بغداد/ تميم الحسن
يغلق عام 2024 على ثلاثة أسئلة كبيرة تتعلق بمصير “الحشد”، والقوات الأمريكية، وتأثيرات الأحداث في سوريا.
وينتظر في عام 2025 الإجابة على تلك الأسئلة وغيرها، مثل “قانون الانتخابات”، وملف “اجتثاث البعث”، وحسم القوانين “الخلافية الثلاثة”.
كان عام 2024 عامًا مليئًا بالأزمات الكبيرة؛ حيث اقتربت بغداد من الحرب أكثر من مرة، واهتز النظام السياسي بسبب “فضائح التسريبات”.
علّق المرجع الديني في النجف لأول مرة حول “السلاح” منذ احتجاجات تشرين، وتصادمت الأحزاب بسبب “فراغ كرسي رئيس البرلمان”.
نار الحرب.. تشتعل وتخبو
كانت صدمة للعراقيين حين انتشر فيديو في شباط الماضي يظهر احتراقًا غامضًا لعجلة أثناء سيرها في شرقي بغداد، ليتبين لاحقًا أنها تعود لقيادي في “الحشد”.
قتل الأمريكيون أبو باقر الساعدي، مسؤول الصواريخ في كتائب حزب الله، بواسطة طائرة مسيرة في منطقة المشتل شرقي العاصمة، ردًا على أحداث “برج 22”.
أوقع الهجوم على البرج العسكري (على الحدود العراقية-الأردنية) أكثر من 30 جنديًا أمريكيًا بين قتيل وجريح، في حادث تبنته ما عُرف بـ”المقاومة العراقية”، نهاية كانون الثاني 2024.
وقبل ذلك كانت الولايات المتحدة قد قتلت “أبو تقوى السعيدي”، مسؤول الصواريخ في حركة النجباء، بواسطة طائرة مسيرة استهدفت مقرًا أمنيًا وسط بغداد.
وسبق أن توترت الأوضاع في المنطقة، ولجأت طهران بشكل مفاجئ إلى قصف أربيل بـ”صواريخ باليستية” تحت ذريعة استهداف “مقر تجسس إسرائيلي”.
رفضت بغداد الهجوم الذي أودى بحياة أربعة مدنيين وأصاب ستة آخرين، وقدمت شكوى ضد إيران في مجلس الأمن.
وسط ذلك، تسربت أنباء عن “هدنة” بين القوات الأمريكية والفصائل استمرت حتى نهاية 2024.
منحت الهدنة، التي كادت أن تُخرق أكثر من مرة، الحكومة العراقية فرصة للتفاوض وتحديد موعد مفترض لخروج القوات الأمريكية.
في أيلول 2024، أعلنت بغداد أن “التحالف الدولي” سيغادر البلاد في غضون العامين المقبلين.
ولم يحظَ الإعلان وقتذاك بانتباه العراقيين المشغولين بالأحداث التي تصاعدت بعد مقتل إسماعيل هنية، زعيم “حماس”، بهجوم في طهران.
عادت الفصائل لتصعّد “خطاب المقاومة” ضد إسرائيل بعد مقتل حسن نصرالله، زعيم حزب الله.
وحددت إسرائيل، وفق التسريبات، “بنك أهداف” في العراق، وكادت الحرب أن تشتعل في تشرين الثاني 2024.
منعت الولايات المتحدة الحرب، وقدمت بغداد تعهدات بـ”لجم الفصائل”، ونشرت قوات خاصة على الأرض لمنع إطلاق الصواريخ.
تدخل علي السيستاني، المرجع الديني الأعلى، لأول مرة بعد خطابات أحداث تشرين 2019، وطالب بـ”حصر السلاح” على لسان ممثل الأمم المتحدة في العراق محمد الحسان، الذي زار النجف مرتين خلال شهر.
وكان السيستاني قد أوقف في خطاب سابق تورط العراق في الأحداث اللبنانية، وحصر التفاعل مع تلك الأزمة بالجوانب الإنسانية والدبلوماسية.
دروس سوريا
الصدمة الثانية للعراقيين كانت حين اختفت الفصائل بظروف غامضة من سوريا قبل وقت قصير من سقوط نظام الأسد.
انكفأت الفصائل إلى الداخل، وفجّر مستشار لرئيس الحكومة مفاجأة بالكشف عن “طلب أمريكي” بـ”حل الحشد”.
نفت بغداد بعد ذلك الطلب، وسكت زعماء “الإطار التنسيقي” بشكل مريب، لكن الشائعات عن “حل الحشد” ما زالت مستمرة دون إجابات واضحة.
تراجعت بغداد عن وصف السلطة الجديدة في سوريا بـ”الإرهابية”، وأرسلت مدير المخابرات بعد تعيينه بأسبوع واحد للقاء “الجولاني”، حاكم دمشق الجديد.
وصلت من سوريا رسائل عديدة، وبدأت القوى السياسية تتحدث عن إصلاحات وإمكانية بقاء القوات الأمريكية لفترة أطول، وهو سؤال لم يجب عليه أحد حتى الآن.
بالمقابل، استمر هادي العامري، زعيم منظمة بدر، في رفض التطبيع مع النظام السوري الجديد، وحذر نوري المالكي، زعيم دولة القانون، من تحرك “بعث العراق”.
سلسلة الأزمات
في المقابل، تفجرت في الداخل أزمة “تجسس” بعد تورط موظفين يعملون في مكتب رئيس الحكومة بـ”التنصت” على قيادات الصف الأول.
نفى السوداني تلك الأنباء ووصفها بـ”كذبة القرن”، على غرار “سرقة القرن”.
وهرب في عام 2024، المتهم الأبرز في سرقة أمانات الضريبة (نحو 4 تريليون دينار)، نور زهير، إلى الخارج قبل أن تصدر ضده أحكام.
كما صدرت أحكام بحق موظفي مكتب السوداني بشأن “التنصت”، فيما ضربت سلسلة من “التسريبات الصوتية” مستشاري رئيس الحكومة.
أرتبك “الإطار التنسيقي” بعد أنباء “التنصت”، وبدأ الحديث عن “إقالة الحكومة” و”الانتخابات المبكرة”.
وقرر المالكي، وسط ذلك، تصعيد مطالبه بتعديل قانون الانتخابات، وهو ما يُفهم منه أنه محاولة للتأثير على شعبية السوداني.
البرلمان لم يتحرك حتى الآن بشأن قانون الانتخابات، وما زال المجلس يتعافى من أزمة استمرت لنحو عام كامل بسبب غياب رئيسه.
شهدت تلك الفترة فصولًا من الخلافات والعراك بالأيدي بين الأحزاب والنواب بعد تنحية محمد الحلبوسي عن رئاسة المجلس.
ودخلت القوى السياسية، على إثر ذلك، في تحالفات غير تقليدية؛ تحول الحلفاء إلى أعداء والعكس، لتشكيل حكومتي ديالى وكركوك المحلية (لاتزال الأخيرة على كف عفريت)، واختيار رئيس البرلمان محمد المشهداني.
في تلك الرحلة، أخفق “الإطار التنسيقي” في تمرير قانون الأحوال الشخصية (الشيعي)، فقرر إغراء السنة بـ”العفو العام”، والكرد بـ”تعويض أراضي كركوك”.
ورغم ذلك، فشل الجميع في تمرير أي قوانين، وقرروا الهروب إلى عام 2025، على أمل أن تضع السنة القادمة إجابات عن كيفية إدارة السلطة التشريعية ومعالجة توقف الاستجوابات.
كما يُفترض أن تقدم السنة القادمة ردودًا عن فشل تغيير الكابينة الوزارية وكيف ستُدار الانتخابات المقبلة.