النجف – الزمان
انهار عدد من القبور في مقبرة وادي السلام بمحافظة النجف، حيث أدت موجة الأمطار الغزيرة التي اجتاحت المنطقة خلال الساعات الماضية إلى تهديم أجزاء منها وانجراف التربة المحيطة.
ويُعد وادي السلام، أكبر مقابر العالم التي تضم نحو ستة ملايين قبر، رمزاً يعود عمره إلى أكثر من ألف وأربعمائة عام، وهو يجذب آلاف الزوار يومياً، مما يجعل أي ضرر فيه يثير صدمة عميقة بين السكان والحجاج.
وفي لقاء ميداني مع أحد الزوار، عبر أحمد التميمي، مواطن نجفي في الأربعينيات، عن حزنه قائلاً: “هذه ليست مجرد أرض، بل ذاكرة أجيال، وانهيار قبر واحد يعني فقدان جزء من تاريخنا الجماعي”.
ومع ذلك، تتركز الاتهامات على الدفانين المسؤولين، إذ يرى مدونون عدداً منهم قد ساهموا في تفاقم الكارثة بدفن الجثامين قرب حواف التلال وبناء القبور على المرتفعات غير المستقرة، مما يجعلها عرضة للانهيار عند أول موجة مطر قوية.
وفي الواقع، شهدت المقبرة في السنوات الأخيرة حوادث مشابهة، خاصة مع تزايد الجنازات إلى أكثر من 200 يومياً بسبب النزاعات والأوبئة السابقة، لكن هذه المرة أظهرت الصور حجم الضرر في مقاطع واسعة، حيث انهار نحو 15 قبراً في المنطقة الشرقية وحدها، مع ظهور بقايا جثث أثارت غضباً عاماً.
ويضيف مدونون أن هذه الممارسات ليست عفوية، بل نتيجة إهمال متعمد يهدف إلى استغلال المساحات المحدودة في المقبرة التي تمتد على مساحة تزيد عن ستة كيلومترات مربعة.
وبالإضافة إلى ذلك، تتصاعد الاتهامات بالفساد في مشاريع إرساء البنية التحتية للمقبرة، حيث كُلف مشروع تصريف مياه الأمطار في 2023 بأكثر من 5 ملايين دولار أمريكي، لكنه بقي غير مكتمل جزئياً بسبب اتهامات بصرف أموال غير مشروع.
وفي تصريح للمهندس علي الزيدي على التواصل الاجتماعي قال أن “الفساد هنا ليس مجرد سرقة، بل إهمال يهدد كرامة الموتى، وكان يمكن تجنب هذا الانهيار ببناء قنوات تصريف بسيطة تكلف أقل من نصف الميزانية المخصصة”.
أما السكان المحليون، فيطالبون بتحقيق مستقل، مشيرين إلى أن غياب الإشراف الرسمي يعكس فجوات في الإدارة المحلية، خاصة مع موسم الأمطار الشتوي الذي يشهد عادةً هطولاً يصل إلى 150 مليمتراً سنوياً في النجف.