الوثيقة | مشاهدة الموضوع - كمين خلدة الطّائفي الدّموي أقوى إنذار تمهيدي للحرب الأهليّة اللبنانيّة الثّانية الوشيكة.. ولماذا الإرهاصات الأولى اشتباكات سنيّة شيعيّة؟ وما هو السّيناريو الأكثر ترجيحًا؟ ومتى يَصِل صَبْر السيّد إلى نهايته؟
تغيير حجم الخط     

كمين خلدة الطّائفي الدّموي أقوى إنذار تمهيدي للحرب الأهليّة اللبنانيّة الثّانية الوشيكة.. ولماذا الإرهاصات الأولى اشتباكات سنيّة شيعيّة؟ وما هو السّيناريو الأكثر ترجيحًا؟ ومتى يَصِل صَبْر السيّد إلى نهايته؟

مشاركة » الاثنين أغسطس 02, 2021 7:15 pm

27.jpg
 
لا شَيء يأتي من قبيل الصّدفة في لبنان هذه الأيّام حيث تَبلُغ عمليّات الشّحن والتّحشيد الطّائفي والمناطقي ذروتها بفِعل التّدخّلات الخارجيّة، والاحتِقان الدّاخلي والتّهديدات الإسرائيليّة المُتواصلة، وحالة الاحتِقان التي تسود منطقة الشّرق الأوسط برمّتها، ولهذا يَجِب النّظر إلى “كمين خلدة” الأخير والاشتِباك المُسَلَّح الذي تلاه، وسُقوط عدّة قتلى أثناء تشييع أحد عناصر “حزب الله” من هذه الزّاوية.
ربّما لا تُوجد علاقة مُباشرة بين هذا الاشتِباك المُسَلَّح وتوقيته الذي تزامن مع الذّكرى الأُولى لتفجير مرفأ بيروت، ولكنّ استِهداف “حزب الله” وعناصره ومُحاولة استِفزازه وجَرِّه إلى أتونِ حربٍ أهليّة هو القاسِم المُشتَرك في الجريمتين.
الحرب الأهليّة الأُولى التي اندلعت شرارتها بحادث الهُجوم الدّموي على حافلة عين الرمانة كان عُنوانها التّوتّر الإسلامي المسيحي، ويبدو أنّ الحرب الأهليّة القادمة التي يجري التّحضير لها، سيَكون عُنوانها مَذهبيًّا، وسُنيًّا شِيعيًّا على وجه التّحديد، فالحرائق الكُبرى تشتعل من صغائر الشَّرر، وهُناك من يبحث في الغُرف السّوداء عن “المُفَجِّر” المطلوب ويُرَكِّب عناصره.
فالعشائر العربيّة السنيّة التي أعلنت مسؤوليّتها عن الهُجوم، وبرّرته بالثّأر لأحد أبنائها الذي تقول إنّه سقط برصاص أحد عناصر “حزب الله” قبل عام، مَعروفةٌ بولائها لحزب المُستقبل الذي يتزعّمه السيّد سعد الحريري المعروف بطائفيّته وعدائه لحزب الله، وعبّر عن هذا العداء بكُلِّ وضوحٍ عندما شَنَّ هُجومًا مَسمومًا على الحزب، وحمّله مسؤوليّة فشله في تشكيل الحُكومة، واستِفحال حالة الفوضى وعدَم الاستِقرار في لبنان.
قُلناها أكثر من مرّة، وفي هذ المكان، أنّ التّحالف الإسرائيلي الأمريكي الفرنسي، لن يهنَأ له بال إلا بعد سحب ترسانة “حزب الله” الصّاروخيّة التي باتت تُشَكِّل تهديدًا وجوديًّا لدولة الاحتِلال الإسرائيلي، ولأنّ هذا الثّالوث فَشِلَ في إشعال فتيل الثّورة ضدّ الحزب من خلال تدمير الاقتِصاد والعُملة اللبنانيّة، وتعطيل الخدمات العامّة كافّة، وتجويع أكثر من 80 بالمِئة من الشّعب اللّبناني، ها هو يلجأ إلى استِخدام ورقة الطائفيّة الدينيّة والسياسيّة، وبين أبناء العقيدة الإسلاميّة الواحدة، كخطوة أُولى للحرب الأهليّة الشّاملة المُوسَّعَة.
عندما يغيب الخُبز، والمَحروقات والكهرباء والماء، ويتَوفَّر السِّلاح بكَثرةٍ في أيدي الأدوات المَأجورة، فهذا يعني أنّ الصِّدامات الدمويّة اقتربت في بلدٍ انهارت دولته ومُؤسَّساتِها، وخاصَّةً المُؤسّسة العسكريّة التي باتت تتَوسَّل من هذا الثّالوث وجَبات طعام جُنودها ووقود سيّاراتها.
نَحمَدُ الله أنّ “حزب الله” المُستَهدف الأبرز، وربّما الوحيد، من سيناريو التّفجير القادم الذي ستُشارك في إشعال فتيله قِوى إقليميّة عربيّة خليجيّة على رأسها المملكة العربيّة السعوديّة، يَعِي بتفاصيل هذا السّيناريو، والأفخاخ التي تُنْصَب له لاستِفزازه وجرّه إلى مِصيَدة الحرب، من خِلال التّحَلِّي بالحكمة وكظْم الغيْظ، وضبط النّفس بالتّالي، ولكن ومثلما قال النائب حسن فضل الله، النّائب عن “حزب الله” في حديثه لقناة “الجديد” ليلة أمس الأوّل “النّاس في حالة غليان ولا نستطيع ضبطهم في ظِل ظاهرة السِّلاح المُنْفَلِتْ السّائدة”، وهذا تَشخيصٌ دَقيقٌ للوقائع على الأرض.
الحرب الأهليّة الأُولى استمرّت 15 عامًا، ولا نعتقد أنّ الحرب الثّانية ستَستغرِق كُل هذه المُدَّة، لأنّ الغطاء الشّرعي الذي تتمتّع به المُقاومة اللبنانيّة، أكثر قُوّةً وتسليحًا وصلابةً لُبنانيًّا، من نظيره الذي كانت تلتحفه المُقاومة الفِلسطينيّة “غير اللبنانيّة”، فالأُولى مُكَوِّنٌ لُبنانيٌّ أصيل، وتُدافِع عن وجودها، وهُويّتها العربيّة اللبنانيّة، والخُروج من البِلاد، أو التَّخَلِّي عن سِلاحها، الثّقيل منه (الصّواريخ) أو الخفيف غير وارد مُطلَقًا، وربّما يُفيد التّذكير أنّها انتصرت في جميع حُروبها الأخيرة، داخِل لبنان وخارجه، بِما في ذلك مَرّتان ضدّ العدوّ الإسرائيليّ، الأُولى حرب التّحرير عام 2000، والثّانية ضدّ العُدوان الإسرائيلي عام 2006.
نتَمنّى ألا تقَع الحرب الأهليّة الثّانية وأن تسود الحكمة والتّعَقُّل جميع الأوساط مثلما نتَمنّى أن تُمنَى جميع السِّيناريوهات المُعَدَّة لها بالفشَل، لأنّ الشّعب اللّبناني كلّه ودُون أيّ استِثناء، الذي كانَ ضحيّة الحرب الأُولى سيكون ضحيّة الحرب الثّانية أيضًا وبخَسائرٍ مُضاعفة عدّة مرّات، طالَ أمَدها أو قَصُر.
المُقاومة اللبنانيّة لن تتخلّى عن سِلاحها، وستُقاوِم كُلّ المُؤامرات التي تَعرِف جيّدًا أنّها كُلّها تُطبَخ في تل أبيب بهدف طمأنة المُستَوطنين الإسرائيليين ومُحاولة تمديد آمِن لوجودهم على الأراضي الفِلسطينيّة المُحتلّة، ولهذا سيَكون ردّها غير مُقتَصِر على الدّاخل اللّبناني، وعلينا أن لا ننسى أنّها لن تكون وحدها في أيّ حَربٍ قادمة، مثلما كانَ حال شقيقتها الفِلسطينيّة.. وقد أعذَر من أنذَر.
“رأي اليوم”
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى اراء