يوم بعد آخر تأخذ العمليات العسكرية التركية شمالي العراق منحى خطيرا، وتتحول من مطاردة عناصر حزب العمال في القرى الحدودية إلى عمليات قصف واغتيال داخل مراكز المدن في دهوك والسليمانية، في تطور عده برلمانيون “مؤشرا خطيرا”، وفيما طالبوا الحكومة بتدخل عاجل لمنع الزحف التركي، أكدوا أن البرلمان سينظم استضافات لمسؤولين واستجوابهم إزاء هذه التطورات.
ويقول عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية عامر الفايز، إن “العدوان التركي على سيادة العراق تطوّر بشكل كبير وخطير وأصبح يستهدف مناطق داخل المدن ويغتال شخصيات داخل الأحياء السكنية خاصة في السليمانية، وهذا مؤشر خطير”.
ويضيف الفايز أن “التصعيد التركي الأخير يتطلب تدخلا عاجلا من قبل وزارة الخارجية العراقية، لاتخاذ خطوات وإجراءات عملية لردع أنقرة عن هكذا عمليات تهدد أمن العراق واستقراره وتنتهك السيادة، وعدم الاكتفاء ببيانات الاستنكار”.
ويشير إلى أن “مجلس النواب سيعاود جلساته خلال الأيام القليلة المقبلة، وسيكون له دور بشأن تصاعد العمليات التركية داخل العراق، وسيعمل على توجيه أسئلة برلمانية وكذلك استضافات مختلفة لدفع الجهات الحكومية المختصة لاتخاذ خطوات حقيقية لوقف هذا العدوان المتصاعد”.
وتواصل تركيا عملياتها العسكرية شمالي العراق، بشكل يومي، إذ نفذت خلال اليومين الماضيين العديد من عمليات القصف في محافظتي دهوك والسليمانية وكذلك في جنوب كردستان.
وأكد مسؤول مركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحفيين رحمن غريب، أن القوات التركية دخلت لأراضي إقليم كردستان بنحو 50 كيلومتراً، كما تقوم طائراتهم المسيرة باستهداف مواطنين أبرياء في كردستان وصحفيين كذلك.
واستهدفت طائرة مسيرة تركية، عجلة تابعة لشركة “جتر” كانت تقل صحفيتين على الطريق الرابط بين قضاء سيد صادق وحلبجة ذهبتا لتصوير برنامج تلفزيوني، فيما أدانت الأوساط الصحفية في السليمانية، استهداف أعضاء من الأسرة الصحفية، مؤكدة على ضرورة منع تكرار هذه الحالات.
من جهته، يؤكد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية محمد الشمري، أن “التصعيد التركي الأخير على سيادة العراق من خلال استهداف مدن سكنية وتنفيذ الطيران التركي عمليات اغتيال داخل المدن العراقية، تطور خطير لا يجب السكوت عنه”.
ويبين الشمري أن “صمت الحكومة العراقية تجاه هذا العدوان المتصاعد، سيعطي دافعا إلى تركيا لاستمرار العدوان على سيادة العراق وتهديد امنه، لذا يجب أن يكون هناك موقف حازم للحكومة لردع تركيا عن عملياتها العدوانية وإخراج كامل قواتها المحتلة من الأراضي العراقية”.
ويضيف أن “مجلس النواب العراقي يتابع كل التطورات التي تحدث في إقليم كردستان وتصاعد العدوان التركي على سيادة العراق هناك وسوف يتخذ قرارات نيابية تكون ملزمة للحكومة للتعامل مع هذا الملف بعيدا عن أي مجاملات وضغوطات”.
ورغم التحركات العسكرية التركية الواسعة، ما زالت السلطات الاتحادية في بغداد والمحلية في إقليم كردستان تلتزم الصمت حيالها، باستثناء إعلان مجلس الأمن الوطني الاتحادي في تموز يوليو الماضي، رفضه للتوغّل التركي، ومطالبته أنقرة بمراعاة مبادئ حسن الجوار، فيما لم يصدر عن بغداد أو أربيل أي بيان بشأن العمليات الجديدة، الأمر الذي يفسر بنوع من قبول في بغداد وعجز في أربيل عن إمكانية وقف التحركات التركية.
يشار إلى أن العمليات التركية مستمرة منذ نحو أشهر مسببة خسائر مادية وبشرية كبيرة، فيما يقول الجانب التركي إن عملياته في مناطق إقليم كردستان تهدف لإنشاء منطقة عازلة خالية من حزب العمال الكردستاني وعلى عمق 40 كيلومترا، مشيرا إلى ان ما يجري من عمليات عسكرية جاء بالتنسيق وبغرفة عمليات مشتركة مع القوات الأمنية العراقية، وهو جزء من جملة مذكرات تفاهم واتفاقيات وقعت بين السوداني واردوغان خلال زيارته الى العراق قبل أشهر.
إلى ذلك، يذهب الباحث بالشأن الامني أحمد الشريفي، خلال حديث إلى أن “التصعيد التركي على السليمانية ودهوك، امر طبيعي في ظل عدم اتخاذ بغداد أي مواقف حقيقية لردع أنقرة عن تلك العمليات العسكرية العدوانية، وبقاء الأمر على ما هو عليه سيدفع أنقرة لمزيد من التصعيد خلال المرحلة المقبلة”.
ويوضح الشريفي أن “العدوان التركي تطور من استهداف قرى حدودية إلى عمليات اغتيال وقصف داخل مراكز المدن والأحياء السكنية وهذا مؤشر خطير يجب الوقوف عنده، وإيقاف أي عمليات عسكرية تركية، فهذا القصف ربما سيدفع بالجيش التركي إلى التوغل لعمق المدن السكنية”.
ويشدد على أن “الحكومة العراقية مطالبة بتحرك دولي عاجل لإيقاف عدوان تركيا على العراق والعمل على سحب القوات التركية غير الشرعية من الأراضي العراقية، فهي قوات تعمل على تهديد الأمن القومي العراقي، وتشكل خطراً على سيادة العراق”.
ومنذ مطلع العالم 2021، صعدت تركيا من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الإنزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط أمنية بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة إلى الإعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الأراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.
وانتشرت القوات التركية، بشكل منسق في قرى قضاء العمادية بدهوك، في 29 حزيران يونيو الماضي، كما قصفت القوات التركية ناحية ديرلوك بالمحافظة، بشكل مكثف أيضا.