الوثيقة | مشاهدة الموضوع - تقرير بريطاني: إيران تعيد ترتيب نفوذها السياسي في العراق
تغيير حجم الخط     

تقرير بريطاني: إيران تعيد ترتيب نفوذها السياسي في العراق

مشاركة » الأربعاء نوفمبر 05, 2025 5:49 am

أشار تقرير بريطاني، إلى ما وصفها بتحوّلات في قواعد اللعبة السياسية والأمنية لإيران في العراق، حيث قال التقرير إنها تتخذ موقفاً تتكيف فيه، في ظل الضغوط الغربية المتزايدة عليها إقليمياً، من خلال نهج استخدمته سابقاً، يقضي بتعزيز اندماج قوى وشخصيات مدعومة منها في الحياة السياسية والاقتصادية للعراق، مع تقوية قوى أخرى مسلحة.

وتحدث التقرير الذي نشره موقع “أمواج” البريطاني، عن أن إيران تقوم بتغيير قواعد اللعب الراسخ في العراق، في ظل إعادة تقييم لسياستها الإقليمية في إطار المواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث تلجأ طهران الى التحوّط في رهاناتها، في مواجهة التهديدات المتعددة لمكانتها، بالإضافة إلى تعزيز مجالات قدرتها على المناورة.

وأشار التقرير إلى أن بعض المراقبين تفاجأوا لأن الفصائل العراقية نأت بنفسها عن حرب إيران التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل في حزيران/ يونيو الماضي، والقصف الأميركي لمواقع نووية إيرانية، لافتاً إلى أنه من المعتقد أن موقفها هذا جاء على خلفية دعوة طهران لها لضبط النفس، بالإضافة إلى الضغط الشديد من الإطار التنسيقي الحاكم ورئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.

وأشار التقرير إلى أن ذلك ربما يعكس أيضاً تقدير الإطار التنسيقي بأن الوحدة التي قادته إلى السلطة في العام 2022، قد كُسرت ولم يعد بالإمكان إصلاحها، لافتاً إلى أن موقف الحكومة كان مدفوعاً أيضاً بالمخاوف من أن يواجه العراق الفوضى مجدداً من خلال تداعيات الصراع الإيراني – الإسرائيلي – الأميركي.

وبحسب التقرير، فإن الانقسامات داخل “البيت الشيعي” تفاقمت بسبب حملة السوداني الواضحة لتعزيز استقلاليته من خلال السعي للحصول على ولاية ثانية، حيث أشار إلى أن السوداني يسعى إلى تحقيق ذلك من دون الاعتماد على العديد من الشخصيات القوية المتحالفة مع إيران في الإطار التنسيقي والتي سهلت صعوده.

كما أن إيران، وفقاً للتقرير، باتت تدرك أن وحدة الجبهة السياسة الشيعية لم تعد متوفرة، حتى بين حلفائها، حيث نقل عن مصادر سياسية مطلعة قولها إن الحرس الثوري الإيراني فتح خطوطاً جديدة من الاتصالات غير الرسمية مع فصائل مسلحة شيعية مختارة، موضحاً أن الهدف المفترض هو استكشاف سيناريوهات لبعض الجماعات المسلحة للابتعاد عن تركيزها على “المقاومة” والاتجاه نحو الانخراط الكامل في العملية السياسية.

وبحسب هذه المعلومات، فإن الحرس الثوري الإيراني يفضل أن تقود هذا التحوّل “وجوه جديدة” قد تكون مقبولة لدى الجمهور العراقي.

ووصف التقرير هذه المناورة بأنها بمثابة “مسار مزدوج” بهدف التحوّط الاستراتيجي، وذلك من خلال تشجيع بعض الجماعات المسلحة على الدخول بشكل أكبر في الساحة السياسية، وفي الوقت نفسه تعزيز سلطة شركاء آخرين قبل تصعيد إقليمي محتمل.

وفي حين لفت التقرير، إلى أن الضغط من أجل التغيير في العراق ليس مصدره إيران وحدها، نقل عن مصدر في مكتب رئيس الوزراء، قوله إن بغداد تضغط أيضاً على الفصائل الشيعية لكي تحد من أنشطتها المسلحة، مقابل منحها مساحة سياسية أكبر.

ونقل التقرير عن المصدر نفسه، أن الحكومة العراقية تحاول إعادة ضبط هذا التوازن من خلال تعزيز مؤسسات الدولة، إلا أن تأثير طهران يعرقل التقدم، إلى جانب المنافسة المحلية التي تعيق أي تحوّل في معادلة السلطة السياسية الحالية.

واعتبر التقرير، أن هذه التحوّلات تشير إلى أن هدف طهران هو تأسيس نفوذ طويل الأمد داخل مؤسسات الدولة بتكلفة أقل وبعوائد سياسية أكبر، لتجنب اعتبارها قوة خارجية متسلّطة وغير مرحب بها.

ورأى التقرير أن هذا النهج الإيراني قد يكون جديداً، إلا أنه ليس غير مسبوق بشكل كامل، موضحاً أن إيران كانت دائماً تدعم مشاركة حلفائها العراقيين في العملية السياسية، بما في ذلك منظمة بدر وكتائب حزب الله، مشيراً إلى ان هاتين القوتين طورتا هويات سياسية مستقلة في العام 2010، واحتفظتا في الوقت نفسه بأجنحتهما المسلحة.

وفي إشارة إلى الحشد الشعبي وهذه الفصائل، قال التقرير إنه تزاوج بين القوة السياسية والعسكرية، حيث احتفظت بعض الفصائل بأولويتها كمنظمات مسلحة، مشيراً في هذا الإطار إلى حركة حزب الله – النجباء، وهي اللواء الثاني عشر في الحشد الشعبي، والتي تجنبت حتى الآن السياسة، مركزة على الأنشطة العسكرية والإيديولوجية.

ونقل التقرير عن مصدر سياسي عراقي مقرب من “محور المقاومة”، قوله في إشارة إلى الموقف الإيراني، أن بعض قادة الفصائل ينظرون إلى احتمال المزيد من الاندماج في الدولة، باعتبار أنه طريق محتمل للبقاء على المدى الطويل، في حين أن قادة آخرين، ينظرون إلى ذلك على أنه تهديد لهويتهم الأساسية.

وبحسب المصدر المقرب من “محور المقاومة”، فإن قادة الحرس الثوري الإيراني يشجعون أيضاً، أو أنهم على الأقل لا يعارضون، ظهور جماعات مسلحة شيعية أصغر غير تابعة للحشد الشعبي، مشيراً إلى أن بعض هؤلاء المبتدئين يتم تزويدهم بالتمويل، وفي حال اعتبروا فعالين ومخلصين، فأنهم يُمنحون أيضاً تغطية سياسية من إيران.

وتابع التقرير، أنه في حال تحقق مثل هذا النهج، سيساعد طهران على المحافظة على نفوذها من خلال توزيع السلطة، بدلاً من تركيزها.

وأضاف أن من بين المفارقات في هذه الإستراتيجية، أنها توفر لإيران مجموعة واسعة من الأدوات لانخراطها في العراق، لافتاً إلى أنه من المحتمل أنها بذلك تتجنب الاعتماد المفرط على أية جهة فاعلة واحدة قد تكون عرضة للتراجع لاحقاً تحت ضغوط متنافسة.

وتابع قائلاً، إن هذه الإستراتيجية من شأنها توسيع هامش المناورة أمام طهران، ما قد يمكنها من الاحتفاظ بعلاقات ودية مع كل الفصائل حتى عندما تتصادم بينها المصالح.

ورأى التقرير أن المعركة السياسية المتواصلة في مجلس النواب حول إصلاح وحدات الحشد الشعبي، تمثل جبهة واحدة في جهد إيران الواضح من أجل تأمين نفوذ دائم.

واعتبر التقرير أن سحب التشريع القانوني قد يؤدي إلى تعزيز التحول الإيراني نحو خلق جيل جديد من السلطة السياسية المتحالفة معها في العراق.

ونقل التقرير عن مصدر سياسي في الإطار التنسيقي، قوله إن هذه الإستراتيجية تهدف إلى تعزيز الطبقة السياسية بمجموعة جديدة من الشخصيات المدنية والعشائرية والأكاديمية التي تشترك في أهداف إيران.

وأشار التقرير إلى وجود جهود لتأمين نجاح المرشحين المتحالفين مع إيران في الانتخابات النيابية المقبلة.

ونقل عن المصدر في الإطار التنسيقي قوله إن هناك شخصيات من رجال الأعمال البارزين، والمقربين من إيران، يلعبون دوراً حاسماً في تمويل الحملات الانتخابية.

ولفت التقرير، إلى وجود مخاوف من تخلي إيران عن حلفاء راسخين، ونقل عن المصدر في الإطار التنسيقي قوله إن بعض الشخصيات البارزة في الائتلاف الحاكم بشكل خاص، تعرب عن قلقها إزاء الموقف الإيراني البارد تجاههم.

وبحسب المصدر نفسه، فإن إستراتيجية طهران المتغيرة يُنظر إليها في بغداد كمؤشر محتمل على خطة لاستبدال الحرس الشيعي القديم في العراق بجيل جديد من الشركاء.

وأوضح أن هناك مخاوف بين حلفاء إيران من خسارة الدعم اللوجستي والمعنوي.

إلا أن التقرير قال إنه من غير المرجح أن تتخلى إيران عن شركائها الشيعة منذ فترة طويلة، والذين يرتبطون معها بروابط ايديولوجية وشخصية عميقة.

وتابع قائلاً، إنه بدلاً من ذلك، فأنه بعد حدوث تحوّل جذري في الديناميات، فإن الأشهر والسنوات، قد تشهد تحوّل إيران في دعمها تدريجياً نحو القوى الفاعلة القابلة أكثر للتسويق سياسياً، وربما دولياً.

وختم التقرير قائلاً إن طهران بمقدورها أن تحتفظ بنفوذها في مؤسسات الدولة مع استقطاب قدر أقل من الانتقاد المحلي أو الدولي.

وخلص إلى القول أنه من المرجح أن تظهر صناديق الاقتراع، ما إذا كانت المناورة الإيرانية الجديدة، ستؤتي ثمارها، أو ما إذا كانت الموجة تتحوّل فعلاً ضد النفوذ الإيراني في الشؤون العراقية.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير