الوثيقة | مشاهدة الموضوع - سوريا باتت هدفا للاستيطان الإسرائيلي والاتفاق الأمني أصبح بعيدا
تغيير حجم الخط     

سوريا باتت هدفا للاستيطان الإسرائيلي والاتفاق الأمني أصبح بعيدا

مشاركة » الأحد ديسمبر 14, 2025 4:51 am

4.jpg
 
عزز الجيش الإسرائيلي انتشاره في مناطق مختلفة عند الحدود مع سوريا وأيضاً في مواقع استراتيجية أخرى في الجنوب مع التهديد بعدم تقديم أي نوع من التنازلات، بل عدم التقدم في المفاوضات حول اتفاق أمني جديد. وكما سُمح لمجموعات اليمين قبل نحو الأسبوعين بإقامة مراسم وضع حجر الأساس لمستوطنة داخل الأراضي السورية، وفُتحت هذه المرة البوابة الحدودية لهم ليدخلوا ويجولوا داخل الأرض السورية، وجعلوا هذه المنطقة مفتوحة لمختلف الصحافيين الذي تجولوا بحرية مطلقة هناك وصولاً إلى مشارف دمشق.

"نبينا موسى احتل الأرض"، "حقنا التاريخي في هذه الأرض"، "النصر يتحقق فقط بالسيطرة على هذه الأرض"، هذه عينة من الشعارات والعناوين التي أطلقتها مجموعات كبيرة من المستوطنين انطلقت في عملية اختراق الحدود والسيطرة على أراضٍ في سوريا ولبنان وغزة، ضمن مشروع واسع تسعى من خلاله إلى فرض الوجود الإسرائيلي.

"روّاد هبشان"، هي أبرز هذه المجموعات الاستيطانية التي تعمل بشكل مكثف في الجولان السوري وتريد استمرار السيطرة على مستوطنة "هبشان" في الجولان. ونفذت تلك المجموعة منذ مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الجاري أكثر من عملية اقتحام للحدود، وعبر المئات من أفرادها مسافة طويلة دون أن يحرك الجيش الإسرائيلي ساكناً، بل أقاموا مراسم وضع حجر أساس لمستوطنة جديدة قبل أسبوعين، وكرروا المحاولة من جديد.

وتستمد هذه المجموعات الدعم من الجيش وأيضاً من بعض الوزراء الذين يعدون الوضع الأمني الحالي يحتم على الجيش استمرار السيطرة والبقاء ليس فقط في قمة جبل الشيخ، إنما في مختلف مناطق الجنوب السوري.
الجيش يساعد في المنطقة العازلة ويلاحق في جبل الشيخ

الملف السوري الذي اتخذ هذه الأيام منحى جديداً بعد دخول آليات وقوات عسكرية تركية إلى سوريا، أعيد طرحه على طاولة الأجهزة الأمنية في إسرائيل بعيداً عن بلورة اتفاق أمني كان متوقعاً الإعلان عن تقدمٍ فيه خلال لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، المقرر نهاية الشهر الجاري في واشنطن.
وجاءت تلك الاقتحامات في ذروة نقاش سبل تعزيز الوجود الإسرائيلي في الجنوب واتخاذ خطوات أمنية جديدة في مواجهة ما تعده إسرائيل خطر تعزيز قوة ووجود تركيا في سوريا.

وعزز الجيش الإسرائيلي انتشاره في مناطق مختلفة عند الحدود مع سوريا وأيضاً في مواقع استراتيجية أخرى في الجنوب مع التهديد بعدم تقديم أي نوع من التنازلات، بل عدم التقدم في المفاوضات حول اتفاق أمني جديد. وسُمح لمجموعات اليمين قبل نحو الأسبوعين بإقامة مراسم وضع حجر الأساس لمستوطنة إسرائيلية داخل الأراضي السورية، وفُتحت هذه المرة البوابة الحدودية لهم ليدخلوا ويجولوا داخل الأرض السورية، وجعلوا هذه المنطقة مفتوحة لمختلف الصحافيين الذين تجولوا بحرية مطلقة هناك وصولاً إلى مشارف دمشق.
جبل الشيخ هدف استراتيجي

"الهدوء الذي نشهده هذه الأيام عند الحدود السورية قد ينهار بشكل مفاجئ"، هذا ما قاله مسؤول عسكري إسرائيلي اعتبر أن مخطط المجموعات اليمينية لاقتحام الحدود والسيطرة على الأرض في غزة ولبنان وسوريا يشكل خطراً على أمن إسرائيل واستفزازاً قد يؤدي إلى إشعال النيران.
لكن هذه المجموعات التي تتسع وتستقطب المئات من اليمين الإسرائيلي تعمل بشكل منظم وفي بعض الأحيان بتنسيق مع أعضاء كنيست من اليمين. فالحديث عن مجموعات أيديولوجية متطرفة بدأ نشاطها قبل أكثر من سنة في غزة وتناغمت مع سياسة الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش الداعية إلى احتلال غزة وإعادة بناء المستوطنات.

هذا الأسبوع، اخترقت المجموعة المنتشرة في الجنوب الحدود باتجاه غزة وكشفت لقطات فيديو عن قيام الجيش بفتح بوابة لهم للدخول ومحاولة الوصول إلى نقطة بعيدة عن الحدود ثم إغلاق البوابة من قبل الجيش، هذه المشاهد شكلت دفعاً لفروع الجمعيات المنتشرة في الشمال لتعلن بعضها عن قرار "إقامة مستوطنات في لبنان وسوريا"، وهي دعوة لم يعترضها أي مسؤول عسكري أو سياسي، ليشكل ذلك الصمت مسوغاً لهم، فاخترقوا الحدود بشكل متزامن تجاه لبنان وسوريا أيضاً.

مجموعة "رواد هبشان" لم تكتف بالتسلل إلى جنوب سوريا ووضع حجر أساس لمستوطنة، بل توجه العشرات منهم إلى جبل الشيخ. وبحسب تقرير نشره الجيش الإسرائيلي، نجح هؤلاء في اختراق نطاق لواء 55 في هضبة الجولان، وفي منطقة جبل الشيخ، وبعد دخولهم لأمتار عدة اشتبكوا مع الجنود الإسرائيليين وتمت مطاردتهم ثم اعتقلهم الجيش وأعادهم الى الحدود.
8081280131644877.JPG
العلم الإسرائيلي أمام جزء من مستوطنة معاليه أدوميم في الخلفية، في الضفة الغربية​​​​​​​ (رويترز)

مؤتمر "اطلاق"

تعمل هذه المجموعات بشكل منظم وعقدت مجموعة "رواد هبشان" مؤتمراً في القدس بعد اختراق السياج في الجولان، شاركت فيه شخصيات معروفة من اليمين مثل موشيه فايغلين وناشط اليمين المتطرف باروخ مرزل وغيرهما. بالنسبة إليهم منطقة "هبشان" هي "جزء لا يتجزأ من أرض إسرائيل منذ أجيال، وهي منطقة فُتحت على يد نبينا موسى"، كما يقول بروفسور عاموس عزاريا الذي يشارك مع عائلته في كل اختراق للحدود، ووصل في المرة الأخيرة حتى المنطقة العازلة التي ما زالت إسرائيل تسيطر عليها.

وبحسب "رواد هبشان" فإن "إنشاء المستوطنات، حيث يسيطر الجيش الإسرائيلي اليوم، بجنوب سوريا، يشكل امتداداً طبيعياً للاستيطان في الجولان، وسيساعد على استقرار المنطقة، وتعزيز أمن إسرائيل، وتحقيق حقّنا التاريخي في مناطق سُلِبت منا"، وفق ما شدد أعضاء تلك المجموعة في مؤتمرهم.
"أوري تسافون" تحلم في لبنان

وبالإضافة إلى "روّاد هبشان" تعمل في الجانب الآخر من الحدود الشمالية، تجاه لبنان، الحركة التي يطلق عليها اسم "أوري تسافون". وتقوم هذه الحركة بجولات منظمة على طول الحدود مع لبنان وتُعد مخططاً استيطانياً في جنوب لبنان. وبرأيها فان إقامة المستوطنات هناك والسيطرة على الأرض هي أفضل ما يمكن فعله من أجل ضمان أمن الحدود.

تعمل "أوري تسافون" بشكل منظم من خلال لقاءات منزلية، ومؤتمرات وجولات على طول الحدود.

الدافع الكامن وراء هذا النشاط بحسب الحركة هو "الإيمان بأن هذا هو الحلّ الأمني الحقيقي لشمال إسرائيل وإعادة الحدود التاريخية"، وهدفها إقامة بلدات يهودية في المنطقة "لضمان أمن مستقر وتعزيز الارتباط التاريخي والقومي بأرض إسرائيل".
وعلى مدار الشهر الأخير اخترقت مجموعات من "أوري تسافون" الحدود مرات عدة، بل حاول نشطاء منها إقامة نقطة استيطانية أطلقوا عليها اسم "مي مروم" في منطقة مارون الراس. واعتبرت الحركة وجود مستوطنة هناك خطوة ضرورية ضمن حل مستقبلي لضمان أمن إسرائيل من خلال الاستيلاء على الأرض اللبنانية وإقامة المستوطنات.
"غزة لنا"

وما بين لبنان وسوريا، تجد هذه المجموعات الطريق إلى غزة أكثر سهولة، وقامت بمحاولات عدة اخترقت خلالها الحدود. وقبل يومين وصل العشرات إلى منطقة الحدود الجنوبية، تدافعوا بقوة واخترقوا البوابة الحدودية وتمكن 9 منهم من التسلل بعد اختراق السياج إلى عمق بضع مئات من الأمتار قبل "الخط الأصفر" الذي فرضه عملياً الجيش الإسرائيلي كحدود بين المنطقة الخاضعة لسيطرته وتلك الخاضعة لسيطرة "حماس".

ونُقل عن أعضاء هذه المجموعة أن الجهود المكثفة تهدف الى إقامة مستوطنة دائمة. ويقولون إن "غزة لنا. كانت النية الوصول إلى بلدات غوش قطيف المدمرة، والبقاء هناك وإقامة مستوطنة دائمة".
"النصر فقط بالسيطرة على الأرض"

وبينما تواصل هذه المجموعات تنظيم جولات داخل الحدود يتوقع أن تُنفَّذ تجاه لبنان وسوريا وغزة خلال "عيد الأنوار" العبري، القريب، اقتحامات متعددة وتركز على غزة، حيث تعد لبرنامج خاص وتطالب برفع علم إسرائيل على أنقاض مستوطنة "نيسانيت"، التي سبق وانسحبت منها إسرائيل في عام 2005.

عسكريون وأمنيون حذروا من خطوات كهذه، بينما بعث وزراء وأعضاء في الكنيست برسالة إلى وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، يطالبونه فيها بالمصادقة على إقامة مراسم رفع علم إسرائيل في قطاع غزة، في الـ18 من الشهر الجاري.

ضمن الموقعين على الرسالة 11 وزيراً بينهم 8 من حزب الليكود (يتزعمه نتنياهو)، كذلك وقّع على الرسالة 21 نائباً في الكنيست ينتمون إلى حزبَي القوة اليهودية بزعامة بن غفير و"الليكود" أيضاً.

وجاء في الرسالة "حان الوقت للتأكيد بكل فخر أن غزة جزء من أرض إسرائيل، وأنها تعود حصراً إلى الشعب اليهودي، بالتالي يجب أن تصبح فوراً جزءاً من دولة إسرائيل".

وأضافت الرسالة، "نطلب ترخيصاً لهذا الحدث الذي يرمي أساساً إلى رفع العلم الإسرائيلي فوق أنقاض نيسانيت"، في إشارة إلى مستوطنة إسرائيلية سابقة في شمال قطاع غزة تم تفكيكها لدى انسحاب إسرائيل من القطاع في عام 2005.

ومن المقرر أن يقام الحدث في الـ18 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري، أي في الليلة الخامسة من "عيد الأنوار" اليهودي الذي يُحتفل فيه لثمانية أيام ويبدأ الأحد الـ14 من ديسمبر.
AFP__20241218__36QK7YQ__v1__HighRes__IsraelUsSyriaGolanConflictSettlementsTrumpHeigh.jpg
​​​​​​​جرافات تتحرك خلال أعمال البناء في مستوطنة كاتسرين في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل في 17 ديسمبر 2024 (أ ف ب)



رسالة أخرى وصلت من الحركات والمجموعات المتطرفة بينها حركة "نحالا" اليمينية المتطرفة المؤيدة للاستيطان، والتي أطلقت المبادرة. وجاء في الرسالة، "نشهد في هذه الأيام محاولات متزايدة لإعادة ترسيخ واقع قديم وخطر، يتمثل في السعي لطمس حقائق تاريخية ووطنية أساسية. اليوم، في ظل الواقع الأمني وبعد أحداث السابع من أكتوبر (2023)، يتضح بشكل جلي أن مفهوم 'الاحتواء' والرهان على الهدوء أثبتا فشلهما. لقد تبين أن العدو استغل فترات الهدوء مراراً لبناء قوته، بينما امتنعت إسرائيل عن فرض سيادتها، وكانت النتيجة كارثية". وأضافت الرسالة، "الآن، بعد سنوات طويلة من محاولات إرساء واقع أمني هش، وبعد سقوط عدد كبير من جنود الجيش والمواطنين، حان الوقت لاستخلاص العِبَر. يجب علينا أن نغيّر النهج، وأن نعمل على ترسيخ ردع حقيقي. وفي قطاع غزة، كما في سائر أنحاء أرض إسرائيل، لا يمكن الاكتفاء بالدفاع فقط. المطلوب هو مبادرة سياسية واضحة، جوهرها أخذ الأرض وتحويلها إلى جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل – خطوة سيادية، تاريخية وأمنية من الدرجة الأولى".

"إن أخذ الأرض وتحويلها إلى منطقة يهودية مزدهرة سيخلق ردعاً طويل الأمد، وسيرسخ في وعي أعدائنا والعالم بأسره حقيقة انتصار شعب إسرائيل، والأهم من ذلك: سيثبت الانتماء الأبدي لأرض إسرائيل لشعب إسرائيل"، على حد تعبير الرسالة التي اضافت أن "غزة هي جزء من أرض إسرائيل، وتعود حصرياً لشعب إسرائيل، وبناءً على ذلك يجب أن تُضم فوراً لتكون جزءاً من دولة إسرائيل.

إن المنطقة آمنة، وتقع تحت السيطرة الكاملة للجيش الإسرائيلي، ولا يوجد أي مانع أمني لإقامة فعالية رفع علم إسرائيل في موقع كخطوة رمزية ووطنية تعبر عن عودة السيادة"، كما جاء في الرسالة.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى تقارير

cron