الوثيقة | مشاهدة الموضوع - انتقادات واسعة لزيارة الوفد التركي إلى ميسان وسط أزمة الجفاف وتصاعد المخاوف على الأهوار
تغيير حجم الخط     

انتقادات واسعة لزيارة الوفد التركي إلى ميسان وسط أزمة الجفاف وتصاعد المخاوف على الأهوار

مشاركة » الخميس أكتوبر 23, 2025 2:25 pm

2.jpg
 
ميسان / مهدي الساعدي

أثارت زيارة وفد تركي إلى محافظة ميسان، التي تعاني من تفاقم أزمة الجفاف والعطش، موجة انتقادات من ناشطين بيئيين اعتبروا الزيارة غامضة ومبهمة، في ظل تدهور غير مسبوق في أوضاع الأهوار والمناطق الزراعية جنوب المحافظة، واعتماد السكان على المياه المنقولة بالصهاريج والآبار.
وأبدى ناشطون ومهتمون بالشأن البيئي في محافظة ميسان استياءهم من زيارة وفد تركي إلى مديرية الموارد المائية في المحافظة، في وقت يواجه فيه الأهالي أزمة عطش خانقة وجفافاً واسعاً في الأهوار والقرى المحاذية لها، ما اضطر السكان للاعتماد على مياه السيارات الحوضية أو الآبار كمصدر رئيسي للشرب والاستخدام اليومي.
وأشار الناشطون إلى أن الزيارة لم يُعلن عنها مسبقاً، ولم تحظَ بتغطية إعلامية أو مشاركة ناشطين في مجال البيئة، مما أثار تساؤلات حول أهدافها ونتائجها.

أسباب الزيارة
أفادت مصادر في مديرية الموارد المائية بميسان أن الزيارة جاءت بتوجيه من وزارة الموارد المائية، ورافق الوفد التركي لجنة وزارية عراقية. وذكرت المصادر أن «الفريق التركي اطلع على أرض الواقع على مراحل تنفيذ مشروع ري العمارة، المتفق عليه ضمن الاتفاقية الإطارية العراقية – التركية».
وأضافت المصادر، التي فضلت عدم ذكر أسمائها، أن «الزيارة شملت جولة ميدانية في قضاء العمارة، وتهدف إلى وضع الخطط والخرائط الخاصة بتنفيذ المشروع».
وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لمديرية الموارد المائية، فإن الوفد عقد اجتماعاً موسعاً مع إدارة المديرية لمناقشة «البيانات الطبوغرافية ومسار المشروع، والمشاكل الفنية والمعوقات المحتملة، إضافة إلى الدراسات السابقة والحديثة المتعلقة به». وأوضح البيان أن «الاجتماع شهد تبادل المعلومات بين الجانبين العراقي والتركي، والاتفاق على أسس العمل وفقاً للاتفاقية الإطارية، بهدف تطوير الواقع الزراعي في المحافظة وتقليل الهدر في المياه عبر أنظمة توزيع عادلة ومدروسة».

انتقادات بيئية
من جهتهم، أعرب ناشطون بيئيون عن رفضهم لما وصفوه بـ«التحول غير المدروس» نحو نظام الري المغلق، معتبرين أنه لا يتناسب مع طبيعة العراق المائية. وقال الناشط البيئي مرتضى الجنوبي لصحيفة (المدى) إن «نظام الري المغلق يُستخدم عادة في الدول التي لا تمتلك أنهاراً أو موارد مائية وفيرة، أما بلاد الرافدين فتمتلك الأنهار والأهوار منذ آلاف السنين، وكان الأجدى بالحكومة عقد اتفاقيات مائية واضحة مع تركيا وإيران لضمان حصة العراق من المياه».
وأضاف الجنوبي أن «العراق لا يملك حتى الآن أي اتفاقية مائية مُلزمة مع دول الجوار، وهو ما يجعل أي مشاريع داخلية بديلاً مشبوهاً عن المعالجات الحقيقية للمشكلة».
وأشار إلى أن «النظام المغلق في الجنوب يهدف عملياً إلى إنهاء الأهوار وتحويل أراضيها إلى مناطق استثمار نفطي، عبر إيصال المياه بالأنابيب بدلاً من الفيضانات الطبيعية التي كانت تغذيها منذ قرون».

موقف رسمي
في المقابل، دافعت مديرية الموارد المائية في ميسان عن المشروع، معتبرة أنه «يحد من التجاوزات والهدر». وقال مدير الموارد المائية في المحافظة علاء فيصل إن «مشروع ري العمارة يغطي جميع مناطق جنوب المحافظة ويهدف إلى استصلاح الأراضي بشكل متكامل». وأوضح أن «النظام المغلق المقترح عبر الأنابيب يُعد أكثر تطوراً وكفاءة، ويمنع التجاوزات على الحصص المائية».
وأكد المكتب الإعلامي للمديرية في بيان أن «مشروع ري العمارة يُعد من المشاريع الاستراتيجية لوزارة الموارد المائية، ويستهدف استصلاح نحو 400 ألف دونم، بما يسهم في تنمية القطاع الزراعي وتحسين معيشة الفلاحين».
من جانب آخر، اعتبر ناشطون أن المشروع يمثل «إعلان وفاة للأهوار». وقال الناشط سعد علي لصحيفة (المدى) إن «إنشاء مشاريع ري بهذه الصيغة يعني عملياً اعتراف الحكومة بعجزها عن زيادة الإطلاقات المائية من تركيا، وهو ما سيقضي على الأمل بعودة الأهوار إلى سابق عهدها».
وأضاف أن «الأوضاع الحالية في مناطق الكحلاء والمشرح مثال واضح على تراجع المسطحات المائية وتحولها إلى أراضٍ جافة».
كما انتقدت مواقع إخبارية محلية وصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي «الزيارة الغامضة» للوفد التركي، معتبرة أنها تجاهلت أزمة الجفاف القاتلة التي تضرب ميسان، ودعت إلى «تدويل القضية المائية» وفضح الأضرار التي تسببت بها السياسات التركية في تقليص حصة العراق المائية.
وطالبت تلك الجهات «بتحشيد الجهود الرسمية والمجتمعية والإعلامية لتسليط الضوء على حجم الكارثة البيئية والإنسانية التي يعاني منها سكان المناطق المنكوبة جنوب شرق المحافظة».
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى محليات

cron