تسعى قوى الإطار التنسيقي إلى تلافي ارتدادات محتملة على النظام السياسي يمكن أن تحدثها ثلاث قضايا كبرى تفجرت خلال الأيام والأسابيع والسنوات الماضية، في ملف “سرقة القرن”، وشبكة “التنصت”، وأخيراً الاتهامات الخطيرة التي وجّهها رئيس هيئة النزاهة، إلى القضاء العراقي.
وبعد ساعات من تصريحات مثيرة لرئيس هيئة النزاهة، حيدر حنون، عقد “الإطار التنسيقي” اجتماعاً بهدف تطويق الأزمات، ودعم مسار التحقيقات القضائية.
وفتح القاضي حيدر حنون، الأربعاء، النار على الجميع وأطلق سيلاً من المعلومات بخصوص السرقة والتحقيقات فيها. وقال إن “المتهم بسرقة الأمانات الضريبية، نور زهير، زوّر 114 صكاً مالياً، وعليه أن يعاقب بـ114 حكماً”.
النظام قد ينهار
وأكد مصدر رفيع من قوى الإطار التنسيقي، أن “ثمة خشية حقيقية من أن تؤدي الفضائح إلى انهيار النظام”.
وقال المصدر، المطلع على كواليس اجتماع الإطار، إن “النظام السياسي العراقي يرتكز على ثلاث سلطات: التنفيذ والتشريع والقضاء، ولما نال التصدع من السلطتين التشريعية والتنفيذية، فإن القضاء سيكون آخر قلاعه، وحين يتصدع لن يبقى هناك نظام”.
ويضيف أن “الاتهامات الأميركية السابقة للقضاء كانت ذات بُعد دولي، واتهامات رئيس النزاهة له ربما ستكرس بعداً محلياً، وسيكون لهذين البعدين ضرر بالغ على مجمل النظام السياسي، ومن هنا تأتي مخاوف قادة في (الإطار التنسيقي)”.
وأوضح المصدر أن الاجتماع الذي عقده “الإطار التنسيقي”، مساء الأربعاء، بحضور رئيس الوزراء محمد السوداني، كان يهدف أساساً إلى مساءلته عن “أسباب ما يحدث وطبيعة المعالجات التي يمكن أن تقدمها الحكومة لتجاوز تداعيات القضايا الثلاث الكبرى”.
خروقات مكتب السوداني
وأصدر الإطار التنسيقي بياناً عقب الاجتماع، ذكر فيه أنه ناقش ما يتم تداوله من خروق بعض موظفي مكتب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في إشارة إلى قضية “التنصت” التي تفجرت مؤخراً.
وأشار البيان إلى أن الاجتماع استمع إلى ملخص من السوداني حول ما يتم تداوله من خروقات من بعض موظفي مكتبه. ونقل عن السوداني تأكيده أهمية “محاسبة كل من يثبت تقصيره”، وعبر عن دعمه للقضاء في تحقيقاته وإجراءاته.
وجددت قوى الإطار دعمها لـ”الجهود التي تقوم بها السلطة القضائية في هذا السياق”، وكذلك مساندتها لـ”جهود الحكومة المبذولة لتنفيذ برنامجها لخدمة المواطنين وتنفيذ المشاريع التي تنهض بالواقع العراقي”.
المالكي يدافع عن القضاء
وفي هذا الاتجاه، دافع رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، بشدة عن القضاء بعد يوم واحد من اتهامات رئيس هيئة النزاهة للقضاء. وبدا مستاءً من اتهامات رئيس هيئة النزاهة للقضاء، وإن لم يذكر اسمه بالتحديد خلال كلمته.
وكانت أنباء قد رشحت عن كواليس دولة القانون أن المالكي كان من بين الشخصيات المستهدفة في عملية “التنصت”، ما أثار امتعاضه.
وقال المالكي خلال كلمته، إن “العملية السياسية التي نعيش فصولها هي نتاج جهاد وعطاء، وتأسست على الديمقراطية والفصل بين السلطات من أجل إدامة المشروع السياسي”.
وأضاف: “لقد حذرنا مراراً من حصول أيّ سوء تفاهم بين السلطات، ومن الأهمية التفاهم فيما بينها من أجل استقرار العملية السياسية. لا يمكن لأي سلطة من السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية أن تكون معزولة عن بعضها”.
وتابع المالكي أن “القضاء له كل الاحترام، وهو السلطة التي نعود إليها في كل أزمة من الأزمات وثقتنا كاملة به. نأمل أن تستمر ثقتنا الكاملة بالقضاء وبجهوده في ضبط الأمور التي تحتاج إلى قرار قضائي يفصل بين القضايا”.
ورأى أن “التجاوز على صلاحيات القضاء أو السلطة التنفيذية أو التشريعية يمثل بداية خطيرة لتداعيات أخطر من تداعيات العمليات الإرهابية التي تستهدف النظام”.
ودعا المالكي الجميع إلى “احترام القضاء، وما يقوله هو الحكم الفصل في جميع القضايا”.
“محاكمة القرن”
من جهته، دعا رئي تيار الحكمة، عمار الحكيم، إلى “محاكمة القرن” لمقاضاة “سرقة القرن”.
وقال في كلمة مسجلة: “لتكن هذه المحاكمة علنية، كما فعلنا مع صدام حسين، حتى لو وردت فيها أسماء شخصيات كبيرة”.
وبات المتهم بـ”سرقة القرن”، نور زهير، مطارداً بمذكرة قبض أصدرتها محكمة الفساد العراقية، بعدما ألغت الكفالة المشروطة التي مُنحت له لاسترداد صكوك الأمانات الضريبية.
وقالت السلطات إنها تعتزم تفعيل “الإشارة الحمراء” لدى “الشرطة الدولية (الإنتربول) للقبض على المتهم الرئيسي بـ”سرقة القرن” نور زهير.
والأسبوع الماضي، أكدت هيئة النزاهة المضي بإجراءات حجز أموال المتهم نور زهير في داخل العراق وخارجه.