الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
منذ أكثر من عشرين عامًا تعيش دولة الاحتلال هاجس تدميرها من قبل إيران، ترغي وتزبد وتُهدّد، ولكن حتى اللحظة لم تحصل على الضوء الأخضر من واشنطن لتوجيه ضربةٍ عسكريّةٍ ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة بهدف إزالة التهديد الوجوديّ الإستراتيجيّ التي تُشكلّه طهران عليها بسبب برنامجها النووي، والصواريخ الباليستية التي تملكها، بالإضافة إلى حيازتها، بحسب المصادر الإسرائيليّة، أكثر من أربعين ألف مسيرّةٍ انتحاريّة ستستخدمها فيما تُسّميه المحافل في تل أبيب في (يوم القيامة).
وفي هذا السياق، رأى مُحلِّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، يوشي يهوشواع، أنّ دولة الاحتلال تخوض معركةً على خمس جبهاتٍ، وقال في مقاله الذي جاء تحت عنوان: (من جنين إلى إيران)، إنّ “خمسة أيامٍ فقط، من يوم الخميس صباحًا وحتى يوم الثلاثاء، تقدم رؤية واسعة لتحديات أمنية غير مسبوقة تواجهها إسرائيل في خمس جبهات مختلفة: إيران، سورية، الضفة الغربية، غزة، والقدس. كلها حساسّة وتفرض معالجة خاصة في استخدام القوة والاستخبارات، من أجل تنفيذ المهمات المعقدة”، على حدّ تعبيره.
ومضى المُحلِّل، الذي اعتمد على محافل وزانةٍ بالمؤسسة الأمنيّة الإسرائيليّة، مضى قائلاً إنّه “من المغري، بالطبع، البدء بالحديث عن الهجوم في إيران المنسوب إلى الموساد على منشأة في مدينة أصفهان، والتي تُستخدم للأبحاث والتطوير وإنتاج صواريخ وطائرات انتحارية، لكن الحدث الأهّم بالنسبة إلى الجيش الإسرائيليّ هو المناورة المشتركة مع الأمريكيين (سنديان البازيلت) التي انتهت يوم الخميس. والمقصود أكبر مناورة قام بها الجيشان معًا، وشارك فيها 6500 ضابط وجندي”.
وتابع يهوشواع، نقلاً عن ذات المصادر إنّ “المناورة شهدت محاكاة هجومٍ على منشأة نووية في إيران. وتدرب سلاحا الجو على سيناريوهات مختلفة، بمشاركة طائرات حربية وطائرات شحن للتزود بالوقود في الجو، وطوافات إنقاذ، ومسيّرات، وطائرات تجسُّس، وقاذفات أميركية ضخمة من نوع B52 ألقت ذخيرة حية في جنوب البلد”.
بالإضافة إلى ذلك، أوضحت المصادر الإسرائيليّة، بحسب المُحلِّل العسكريّ أنّه “في هذه المناورة، ظهر جزء من القدرات الأكثر تطورًا للجيشين. فقد حسّنت إسرائيل، بصورةٍ كبيرةٍ، قدراتها لمهاجمة منشآت نووية في إيران”، لافتًا إلى أنّه “إذا شارك الأمريكيون في الهجوم في يوم المعركة، فيمكن التقدير أنّ القوات الجويّة ستنجح في المهمة”، بحسب مصادره.
وأردف قائلاً إنّ “ضابطًا كبيرًا أدار المناورة في الجانب الإسرائيليّ، قال إنّه جرى تطوير الاستعدادات لعمليةٍ محتملةٍ في إيران بصورةٍ كبيرةٍ”، وأنّ “هذه التطورات مهمة لأنّ الإيرانيين أصبحوا قريبين كثيرًا من القنبلة، ويجب أنْ تكون الخطط في مواجهتهم موثوقًا بها”.
وشدّدّ المُحلِّل على أنّه “في مقابل المناورة، زار إسرائيل في الأيام الأخيرة مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ورئيس السي آي إي وليام بيرنز، وأمس الأوّل، وصل إلى هنا وزير الخارجية الأمريكيّ أنطوني بلينكن، الذي صرّح: “اتفقنا على منع إيران من الحصول على سلاحٍ نوويّ”.
علاوة على ذلك، أوضحت المصادر عينها أنّه “في الشأن الإيرانيّ العسكريّ والتمركز في الإقليم، فقد أظهرت إسرائيل قدرات عالية وحققت إنجازات، بحسب تقارير أجنبية، وتواصل القيام بضرباتٍ في داخل إيران وخارجها، على سبيل المثال، في سورية وفي مناطق بعيدة جدًا، والهجوم المنسوب إلى إسرائيل في أصفهان يشكل ارتفاعًا في درجة استخدام المسيّرات”.
المصادر الأمنيّة الإسرائيليّة أكّدت أنّه “في مقابل الحرب المفتوحة ضدّ إيران، برزت العملية الناجحة لقيادة الأركان العامة للجيش، بمشاركة الشاباك، ضدّ خلايا “مخربين” في مخيم اللاجئين في جنين، واعترضت القبة الحديدية صواريخ من غزة، والجيش الإسرائيليّ كبّد (حماس) ثمنًا باهظًا بمهاجمته منشآت إنتاج للصواريخ.”
وأشارت المصادر أيضًا، بحسب يهوشواع، إلى أنّه “في الساحة الخامسة، القدس، واجه الجيش مع الشرطة والشاباك هجومين قاسيين، قُتل في أحدهما 7 أشخاص. هذا التحدي الأمني ليس بأهمية الهجمات في أماكن بعيدة قام بها سلاح الجو والموساد، لكنّه أكثر تعقيدًا بسبب صعوبة كشف وتحييد “مخربين” أفراد لا ينتمون إلى أيّ تنظيمات، والذين يجري تحريضهم من خلال المواد التي تنشرها وبكثافةٍ شبكات التواصل الاجتماعيّ، فيخرجون لقتل اليهود.”
وتابع المُحلِّل في مقاله، الذي نقلته للعربيّة (مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة)، تابع أنّ “شهر كانون الثاني (يناير) كان قاسيًا بالنسبة إلى الفلسطينيين، فقد بلغ عدد القتلى 35 قتيلاً، وأنّ الرغبة في الانتقام، بالإضافة إلى توفُّر السلاح في الشوارع، يمكنهما أنْ يؤديا إلى هجماتٍ إضافيةٍ وموجة “إرهاب”، مواجهتها لا تقل صعوبة عن مواجهة التحدي الإيرانيّ”.
واختتم قائلاً: “على أيّ حال، من الواضح أنّ إيران لا تنوي أنْ تمرّ مرور الكرام على العمليات الأخيرة، ويُجري الجيش الإسرائيليّ في الأيام الأخيرة استعداداته الدفاعيّة، في ضوء تحذيراتٍ من الانتقام، هذه الحرب ستستمّر في جبهاتٍ مختلفةٍ، وبوسائل مختلفةٍ، لكن حتى الآن، ليس بقوةٍ كبيرةٍ”، وفق تعبير