الوثيقة | مشاهدة الموضوع - أول‭ ‬إحصاء‭ ‬لسكان‭ ‬العراق‭ ‬بعد‭ ‬40‭ ‬عاما‭ ‬يتجاهل‭ ‬ملايين‭ ‬الخارج‭ ‬ويلغي‭ ‬بند‭ ‬القومية
تغيير حجم الخط     

أول‭ ‬إحصاء‭ ‬لسكان‭ ‬العراق‭ ‬بعد‭ ‬40‭ ‬عاما‭ ‬يتجاهل‭ ‬ملايين‭ ‬الخارج‭ ‬ويلغي‭ ‬بند‭ ‬القومية

مشاركة » الأربعاء نوفمبر 20, 2024 8:43 pm

5.jpg
 
بغداد‭ -‬لندن‭ – ‬باريس‭ — ‬الزمان

بدأت‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬عملية‭ ‬التعداد‭ ‬الشامل‭ ‬للسكان‭ ‬والمساكن،‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬جميع‭ ‬محافظات‭ ‬البلاد‭ ‬للمرة‭ ‬الأولى‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬1987‭. ‬تأتي‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬تستمر‭ ‬يومين‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬محاولات‭ ‬الحكومة‭ ‬لجمع‭ ‬بيانات‭ ‬دقيقة‭ ‬تُساعد‭ ‬على‭ ‬التخطيط‭ ‬التنموي‭ ‬وتوزيع‭ ‬الموارد‭ ‬والتعاطي‭ ‬الإيجابي‭ ‬مع‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭. ‬فيما‭ ‬أثارت‭ ‬العملية‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجدل‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬المحلي‭ ‬والخارجي‭. ‬وركز‭ ‬التعداد‭ ‬السكاني‭ ‬على‭ ‬الديانة‭ ‬وتجاهل‭ ‬القومية‭ ‬والطائفة‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬وصفت‭ ‬بالترضية‭ ‬السياسية‭ ‬لأطراف‭ ‬معينة‭ ‬تخشى‭ ‬على‭ ‬مكاسبها‭ ‬المجنية‭ ‬من‭ ‬معطيات‭ ‬وهمية‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬الأخيرين‭ ‬بحسب‭ ‬ناشطين‭. ‬فقد‭ ‬أثار‭ ‬اقصاء‭ ‬عراقيي‭ ‬الخارج‭ ‬عن‭ ‬التعداد‭ ‬استياءً‭ ‬واسعاً‭ ‬في‭ ‬اوساط‭ ‬الجاليات‭ ‬بالخارج،لاسيما‭ ‬ان‭ ‬اعدادهم‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايين،‭ ‬اذ‭ ‬عبّر‭ ‬ناشطون‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وفي‭ ‬تصريحات‭ ‬خاصة‭ ‬للزمان‭ ‬عن‭ ‬شعورهم‭ ‬بالتهميش‭ ‬وان‭ ‬انكار‭ ‬وجود‭ ‬الجاليات‭ ‬العراقية‭ ‬يعني‭ ‬موقفا‭ ‬سياسيا‭ ‬وغير‭ ‬انساني‭ ‬وقال‭ ‬الدكتور‭ ‬فارس‭ ‬المهداوي‭ ‬امين‭ ‬عام‭ ‬منظمة‭ ‬المغتربين‭ ‬العراقيين‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬لمراسل‭ ‬‮«‬‭ ‬الزمان‮»‬‭ ‬ان‭ ‬الاستهانة‭ ‬بالعراقيين‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬كوجود‭ ‬بشري‭ ‬مليء‭ ‬بالطاقات‭ ‬والكفاءات‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬مسارات‭ ‬خاطئة‭ ‬وقعت‭ ‬فيها‭ ‬سلطات‭ ‬التخطيط‭ ‬،ودعا‭ ‬المهداوي‭ ‬لمساءلة‭ ‬وزير‭ ‬التخطيط‭ ‬بوصفه‭ ‬المسؤول‭ ‬الأول‭ ‬لكي‭ ‬يوضح‭ ‬لملايين‭ ‬من‭ ‬العراقيين‭ ‬أسباب‭ ‬هذا‭ ‬التجاهل‭. ‬وأكد‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬التخطيط‭ ‬تجاهلت‭ ‬مطالبهم‭ ‬المعلنة‭ ‬مرارا‭ ‬بتضمينهم‭ ‬في‭ ‬التعداد‭. ‬وقال‭ ‬المحامي‭ ‬فوزي‭ ‬الزريجاوي‭ ‬احد‭ ‬الناشطين‭ ‬الحقوقيين‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬الزمان‮»‬‭: ‬‮«‬التعداد‭ ‬هو‭ ‬فرصة‭ ‬لربطنا‭ ‬بالوطن‭ ‬الأم،‭ ‬لكن‭ ‬الوزارة‭ ‬لا‭ ‬تُعير‭ ‬اهتماماً‭ ‬للمغتربين‭ ‬وكنا‭ ‬نتوقع‭ ‬ان‭ ‬يقوم‭ ‬وزير‭ ‬التخطيط‭ ‬بزيارات‭ ‬ميدانية‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬الجاليات‭ ‬بالخارج‭ ‬او‭ ‬ان‭ ‬تصل‭ ‬وفود‭ ‬مختصة‭ ‬لهذا‭ ‬الغرض‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬انتقد‭ ‬نواب‭ ‬في‭ ‬البرلمان‭ ‬تخصيص‭ ‬ميزانية‭ ‬ضخمة‭ ‬للتعداد‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تخضع‭ ‬للمراقبة‭ ‬الكافية،‭ ‬واعتبروا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الميزانية‭ ‬كانت‭ ‬تكفي‭ ‬لتغطية‭ ‬عملية‭ ‬تشمل‭ ‬المغتربين‭ ‬ووصفوها‭ ‬بالاكبر‭ ‬في‭ ‬مجالها‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬الدولة‭ ‬العراقية‭. ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬قال‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬نبيل‭ ‬المرسومي‭ ‬ان‭ ‬موازنة‭ ‬التعداد‭ ‬ارتفعت‭ ‬اضعافا‭ ‬مضاعفة‭ ‬عما‭ ‬أعلنته‭ ‬الوزارة‭.‬

وداخل‭ ‬العراق،‭ ‬أبدى‭ ‬مواطنون‭ ‬استياءهم‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬التنظيم،‭ ‬حيث‭ ‬شكا‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬من‭ ‬زيارات‭ ‬متكررة‭ ‬للفرق‭ ‬الإحصائية‭ ‬نتيجة‭ ‬‮«‬تداخل‭ ‬في‭ ‬البيانات‮»‬‭. ‬وتداول‭ ‬مستخدمو‭ ‬منصة‭ ‬‮«‬إكس‮»‬‭ ‬صوراً‭ ‬لطوابير‭ ‬طويلة‭ ‬أمام‭ ‬مكاتب‭ ‬الأحوال‭ ‬المدنية،‭ ‬مما‭ ‬أثار‭ ‬موجة‭ ‬من‭ ‬التعليقات‭ ‬الساخرة‭. ‬وكتب‭ ‬أحدهم‭:‬‭ ‬‮«‬لما‭ ‬تكون‭ ‬فرق‭ ‬التعداد‭ ‬عند‭ ‬الباب‭ ‬وأنت‭ ‬مو‭ ‬محدّث‭ ‬بطاقة‭ ‬السكن‭… ‬فيلم‭ ‬فوضى‭ ‬عراقي‭ ‬بامتياز‭!‬‮»‬‭. ‬وشهدت‭ ‬مدينة‭ ‬كركوك‭ ‬تصاعداً‭ ‬في‭ ‬التوترات‭ ‬إثر‭ ‬تقارير‭ ‬عن‭ ‬قدوم‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الأكراد‭ ‬لتسجيل‭ ‬أسمائهم‭ ‬في‭ ‬المدينة‭. ‬واعتبر‭ ‬سكان‭ ‬من‭ ‬مكونات‭ ‬أخرى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬قد‭ ‬يُؤثر‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬السكاني‭. ‬وقال‭ ‬مواطن‭ ‬من‭ ‬المدينة‭: ‬‮«‬إحنا‭ ‬نريد‭ ‬إحصاء‭ ‬شفاف‭ ‬وعادل،‭ ‬مو‭ ‬وسيلة‭ ‬للتلاعب‮»‬‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬دافع‭ ‬ناشطون‭ ‬أكراد‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬التحركات،‭ ‬معتبرين‭ ‬أنها‭ ‬تعكس‭ ‬حق‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬مدنهم‭ ‬الأصلية‭.‬

و‭ ‬تعد‭ ‬كركوك‭ ‬والمناطق‭ ‬المتنازع‭ ‬عليها‭ ‬محوراً‭ ‬أساسياً‭ ‬في‭ ‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬بغداد‭ ‬وأربيل‭. ‬وفي‭ ‬محاولة‭ ‬لتهدئة‭ ‬الأوضاع،‭ ‬اتفقت‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬على‭ ‬تسجيل‭ ‬السكان‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬أماكن‭ ‬إقامة‭ ‬أجدادهم‭ ‬أثناء‭ ‬تعداد‭ ‬1957‭.‬

تخشى‭ ‬الأقليات،‭ ‬مثل‭ ‬المسيحيين‭ ‬والإيزيديين‭ ‬والصابئة‭ ‬المندائية،‭ ‬من‭ ‬التغيرات‭ ‬الديموغرافية‭ ‬التي‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬مناطقهم،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬نزوح‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬منهم‭ ‬بسبب‭ ‬الحروب‭ ‬والصراعات‭. ‬وازدادت‭ ‬هذه‭ ‬المخاوف‭ ‬بعد‭ ‬بناء‭ ‬أحياء‭ ‬جديدة‭ ‬استقبلت‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬النازحين‭ ‬العرب‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭.‬

ويشمل‭ ‬التعداد‭ ‬الجديد‭ ‬أسئلة‭ ‬متنوعة‭ ‬تتعلق‭ ‬بالأوضاع‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والصحية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أسئلة‭ ‬عن‭ ‬المقتنيات‭ ‬المنزلية،‭ ‬وستؤثر‭ ‬النتائج‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬التمثيل‭ ‬البرلماني،‭ ‬حيث‭ ‬ينص‭ ‬الدستور‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬نائب‭ ‬لكل‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬مواطن‭.‬

وتُعد‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يشمل‭ ‬فيها‭ ‬التعداد‭ ‬جميع‭ ‬محافظات‭ ‬العراق‭ ‬الـ18،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إقليم‭ ‬كردستان،‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬استُثني‭ ‬الإقليم‭ ‬من‭ ‬تعداد‭ ‬1997‭. ‬وقد‭ ‬أُجلت‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬بسبب‭ ‬الأوضاع‭ ‬الأمنية‭ ‬والخلافات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬شهدها‭ ‬العراق‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭.‬

وسط‭ ‬هذه‭ ‬المعطيات،‭ ‬يبقى‭ ‬التعداد‭ ‬السكاني‭ ‬خطوة‭ ‬كبيرة‭ ‬لطالما‭ ‬انتظرها‭ ‬العراقيون،‭ ‬لكنها‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬تحديات‭ ‬تنظيمية‭ ‬وسياسية‭ ‬تعكس‭ ‬تعقيدات‭ ‬المشهد‭ ‬العراقي‭.‬

العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير