على الدفع قدماً بالمشروع السعودي. فهو يؤمن بأنه سيحل معظم مشاكله، من الداخل والخارج. بوابات البيت الأبيض ستعود لتفتح أمامه؛ والناخبون الذين هجروه سيعودون ويغلفونه من جديد بهالة الزعيم عظيم القوة، عظيم السحر. الزعيم بالإجماع. إسرائيل والسعودية كتفاً بكتف ضد إيران. اتفاقات إبراهيم ستشحب أمام اتفاقات بنيامين.

خطوة كبيرة لإسرائيل.. خطوة عظيمة لنتنياهو

ثمة عائق صغير واحد في الطريق إلى النصر: أن تركيبة الحكومة التي يقف على رأسها لا تنسجم مع التنازلات للفلسطينيين أو مع تجميد المستوطنات. سموتريتش وبن غفير من شأنهما أن يفككا الحكومة. ولبيد وغانتس سيصعب عليهما الدخول مكانهما، خصوصاً أن نتنياهو ما زال متهماً جنائياً.

التطبيع مع السعودية يمكنه أن يولد أموراً كثيرة؛ يمكنه أن يسهل على هجوم مبادر إليه من إسرائيل على إيران، هجوم يكثر نتنياهو من التلميح به، والجيش الإسرائيلي يستثمر غير قليل في إعداده؛ ويمكنه أن يولد تياراً جديداً من الاستثمارات التي تخرج الدولة من الركود؛ وربما يبث حياة جديدة في خطة السلام السعودية. وكبديل، يمكنه أن يولد أقل بكثير: يجدر بالذكر أن إسرائيل شريكة فرعية للصفقة، لا العريس ولا العروس. مطالب السعودية في مجال السلاح والنووي لا تتوافق ومصالح إسرائيل. الأمير السعودي يحاول أن يطبع مع الجميع – مع أمريكا، إسرائيل، الصين، إيران.

قصة الصفقة نشرت لأول مرة هنا، في 3 شباط من هذا العام، بختام جولة جس نبض أولى لمسؤولين أمريكيين كبار. المعطيات الأساس التي وصفتها في حينه لم تتغير: حماسة نتنياهو؛ واضطرارات بايدن؛ وفظاظة الأمير. منذئذ اجتازت المسيرة إنضاجاً.

حدث بهذا الحجم يعطي نتائج سياسية بشكل عام. التوجه إلى الانتخابات، تحت أجنحة الاتفاق، هو إحدى الإمكانيات؛ والصفقة القضائية إمكانية أخرى. في حزيران 1986 منح الرئيس حاييم هرتسوغ عفواً لرئيس “الشاباك” أبراهام شالوم، ولكبار رجالات الجهاز ممن كانوا مسؤولين عن قضية خط 300. وقد صدر العفو لمن قتلوا مخربين مكبلين وتورطوا بالنكران في اللجنة التي حققت في القضية. كان عفواً قبل المحاكمة، أحبولة خلفت وصمة لا تمحى على جبين المحكمة العليا وعلى مؤسسة الرئاسة.

إذا مر عفو قبل المحاكمة في حلق قضاة العليا، فإن عفواً في زمن المحاكمة سيمر. في فرنسا يسمون هذا Raison d’Etat: ما هو خير للدولة، هو خير لقيمها. ربما أكون أقع في خطيئة التشاؤم الزائد، لكن لا يمكن استبعاد إمكانية النهاية التالية: نتنياهو يكتب كتاباً جميلاً يعرب فيه عن الأسف عن التحرش الذي تسببت له به المنظومة القضائية في ملفات 1000، 2000 و4000. الرئيس يقول بضع كلمات جميلة بالثناء على الندم والثناء على الوحدة، وتنتهي القصة.

حمام مشترك

“لم يحدث أمر كهذا”، يقول أحد كبار المنظومة. “في الشرق الأوسط الكل يتحدث الآن مع الكل. إسرائيل مع السعودية، قطر والإمارات؛ السعودية مع إيران، إسرائيل وسوريا؛ الإمارات مع إيران وإسرائيل؛ الأمريكيون مع إيران، الإمارات وإسرائيل؛ الصين مع السعودية وإسرائيل؛ روسيا مع إيران، سوريا وإسرائيل. لا أحد يعرف من اتفق مع من وعلى ماذا.

كان في “الكيبوتسات” [مزارع استيطانية] ذات مرة حمام مشترك، وفي الحائط ثقب على ارتفاع ما. ثلاثة نساء يتلصصن. ليس زوجي، قالت إحداهن. صحيح، ليس زوجك، أكدت الثانية. إنه ليس من هذا “الكيبوتس”، قررت الثالثة.

تتلخص الصورة الإقليمية تتلخص في عدة ظواهر أخرى، محملة بالمصير.

الربيع العربي، الذي نشب بصخب قبل 12 سنة، مات واختفى. كان فعل النهاية هذا الشهر، مع عودة سوريا الأسد إلى الجامعة العربية.
أمريكا تنسحب من المنطقة لكن ظلها باق فيها.
انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي مع إيران مع خطأ بحجم تاريخي. العقوبات الاقتصادية فشلت. قام محور مشترك لإيران وروسيا، تصل آثاره حتى الحرب في أوكرانيا. نتنياهو، الذي دفع الأمريكيين إلى الانسحاب من الاتفاق، يتحمل جزءاً من المسؤولية. إيران قريبة من القنبلة. الأعمال السرية المنسوبة لإسرائيل لم تحرفها عن الطريق. كانت تصفية قاسم سليماني الاغتيال الأهم، من جملة اغتيالات نفذها الأمريكيون. الحرس الثوري يصعب عليه الانتعاش لإعادة بناء سلسلة القيادة، ورغم ضيقهم يغرقون سوريا ولبنان بالسلاح والذخيرة.

ناحوم برنياع

يديعوت أحرونوت 25/5/2023
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير