بيروت- الزمان
جرى تكليف رئيس»حكومة الإنقاذ» في إدلب، محمد البشير لرئاسة حكومة الفترة الانتقالية في سوريا. وقال فور تكليفه أن الوقت حان لينعم مواطنوه بـ»الاستقرار والهدوء»،. فيما حضت الولايات المتحدة الثلاثاء كل الدول على دعم عملية سياسية «جامعة» في سوريا بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن «الشعب السوري سيقرر مستقبل سوريا. على كل الدول الانخراط في دعم عملية جامعة وشفافة والامتناع عن أي تدخل خارجي»، مشددا على أن واشنطن «ستعترف وتدعم بشكل كامل بالحكومة السورية المستقبلية التي ستنبثق عن هذه العملية». وأشار بلينكن إلى عدد من الشروط بالقول أنّ «هذه العملية الانتقالية يجب أن تؤدي إلى حكم موثوق وجامع وغير طائفي». وتتكون سوريا من الأغلبية العربية السنية بنسبة 77٪ وطوائف صغيرة منا العلوية بنسبة خمسة بالمائة والمسيحيين بنسبة خمسة بالمائة والاكراد بنسبة ستة ونصف بالمائة» وهم من السُنة جميعا» والتركمان بنسبة واحد» من السُّنة ايضاً» بالمائة، والدروز بنسبة ثلاثة بالمائة، وهناك الاسماعلية والشيعة وايزيدية بنسب تقل عن نصف الواحد بالمائة لكل منهم.
وأكد بلينكن أنّ الأولويات بالنسبة إلى الولايات المتحدة تتمثّل أن تلتزم الحكومة السورية المستقبلية «بشكل واضح في الاحترام الكامل لحقوق الأقليات وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع من يحتاجون إليها، ومنع سوريا من أن تكون قاعدة للإرهاب أو تشكّل تهديدا لجيرانها».
وأضاف أنّ الحكومة المستقبلية يجب أن تعمل على «التأكد من تأمين كل مخزونها من الأسلحة الكيميائية والبيولوجية وتدميرها بشكل آمن».
كما أشار إلى أنّه بالنسبة إلى واشنطن، فإنّ «الأمر متروك الآن لجميع مجموعات المعارضة التي ترغب في لعب دور في حكم سوريا لإظهار التزامها لصالح حقوق جميع السوريين ودولة القانون وحماية الأقليات الدينية والعرقية». واعتبر مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن الثلاثاء أن هيئة تحرير الشام التي قادت الهجوم الذي أدى إلى سقوط بشار الأسد، ينبغي أن تقرن بالأفعال «الرسائل الإيجابية» التي أرسلتها حتى الآن إلى الشعب السوري. بعد أكثر من 13 عاما من النزاع، سقط الأسد الأحد نتيجة هجوم مباغت بدأ في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، لهيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني والفصائل المسلّحة المتحالفة معها.
وكانت الهيئة تعرف باسم «جبهة النصرة» قبل أن تعلن فكّ ارتباطها بتنظيم القاعدة، وهي أدرجت قبل تسع سنوات على قائمة المنظمات الإرهابية بمبادرة من مجلس الأمن الدولي. واعتبر بيدرسن أن ذلك «عامل يعقّد المعادلة بكلّ وضوح»، على ما قال للصحافيين في جنيف الثلاثاء.
غير أنه شدّد على ضرورة النظر إلى الهيئة التي سعت إلى تحسين صورتها من منظور أحداث النزاع في سوريا.
وهو قال إن «الحقيقة هي أنه حتى الآن، أرسلت هيئة تحرير الشام والفصائل المسلّحة الأخرى رسائل إيجابية إلى الشعب السوري»، مشيرا إلى أنها «وجّهت رسائل تدعو إلى الوحدة وشمل الجميع» وما شهدناه في مدينتي حلب وحماة «كان مطمئنا في الميدان».
وأكّد بيدرسون الذي عيّن مبعوثا خاصا لسوريا في 2018 أن «الاختبار الأهمّ سيبقى كيفية تنظيم الترتيبات الانتقالية في دمشق وتنفيذها».
وأقرّ بـ»احتمال بداية جديدة… في حال شملوا فعلا كلّ المجموعات والفئات الأخرى»، فعندها «يمكن للأسرة الدولية أن تعيد النظر في إدراج هيئة تحرير الشام في قائمة المنظمات الإرهابية».
ومحمد البشير، من الكفاءات العلمية السورية، خريح كلية الهندسة وهو في الأربعينات من العمر، باشر مهامه بعد اجتماع مع الحكومة السابقة برئاسة محمد الجلالي وبعض الوزراء حيث غاب وزراء الدفاع والخارجية والداخلية والنقل السابقون ويرجح هروبهم خارج سوريا .ويواجه البشير تحديات بلد مقسم أنهكته 13 سنة من الحرب واكثر من نصف قرن من الديكتاتورية وحكم عائلة الاسد، وسيسعى لتوحيدها انطلاقا من دمشق، المقر التقليدي للسلطة. وُلد البشير في العام 1983 في جبل الزاوية في محافظة إدلب، في منطقة كان النفوذ الأكبر فيها في السنوات الأخيرة لهيئة تحرير الشام ومعها فصائل حليفة أقل تأثيرا. درس البشير الهندسة الكهربائية والإلكترونية في جامعة حلب، كما درس الشريعة والحقوق في جامعة إدلب، وفق سيرته الذاتية. وسبق أن عمل في الشركة السورية للغاز.
اعتبارا من كانون الثاني/يناير، ترأس «حكومة الإنقاذ» وهي هيئة إدارية أنشأتها فصائل المعارضة، كما سبق أن تولى منصب «وزير التنمية والشؤون الإنسانية» في الهيئة. أنشئت «حكومة الإنقاذ» وقد ضمّت وزارات وإدارات وسلطات قضائية وأمنية، في إدلب في العام 2017 لمساعدة قاطني المناطق الخاضعة للمعارضة حيث لا وجود للخدمات الحكومية.
مذّاك الحين بدأت توسّع نطاق المساعدة إلى حلب، أول مدينة كبرى خرجت عن سيطرة الحكومة بعد بدء هجوم فصائل المعارضة المسلّحة المباغت والخاطف في 27 تشرين الثاني/نوفمبر، وسيطرتها على مساحات شاسعة من الأراضي وصولا إلى دمشق الأحد وإطاحة الأسد.
لكن إدارة منطقة تابعة للمعارضة يقطنها نحو خمسة ملايين شخص تختلف تماما عن المهمة التي أوكلت إليه الثلاثاء في بلد نخرته الانقسامات ويعاني القسم الأعظم من سكانه من الفقر. إضافة إلى الانقسامات القائمة بين الفصائل نفسها، تسعى جماعات أخرى للسيطرة على معاقل الحكومة السابقة. وقال زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني واسمه الحقيقي أحمد الشرع، لمحمّد الجلالي، رئيس الحكومة السورية التي أطيحت بإسقاط الأسد «صحيح أن منطقة إدلب صغيرة ومن دون موارد، لكن الحمدلله انها استطاعت أن تقوم بالكثير خلال الفترة الماضية»، مضيفا «بات لدى الشباب خبرة عالية جدا بعدما بدأوا من لا شيء». في أول ظهور له خارج منطقةإدلب، بدا البشير في تسجيل فيديو للقاء مع الجلالي نُشر الإثنين، جالسا إلى جانب الجولاني ومرتديا بدلة رمادية وساعة ذهبية.
وقال الباحث في المركز العربي في واشنطن رضوان زيادة إن البشير هو «الأقرب» إلى الجولاني وقيادة العمليات المشتركة للفصائل المسلّحة المعارضة.
إلا أن زيادة شدّد على أن «التحديات التي يواجهها كبيرة جدا». وأضاف «كما كانت الثورة ثورة لكل السوريين، فإن العملية الانتقالية ستكون مسؤولية جميع السوريين لضمان نجاحها وضمان الانتقال السلمي إلى الديموقراطية».