بغداد- العراق اليوم:
مع استمرار منع إقليم كردستان العراق من تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي، والخسائر المترتبة على المنع بعد فوز بغداد بالقضية التي رفعتها ضد السلطات التركية قبل أعوام ضد انقرة لتصديرها نفط الإقليم دون الحصول على موافقة المركز بحسب الاتفاقيات السابقة المبرمة بين البلدين، ظهرت الى الساحة مؤخرا معلومات تصدر عن وسائل اعلام اجنبية تتحدث عن "قرب انهيار الإقليم" بشكل كلي وكامل، تلك المعلومات استمرت كــ "تصريحات غير رسمية" حتى الكشف عن رسالة بعثها رئيس إقليم كردستان العراق مسرور برزاني الى الرئيس الأمريكي جو بايدن.
الرسالة التي كشف عنها في الثاني عشر من سبتمبر الحالي، اكدت المعلومات التي تتحدث عن "قرب انهيار الإقليم بشكل كلي" نتيجة للضغوط الاقتصادية التي باتت تعصف باقتصاد الإقليم بعد أشهر من توقف صادراته وفقدانه الموارد المالية الضرورية، والتي بدورها تركت الإقليم معتمدا كليا على "الأموال" التي تمنح من بغداد للإقليم وسط "تصاعد" في الخلافات ما يزال مستمرا حتى اليوم.
برزاني بحسب الرسالة التي كشف عنها "استنجد" بالرئيس الأمريكي جو بايدن لإنقاذ الإقليم بشكل عاجل، مشيرا الى ان الاثار الاقتصادية المترتبة على منع الإقليم من تصدير النفط، بالإضافة الى الخلافات المتصاعدة مع الحكومة في بغداد وسط تقارير إعلامية اجنبية تتحدث عن "استثناء" كردستان من خطط الحكومة في بغداد لتطوير البلاد، تركت كردستان امام "خطر انهيار حقيقي"، بحسب وصفها.
لا مكان لإقليم كردستان في خطط التطوير العراقية الخلافات السياسية والاقتصادية بين الإقليم والمركز وصلت اشدها بعد نشر معهد كارنيغي للدراسات تقريرا تحدث عن "استثناء إقليم كردستان العراق بشكل كامل"، من خطط التطوير، الاعمار والتنمية التي وضعتها حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للمرحلة القادمة، والتي أشار التقرير الى انها "قد تكون نابعة من كون الإقليم يحظى بإدارة مستقلة"، على الرغم من الاتهامات بانها "استهداف".
تقرير المركز اكد ان الخلافات بين الإقليم والمركز وعمليات الاقصاء التي اصابته من اهم المشاريع العراقية ومنها "ميناء الفاو الكبير، الربط السككي مع تركيا وخطة الحزام والطريق الصينية"، هي في واقعها "حركة سياسية" بحسب وصفه، مشددا على ان الخلافات بين بغداد واربيل وصلت الى المراحل التي باتت تستخدم معها بغداد الوضع الاقتصادي الحالي للإقليم للضغط سياسيا عليه، بحسب وصفها.
وصف الحركة السياسية
قال المعهد انه يأتي كعملية "انتقامية" من الإقليم نتيجة لمساعيه الانفصالية السابقة واصراره على مواقفه "المتشنجة" مع حكومة بغداد، الامر الذي ظهرت تبعاته الان بعد فقدان الإقليم ما قال المعهد انه الأساس لعلاقاته الدولية القوية الناتجة عن عمل الشركات النفطية داخل الإقليم، والتي توقفت مؤخرا نتيجة لتوقف التصدير عبر ميناء جيهان التركي.
مشروع طريق التنمية الذي قال المعهد ان الحكومة العراقية باشرت بتطبيقه، يستثني الان بشكل "كلي" إقليم كردستان العراق، حيث يمر الطريق نحو تركيا دون المرور بمحافظات الإقليم الثلاث، الامر الذي سيحرم حكومة أربيل و السليمانية بحسب وصف المعهد، من عائدات مالية كبيرة كانت ستترتب على مرور البضائع، السلع والمسافرين عبر الطريق السككي قيد الانشاء.
عملية الاستثناء
حذر المعهد من انها ستؤدي "الى زيادة الأمور سوءا في العلاقات بين المركز والاقليم"، مؤكدا ان شعور الاكراد بالاستثناء من خطط بغداد سيؤدي الى توسعة الخلافات بين الحكومة المركزية والإقليمية، امر اكد عليه وزير النقل في حكومة إقليم كردستان من خلال تصريح أورده المعهد اكد خلاله "ان طريق التنمية لن يتحقق دون إقليم كردستان"، بسحب وصفه. كردستان "تختنق" ماديا.. تحذيرات أمريكية و"تحركات" رويترز وفي التاسع عشر من الشهر الحالي، نشرت تقريرا اكدت خلاله نقلا عن "مصدرين مطلعين" ان خسائر إقليم كردستان العراق الناتجة عن توقف التصدير منذ شهر مارس الماضي وحتى اليوم تجاوزت الأربعة مليار دولار امريكي، بالإضافة الى ديون مالية كبيرة ترتبت على حكومة الإقليم لصالح الشركات النفطية الأجنبية العاملة داخله، وفقدان حكومة الإقليم القدرة على تمويل ذاتها بشكل شبه كلي. الوضع الذي وجدت حكومة الإقليم نفسها تعاني منه نتيجة لقرار المحكمة الدولية، وصفته وكالة رويترز بانه أدى الى "اختناق إقليم كردستان ماديا"، مؤكدة وجود "تحركات داخل الولايات المتحدة" صدرت عن ثلاث أعضاء في لجنة العلاقات الخارجية داخل الكونغرس الأمريكي، من خلال رسالة بعثوا بها الى الرئيس الأمريكي جو بايدن الاثنين الماضي، يطالبون خلالها البيت الأبيض بــ "التحرك العاجل" لإنقاذ إقليم كردستان من الانهيار كونه "شريك مهم" للإدارة الامريكية، بحسب وصفهم. الرسالة التي صدرت عن النواب مايكل والتز، مايكل تي مكول، وجو ويلسون، اكدت "ان إقليم كردستان العراق بات الان مختنق اقتصاديا، مضغوط سياسيا وقانونيا، مهدد عسكريا من قبل ايران وعناصر داخل بغداد"، بحسب وصفهم، داعين الرئيس الأمريكي الى وضع "استراتيجية جديدة للعراق تضمن اصلاح هذه الازمة". الرسالة بحسب رويترز لم توفر أي تفاصيل حول ما يرغب نواب الكونغرس الأمريكي بتمريره كــ "استراتيجية جديدة للعراق"، مؤكدة ان الحل الوحيد الذي قدم من النواب الأمريكيين للبيت الأبيض، هو "الضغط" تجاه إعادة فتح التصدير عبر الانابيب والموانئ التركية لحكومة الإقليم، الامر الذي يعد خرقا للسيادة العراقية دون موافقة بغداد. التحركات الامريكية تهدف أيضا بحسب تقرير نشرته شبكة ذا ناشيونال نيوز، الى "تخفيف الضغط" على السوق النفطي الدولي الذي بات "يستخدم" ضد الإدارة الامريكية نتيجة لقرارات منظمة أوبك التي أدت الى رفع أسعار النفط بالتزامن مع الحرب الدائرة حاليا في أوروبا والتي تتورط الولايات المتحدة خلالها بدعم أوكرانيا ضد روسيا. الشبكة اشارت الى ان لعب الولايات المتحدة دورا في رفع الضغط عن حكومة الإقليم وفتح أنبوب النفط مرة أخرى للتصدير عبر تركيا يمكن ان يستخدم من قبل الإدارة الامريكية لحث حكومة إقليم كردستان العراق على زيادة صادرات النفط، الامر الذي تامل الولايات المتحدة من خلاله تخفيف الضغط الحالي على سوق النفط، وتخفيض الأسعار بشكل اكبر، مؤكدة ان التحركات الامريكية غير مدفوعة بالمصلحة الكردية، بل بأهداف واشنطن في المنطقة. كردستان ستنهار "قريبا".. برزاني "يستنجد" بالحكومة الامريكية والأخيرة لا ترد وعلى الرغم من استمرار التحركات داخل الحكومة الامريكية وتحديدا الكونغرس لحث الرئيس الأمريكي على اتخاذ خطوات "تخفف" من الازمة المالية التي يعاني منها الإقليم، الا ان الحكومة الامريكية لم تتخذ أي خطوات فعلية حتى الان بحسب وصف صحيفة فري بيكن الامريكية، التي كشفت عن وجود "رسالة غير معلنة" بعث بها رئيس الإقليم مسرور برزاني الى الرئيس الأمريكي جو بايدن، يؤكد خلالها له شخصيا "قرب انهيار الإقليم بشكل كلي"، تحت الضغط الحالي. الصحيفة اتهمت ايران بالوقوف وراء الضغوط التي تستهدف إقليم كردستان العراق، مؤكدة ان طهران قد تحاول "تفكيك" الإقليم للقضاء على شريك امريكي مهم في المنطقة بسحب وصفها، امر يختلف معهد كارنيغي مع الصحيفة في وصفه، والذي يؤكد بدوره ان تحركات الإقليم السابقة نحو الانفصال هي السبب وراء فقدان حكومة بغداد الثقة بحكومة أربيل، وما ترتب عليها من عمليات استثناء للإقليم من خطط التنمية الصادرة عن بغداد ومن بينها معالجة ازمة تصدير النفط. الصحيفة قالت ان الحكومة الامريكية ما تزال حتى اللحظة "تدير وجهها" عن الازمة داخل إقليم كردستان، والتي حذرت من ان استمرارها سيؤدي الى توجه المزيد من دول العالم "نحو الاعتماد على النفط الإيراني كبديل عن صادرات إقليم كردستان التي تبلغ 0.4% من مجموع الصادرات الدولية"، محور نفاه المعهد أيضا من خلال تأكيده ان العقوبات المفروضة على ايران تمنعها من ان تصبح مصدرا بديلا عن النفط الصادر من إقليم كردستان العراق. مسرور برزاني وخلال نص الرسالة التي بعث بها الى بايدن في الثالث من الشهر الحالي، اعلن للأخير "اكتب اليك الان في مفترق تاريخي خطير اخر يواجهنا، مفترق اخشى ان نكون غير قادرين على تجاوزه"، متابعا "نحن ننزف اقتصاديا وندمر سياسيا، خلال الفترة التي عملت بها كرئيس وزراء للإقليم، اعتقد بان هذه هي اعظم مصادر قلقي، وهي الحملة غير المشرفة التي تشن ضدنا الان"، مشددا "اخشى ان هذه الحملة ستؤدي الى انهيار تام لنموذج العراق الفدرالي الذي رعته الولايات المتحدة داخل العراق منذ عام 2003 وحتى اليوم"، بحسب نص رسالته. الرسالة التي بعث بها برزاني تضمنت أيضا طلبا من الرئيس الأمريكي للتدخل بشكل عاجل لإنقاذ الإقليم من "الانهيار الكلي" الذي اعلن عن قرب وقوعه للإقليم في حال استمرار الأوضاع الحالية، امر عكسته رسالة أعضاء الكونغرس الأمريكي التي طالبت بايدن بــ "احثك على بذل كل الجهود الممكنة لانهاء المعاملة غير المقبولة التي تتعرض لها حكومة إقليم كردستان العراق على يد ايران وبعض الجهات داخل بغداد"، بحسب وصفهم، مصرين على اتهام طهران بالوقوف وراء الخلافات السياسية الحالية بين الإقليم والمركز بحسب وصف الصحيفة. المونيتر من جانبها، اكدت ان حكومة الإقليم لم تكن قادرة ومنذ اشهر على دفع مستحقات موظفي القطاع العام والتي تبلغ نحو 625 مليون دولار شهريا، الامر الذي قالت انه يرسم صورة "سوداء" عن مستقبل الإقليم، مؤكدة "بحسب الرسالة التي بعث برزاني أيضا، فان حكومة الإقليم أعلنت عن ان حكومة بغداد تصرفت بالعكس من الرغبة الامريكية فيما يتعلق بالاقليم"، موضحة نقلا عن نص رسالة برزاني الى بايدن "يؤسفني ابلاغك بان بغداد تصرفت بالعكس من اتفاقنا السابق" مشيرا الى ان بغداد وافقت فقط على منح الإقليم قروضا شهرية بقيمة 380 مليون دولار فقط، تسدد لاحقا من واردات الإقليم، الامر الذي سيفرض "ضغطا سياسيا لبغداد على الإقليم" قد لا يمكن لاربيل التعافي منه، بحسب وصفها. حتى الان الحكومة الامريكية "لم تحرك ساكنا" بحسب وصف المونيتر لمطالب برزاني وخصوصا فيما يتعلق بإلغاء بغداد الاتفاق السابق الذي تم تحت ضغوط أمريكية ومنح الإقليم 900 مليون دولار شهريا مقابل 85 الف برميل نفط فقط يرسلها الإقليم للمركز، وقرار المحكمة الاتحادية في الثاني من سبتمبر حصر منح الإقليم بــ "قروض واجبة السداد" قالت الشبكة انها لا تكفي لسد حاجة حكومة الإقليم الشهرية لسد الرواتب ونفقات الحكومة. الوضع الكردي الان بحسب وصف الشبكة اصبح "غير مسبوق" حيث لم يسبق ان تعرض الإقليم لخطر حقيقي بالانهيار الكامل تحت الضغط الحالي الذي بات يتصاعد بشكل مستمر دون وجود أي محاولات أمريكية فعلية لاسعاف برزاني وحكومته، خصوصا مع اقترانه بمشاكل سياسية داخلية بين الحزبين الكرديين الرئيسيين التحالف الوطني والحزب الديمقراطي، والسخط الشعبي الناتج عن الفشل الاقتصادي الحالي، حاليا، إقليم كردستان معرض للانهيار بشكل كامل، بسحب الشبكة، امر لا يمكن التراجع عنه في حال وقوعه.