سلط تقرير بريطاني، الضوء على الجدل الدائر في العراق حول أول إحصاء سكاني سيجري في هذا البلد منذ 27 سنة، وفيما أشار إلى شبهات تسييس ونزاعات حزبية، اعتبر أنها خطوة حيوية من أجل تحسين الخدمات العامة والاستفادة من الازدهار الاقتصادي الحاصل.
وذكر تقرير لموقع “أمواج” البريطاني، أن الاحصاء السكاني المقرر في 20 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، هو الاول منذ نحو 3 عقود، شهد جدلا يتعلق بقرار بغداد عدم ادراج “الطائفة” و”العرق” في الاستبيان الاحصائي، وهوما قاد الى ظهور اتهامات بان عملية الاحصاء قد جرى تسييسها من قبل المؤسسة السياسية العراقية.
ونقل التقرير عن الصحفي العراقي يحيى الكبيسي، قوله ان الاحزاب الشيعية سعت الى حجب البيانات التي قد تتحدى التقديرات الديموغرافية السائدة حول اغلبية الشيعة في العراق، مضيفا ان الارقام المتعلقة بالكسان التي تصدر عن المنظمات العراقية والدولية “ليست مجرد ارقام”، وانما هي “سرديات ديموغرافية” يفترض انها موضوعية، وانما لاغراض سياسية.
كما نقل التقرير البريطاني، عن المحلل السياسي باسل الكاظمي، قوله ان حملة التعداد السكاني، ستخدم بالدرجة الاولى الفصائل السياسية في محافظات العراق، موضحا ان هذه الاطراف ستستغل هذه البيانات “لنيل حصة اكبر من الغنائم” من بغداد.
والى جانب ذلك، نقل التقرير عن محلل عراقي لم يسمه قوله على منصة “اكس” قوله ان “التقديرات الوهمية” للتركيبة الدينية والعرقية في العراق، وضعت بشكل رسمي من قبل الرئيس السابق لسلطة التحالف المؤقتة بقيادة الامريكي بول بريمر (2003-2004)، والذي ساهم في تشكيل التركيبة السياسية للتقاسم العرقي-الطائفي في العراق.
إلا أن التقرير البريطاني، رأى أن المسؤولين العراقيين يدافعون عن نزاهة الاحصاء السكاني، حيث يعتبرون ان العملية ليست مرتبطة بتاتا بأي “جدل سياسي”، بما في ذلك ما يتعلق بالاحزاب او الطوائف او الاعراض والاديان.
ونقل التقرير عن وزارة التخطيط العراقية اشارتها الى ان الاحصاء السكاني سيشمل “كافة شرائح المجتمع”، حيث يتضمن الاستبيان أسئلة مرتبطة بالسكن والتعليم والصحة والعمل والحصول على الخدمات، وهو ما من شأنه مساعدة الحكومة على توسيع خدماتها في ظل الطفرة التنموية الحالية.
وذكر التقرير، بأن الإعلان للمرة الأولى عن الاحصاء السكاني الجديد من جانب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في العام 2023 كجزء من خطة التنمية الخمسية، حيث تتولى وزارة التخطيط تنفيذ الحملة، وذلك بدعم لوجستي من صندوق الامم المتحدة للسكان.
واشار التقرير الى ان التعداد السكاني الاخير في العراق جرى في العام 1997 في عهد الرئيس السابق صدام حسين، واظهر ان عدد سكان العراق كان يبلغ وقتها حوالي 22 مليون نسمة، لكن ذلك الاحصاء لم يشمل إقليم كوردستان الذي خرج من سيطرة صدام بعد حرب الخليج 1990-1991.
وتابع التقرير ان الاحصاءات السكانية السابقة خلال نظام البعث كانت ايضا تستبعد الاشارة الى “الطائفة” في الاستبيانات على الرغم من انها كانت تشير الى الدين والانتماء العرقي. واضاف التقرير ان محاولات الاحصاء اللاحقة بعد الغزو العام 2003، فقد واجهت عوائق عدة، ففي حملة العام 2009، تعرض القائمون على الحملة الى القتل بايدي مسلحين، اما جائحة كورونا فقد احبطت عملية احصاء في العام 2020.
ولفت التقرير كذلك، إلى أن المحكمة الاتحادية العليا كانت قد أصدرت في وقت سابق من هذا العام حكما باستبعاد خانة التعريف بـ”العرق”، وذلك بعد اتفاق في العام 2020 بين الأحزاب الشيعية والكوردية.
واشار التقرير الى امال بتسوية النزاعات السياسية العالقة منذ عهد البعث، والتي يتضمن الكثير منها الصراع حول اعداد النسب السكانية من المكونات العراقية، لافتا الى ان من بين تلك النزاعات قضية “التعريب” في كركوك والمناطق المحيطة بها، والتي تطالب بها كل من بغداد وحكومة اقليم كوردستان والتي يقطنها عرب وكورد وتركمان.
كما ذكر التقرير بوجود المادة 140 من الدستور والتي تعتبر بمثابة خريطة طريق لمعالجة ازمة كركوك، حيث ان بنودها تتضمن اجراء احصاء سكاني والذي كان من المفترض انها يشمل خانة التعريف ب”العرق، مضيفا ان الفصائل السياسية لم تتعامل حتى الان مع هذه المادة.
وبرغم ان التقرير قال ان نجاح المخطط التجريبي للاحصاء يمثل بشرى خير للاحصاء العام للسكان، الا انه استبعد ان ترضي النتائج المراقبين الذين يأملون بان تساهم هذه الخطوة الى معالجة النزاعات الديموغرافية الساخنة.
ونقل التقرير البريطاني، عن الخبير الاقتصادي علي عبد الكاظم قوله ان مثل هذه المعلومات تعتبر “ضرورية” من اجل سياسة الحكومة وتخطيطها، إلا أن التشكيك موجود في الجدوى الاقتصادية للاحصاء السكاني في ظل وجود “الفساد المالي والإداري المستشري”.
وخلص إلى القول إن “وجود الاتهامات بالتدخلات السياسية، يمكنها ان تؤدي الى تقويض الثقة في نتائج الاحصاء، خصوصا في حال اعتبرها الجمهور او البيروقراطية بانها نتائج غير موثوقة”، مردفاً: “بينما روجت بغداد لاهمية ارقام الاحصاء باعتبارها حاسمة فميا يتعلق بتنمية، الا انه من غير الواضح بشكل محدد كيف سيتم استخدامها من قبل صناع السياسة”.
وختم تقرير أمواج البريطاني، إلى القول: “مع استبعاد البيانات المتعلقة بـ(العرق) من الاحصاء السكاني، فانه من المرجح ان يبدأ المراقبون بطرح تساؤلات عما إذا كان من الممكن استخدام بيانات الاعراق، في اي احصاء لتسوية نزاع كركوك المكونة من خليط عرقي”