الوثيقة | مشاهدة الموضوع - هل ستدخل باكستان الحرب الإيرانية - الإسرائيلية؟
تغيير حجم الخط     

هل ستدخل باكستان الحرب الإيرانية - الإسرائيلية؟

مشاركة » الأحد يونيو 22, 2025 8:40 am

6.jpg
 
اجتمع مجلس الشيوخ ومجلس النواب الباكستاني الأسبوع الماضي، صبيحة الهجوم الإسرائيلي على إيران، واعتمد المجلسان بالإجماع قراراً يدين الهجوم، معلنين أنه كان انتهاكاً للقوانين الدولية ومواثيق الأمم المتحدة.

تناقل مستخدمو مواقع التواصل مقطعاً يظهر هتافات النواب الإيرانيين "شكراً باكستان" أثناء جلسة عقدت إبان الهجوم الإسرائيلي على إيران، في حين تساءل بعض الإيرانيين عن إمكان تدخل باكستان عسكرياً إلى جانب إيران كونها الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك السلاح النووي.

في خضم هذه النقاشات على مواقع التواصل الاجتماعي، ظهرت تصريحات شديدة اللهجة من وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف، الذي صرح في خطابه بمجلس النواب أن باكستان تقف مع إيران، محذراً من أن "الدور سيأتي على بقية الدول الإسلامية في حال سقوط طهران"، ولم يكتف آصف بهذه "العبارات القذافية" بل غرد من خلاله حسابه على "إكس"، معلقاً على إحدى مقابلات ابن الشاه بهلوي، وواصفاً الأخير بعبارات نابية.

أين تقف باكستان؟

لكن بعيداً من التصريحات العاطفية لوزير الدفاع الباكستاني الذي يواجه اتهامات تزوير الانتخابات، ومن أمنيات مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، أين تقف باكستان من الحرب الإيرانية - الإسرائيلية؟

اجتمع مجلس الشيوخ ومجلس النواب الباكستاني الأسبوع الماضي، صبيحة الهجوم الإسرائيلي على إيران، واعتمد المجلسان بالإجماع قراراً يدين الهجوم، معلنين أنه كان انتهاكاً للقوانين الدولية ومواثيق الأمم المتحدة.

يعكس القرار الموقف الباكستاني الرسمي من الحرب الإسرائيلية - الإيرانية، لكن مواقع التواصل استمرت في نشر التقارير التي تتحدث عن إمكان تزويد باكستان إيران بالأسلحة، حتى اضطر وزير الخارجية الباكستاني إسحق دار إلى تفنيد هذه الأخبار، موضحاً أن باكستان لن تتدخل عسكرياً في الحرب، وأن الترسانة النووية الباكستانية ليست للتدخل الخارجي بل لضمان الأمن الباكستاني.
في هذا السياق، يقول الصحافي عبدالرحمن حيات لـ"اندبندنت عربية"، إن هذا القرار يتلاءم مع موقف إسلام آباد الثابت الذي يؤكد العمل وفق القوانين الدولية، مشيراً إلى نقطة مهمة وهي أن إيران لم تقف مع باكستان في حربها ضد الهند، بل حافظت على الحياد واكتفت بإرسال وزير خارجيتها في زيارة رمزية، لكن باكستان كانت في مقدم الداعمين لإيران، ولحقها في الرد العسكري على العدوان الإسرائيلي.

ويضيف حيات "الموقف الباكستاني من القضية هو موقف دولة إسلامية نووية مسؤولة تهتم بالقوانين الدولية، وتقف مع إيران أخلاقياً ودبلوماسياً من دون أن تتدخل عسكرياً أو تزود أحد الجانبين بالسلاح". ويتابع "الأمر الآخر الذي يجب أخذه في الاعتبار أثناء تحليل الموقف الباكستاني، هو أن إسلام آباد والقيادة العسكرية القوية في الدولة لا تتحمل ولا تريد أبداً الوقوف في الجانب الخطأ ضد الولايات المتحدة التي تعتمد عليها باكستان في المعونات المالية من صندوق النقد الدولي، وتعد شريكاً تجارياً مهماً لها، لذا من السذاجة توقع أن باكستان ستنخرط في حرب تجعلها تقف في مواجهة مع واشنطن".

انعكاس الحرب

ترتبط باكستان وإيران بعلاقات تتخطى الروابط التقليدية، إذ على رغم عدم وجود علاقات ودية بين البلدين على المستوى القيادي أو السياسي أو العسكري، فإن تشكيلة الشعب الباكستاني الطائفي والتحديات الأمنية التي تواجهها الدولة تجعل من الضروري ليس مجرد بقاء النظام الإيراني، بل أيضاً وجود تواصل عملي معه.

وتمثل الطائفة الشيعية خمس سكان باكستان تقريباً، مع وجود منظمات شيعية فعالة شارك بعضها في الحرب السورية، مما يعكس الارتباط الوثيق للطائفة في باكستان مع المرجع الديني.

إضافة إلى ذلك، تواجه باكستان تحدياً حقيقياً من الانفصاليين البلوش على الحدود الإيرانية، وتمتد شبكات الانفصاليين إلى الجانب الإيراني أيضاً، حيث توجد منظمات انفصالية مشابهة. وفي حال سقوط النظام الإيراني وحدوث الفوضى، سيكون هناك خطر كبير على المصالح الباكستانية في بلوشستان، لا سيما أن الانفصاليين يدعمون التدخل الأجنبي في إيران وباكستان، لأن انفلات الأمن في الجانب الإيراني ستكون له تبعات مماثلة على الجانب الباكستاني، وهذا ما لا تستطيع إسلام آباد المخاطرة به.

يقول حيات إن "النظام الإيراني الموجود حالياً، على رغم نقائصه، أفضل لباكستان من أي نظام آخر مدعوم من الولايات المتحدة وإسرائيل، لأن إيران لا تتمتع بعلاقات جيدة مع نيودلهي، خصم إسلام آباد في المنطقة، وبالطبع ليس من المفضل لباكستان أن تأتي إدارة جديدة في طهران تكون قريبة من الهند وتعمل ضد مصالح باكستان في المنطقة".

لا تطيق إسرائيل

الدعم الباكستاني الواضح والمعلن لطهران يتعلق على وجه الخصوص بخصمها في الحرب الحالية، إذ إن باكستان لم تتخذ موقفاً في حروب إيران السابقة بالمنطقة، عندما كانت تواجه دولاً إسلامية أخرى من خلال ميليشياتها، أما مواجهة إسرائيل التي لا تعترف بها باكستان فتستدعي بالطبع موقفاً واضحاً من إسلام آباد.

الجدير بالذكر أن إسرائيل وباكستان لم تدخلا مواجهة عسكرية قط، لكن الطيارين الباكستانيين دعموا القوات العربية في حرب 1967، من جانب آخر لم تخف إسرائيل دعمها العسكري الواضح للهند في حروبها ضد باكستان، وفي الحرب الأخيرة كانت تل أبيب إحدى الدول الداعمة لنيودلهي، واستخدمت الأخيرة مسيرات إسرائيلية في هذه الحرب.

الجدير بالذكر أن السبب المعلن للحرب على إيران هو إمكان امتلاكها السلاح النووي، مما قد يشكل في رأي تل أبيب خطراً على أمن المنطقة، لكن المتخصصين يقولون إن الأمر يتعلق بديانة الدولة التي تمتلك النووي أكثر من أية حسابات أخرى حول أمن المنطقة، وتدخل باكستان في هذا السياق كونها الدولة الإسلامية الوحيدة التي استطاعت الحصول على السلاح النووي، يجعلها خصماً لإسرائيل حتى لو لم تشارك فعلياً في الحرب.

في خضم الحرب الحالية، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تطور غير متوقع قائد الجيش الباكستاني عاصم منير على الغداء في البيت الأبيض، حيث نُوقش الملف الإيراني.

وعلى رغم أن تفاصيل اللقاء ما زالت غير معلنة، فإن بعض المتخصصين يتخوفون من إمكان وقوف إسلام آباد بجانب واشنطن في الملف الإيراني، نظراً إلى سجل الجيش الباكستاني المتوافق والداعم دائماً لحروب البنتاغون في المنطقة، إذ كانت باكستان في مقدم التحالف الأميركي ضد ما سمي بـ"الجهاد الأفغاني" في ثمانينيات القرن الماضي، وفي الحرب ضد الإرهاب مطلع القرن الحالي.

لكن هذه الاحتمالات ما زالت في دائرة التكهنات حول المستقبل، أما الموقف الباكستاني المعلن فهو الوقوف مع إيران دبلوماسياً من دون التدخل العسكري بما يحفظ مصالح إسلام آباد في المنطقة.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير