القدس ـ (أ ف ب) – أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء أنّ وقفا لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله سيدخل حيّز التنفيذ اعتبارا من الساعة الرابعة صباحا بالتوقيت المحلّي، وذلك بعد موافقة الحكومة الأمنية الإسرائيلية عليه.
من جهته، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ “بحرية التحرّك” في لبنان، وفق قوله، ب”التركيز على التهديد الإيراني”، وب”عزل” حركة حماس في قطاع غزة.
وأعلن مكتب نتنياهو أنّ مجلس الوزراء الأمني المصغّر وافق على الاتفاق، مشيرا الى أن عشرة وزراء صوّتوا مع الاتفاق، مقابل صوت واحد ضدّه.
وأعلن بايدن من البيت الأبيض أن الاتفاق سيصبح ساري المفعول اعتبارا من الساعة الرابعة صباحا (الثانية بتوقيت غرينيتش)، معتبرا أنّه “نبأ سار” و”انطلاقة جديدة” للبنان.
وقال مكتب نتنياهو إن رئيس الوزراء الإسرائيلي تحدّث هاتفيا مع الرئيس الأميركي وشكره “على جهوده” من أجل إبرام الاتفاق.
وعلى الإثر، انهالت مواقف الترحيب بالاتفاق والتأكيد على أنه سيفتح الباب أمام اتفاق مماثل يوقف الحرب في قطاع غزة.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن “يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره” في غزة.
وكان حزب الله يتمسّك منذ فتحه “جبهة الإسناد” لقطاع غزة عبر حدود لبنان ضد إسرائيل منذ قرابة 14 شهرا، بأنه لن يوقف المعركة قبل وقف الحرب في غزة.
لكنّ الحزب تعرّض منذ منتصف أيلول/سبتمبر لعمليات عسكرية إسرائيلية عنيفة أطاحت بكل قيادته العسكرية وعلى رأسها أمينه العام حسن نصر الله، ودمّرت قسما كبيرا من ترسانته وأنحاء واسعة في لبنان تعتبر من مناطق نفوذه.
وبعد مقتل نصرالله في غارات إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت في 27 أيلول/سبتمبر، كلّف الحزب رئيس البرلمان نبيه بري التفاوض باسمه.
وكان موقع “أكسيوس” الإخباري الأميركي أفاد أنّ الاتفاق يقوم على مقترح أميركي يقضي بهدنة مدتها 60 يوما ينسحب خلالها حزب الله والجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان لينتشر فيه الجيش اللبناني.
وينصّ الاتفاق الذي عرضه المبعوث الأميركي آموس هوكستين على الطرفين الأسبوع الماضي على إنشاء لجنة دولية لمراقبة تنفيذه، بحسب أكسيوس.
وحتى الآن لم ينشر رسميا نص الاتفاق.
– التركيز على إيران –
وفي بيان مشترك، أعلنت باريس وواشنطن أنهما ستعملان “مع إسرائيل ولبنان على التأكد من التطبيق الكامل” لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.
وقال البيان إن وقف إطلاق النار سيحمي إسرائيل من “تهديد حزب الله” المدعوم من إيران ويوفّر الظروف “لهدوء دائم”.
وقال نتنياهو في كلمة تناولت الاتفاق إنّه “بالاتفاق الكامل مع الولايات المتحدة، نحتفظ بالحرية التامّة للتحرك عسكريا” في لبنان، مؤكدا أنه “إذا انتهك حزب الله الاتفاق وحاول إعادة التسلح، سنهاجم”.
ولفت نتنياهو إلى أن الهدنة ستتيح لإسرائيل “التركيز على التهديد الإيراني”.
وشهدت الساعات الاخيرة غارات جوية إسرائيلية مكثّفة على مناطق عدة في لبنان، لا سيما في بيروت حيث طال القصف أحياء لم يصلها من قبل.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن وقف إطلاق النار سيساعد في وضع حدّ للنزاع في غزة.
وتواصلت الغارات بعد الإعلان عن الاتفاق، كما أعلن حزب الله أنّه قصف مناطق في شمال إسرائيل.
وطالب رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي المجتمع الدولي بـ”تنفيذ فوري” لوقف إطلاق النار.
واعتبر ميقاتي أنّ “العدوان الإسرائيلي الهستيري هذا المساء على بيروت ومختلف المناطق اللبنانية والذي يستهدف بشكل خاص المدنيين يؤكد مجددا أنّ العدو الاسرائيلي لا يقيم وزنا لأيّ قانون أو اعتبار”.
وفي بيان لاحق، اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية أن الاتفاق “خطوة أساسية نحو بسط الهدوء والاستقرار في لبنان”.
وأكّد “التزام الحكومة بتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 وتعزيز حضور الجيش في الجنوب والتعاون مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان”.
وصدر قرار مجلس الأمن الدولي 1701 في العام 2006 بعد حرب بين حزب الله وإسرائيل استمرت 33 يوما، وينصّ على أن ينتشر في جنوب لبنان الجيش اللبناني وجنود قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفل).
وقتل 14 شخصا على الأقل، وفق السلطات اللبنانية، في الغارات الإسرائيلية الثلاثاء على بيروت وضاحيتها الجنوبية.
كما استهدف الطيران الإسرائيلي معبرين حدوديين بين لبنان وسوريا.
وفتح حزب الله جبهة “إسناد” لقطاع غزة غداة اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 بعد هجوم الحركة على جنوب الدولة العبرية.
وبعد نحو عام من تبادل القصف عبر الحدود، كثّفت إسرائيل ضرباتها ضد حزب الله اعتبارا من 23 أيلول/سبتمبر، وبدأت عمليات برية في جنوب لبنان اعتبارا من 30 منه.
ووفق وزارة الصحة اللبنانية، استشهد 3823 شخصا على الأقل في البلاد منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، معظمهم منذ أيلول/سبتمبر هذا العام. كذلك شرّدت الحرب 900 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.
في الجانب الإسرائيلي، قُتل 82 عسكريا و47 مدنيا خلال 13 شهرا.
– 22 قتيلا في غزة –
وقال نتانياهو إن اتفاق وقف النار في لبنان سيُسهم في “عزلة” حماس.
وأضاف “عندما يخرج حزب الله من اللعبة، تبقى حماس وحدها. سنكثّف ضغوطنا عليها، وهذا سيُسهم في (إتمام) المهمّة المقدّسة المتمثّلة في تحرير رهائننا”.
وردّا على هجوم حماس، تنفّذ إسرائيل هجوما عسكريا مدمرا على قطاع غزة خلف ما لا يقل عن 44249 شهيدا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، وفق بيانات لوزارة الصحة التابعة لحماس تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
وتسبّب هجوم حماس بمقتل 1207 أشخاص، معظمهم مدنيون، حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية، بينهم رهائن قتِلوا أو ماتوا في الأسر. وكان 250 شخصا خطِفوا في الهجوم، لا يزال 97 منهم رهائن في غزة، بينهم 34 أعلن الجيش موتهم.
وقال بايدن من جهته الثلاثاء إنّه “خلال الأيام المقبلة، ستبذل الولايات المتحدة جهودا إضافية مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل وغيرها من الدول لتحقيق وقف لإطلاق النار في غزة. ومع إطلاق سراح الرهائن ونهاية الحرب وحماس خارج السلطة، يصير ذلك ممكنا”.
وواصل الجيش الإسرائيلي غاراته على قطاع غزة المحاصر والمدمّر، حيث استشهد 22 شخصا على الأقل الثلاثاء، وفق الدفاع المدني، بينهم 11 في قصف لمدرسة تؤوي نازحين في شمال القطاع.
– ترحيب –
ورحّبت المنسّقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جانين بلاسخارت بالاتفاق على وقف إطلاق النار، معتبرة أنّ ضمان استدامته يتطلّب “الكثير من العمل”.
كما رحّبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين بالاتفاق، ووصفته بأنه “نبأ مشجع للغاية”، واعتبرت في منشور على منصة إكس أن الإعلان محل ترحيب “في المقام الأول بالنسبة للشعبين اللبناني والإسرائيلي المتضررين من جراء القتال”. وأضافت “ستكون الفرصة متاحة للبنان لتعزيز الأمن الداخلي والاستقرار بفضل انحسار نفوذ حزب الله”.
ورأت برلين أنّ الاتفاق “بارقة أمل للمنطقة بأسرها”، بينما قالت لندن إنّه “يؤمن بعض الارتياح” للمدنيين في لبنان وإسرائيل.