كركوك
بعد هدوء نسبي، تعود الأزمات السياسية لتعصف بمحافظة كركوك، على خلفية “اتفاق فندق الرشيد” بالعاصمة بغداد، وتشكيل الحكومة المحلية الجديدة، حيث وجه ممثلو المكونين العربي والتركماني، اتهامات للاتحاد الوطني الكردستاني، بـ”تكريد” المحافظة والتفرد في حكمها وعدم تنفيذ بنود الاتفاق، وهو ما نفاه الحزب، وأكد التزامه بتطبيق أكثر من 80 بالمئة من الاتفاق، وخاصة فيما يتعلق بتوزيع المناصب.
ويقول الأمين العام لهيئة الرأي العربية في كركوك ناظم الشمري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إنه “بعد مرور ثلاثة أشهر على تشكيل الحكومة المحلية في كركوك، فإن ورقة الاتفاق السياسي الذي تشكلت الحكومة بموجبه لم تنفذ، خاصة وأنها نصت على حسم مصير آلاف المغيبين العرب في سجون إقليم كردستان، وتحديدا في سجون السليمانية، لكن هؤلاء ما زال مصيرهم مجهولا، ولم يتم الإفصاح عنهم”.
ويضيف الشمري، أن “الاتفاق كان يقضي بتسلم المكون العربي في كركوك أكثر من 25 منصبا، بينها مديرين للدوائر ورؤساء للوحدات الإدارية المهمة، ولكن حتى الآن لم يتحقق هذا الاتفاق”، مبينا أن “الحكومة الجديدة عادت لتمارس سياسة كردية في كركوك، بعد أن كانت المدينة تدار بعقلية عراقية كركوكية، وآخرها ما حصل من رفع لعلم كردستان في حفل جماهيري، وسط غياب للعلم العراقي، وهذا مؤشر على وجود محاولات لإعادة الأشياء السابقة، من بينها الاستعانة بالبيشمركة والآسايش وتكريد المدينة، بعيدا عن الروح العراقية”.
وفي التاسع من شهر آب أغسطس، انتخب مجلس محافظة كركوك بحضور تسعة أعضاء من أصل 16 عضوا، الحكومة الجديدة في كركوك، حيث تم انتخاب مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني، ريبوار طه، محافظا للمدينة، ومحمد الحافظ عن المكون العربي رئيسا لمجلس المحافظة، وذلك بعد اجتماع في فندق الرشيد بالعاصمة بغداد، تم التوصل خلاله لاتفاق فيه بنود عدة تضمن حقوق كل مكون، بغية تشكيل الحكومة المحلية.
فيما شهدت الجلسة مقاطعة كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والجبهة التركمانية، وثلاثة أعضاء من المكون العربي، وتم رفع شكوى لدى المحكمة الاتحادية، ضد شرعية الجلسة من الناحية القانونية، من قبل المحافظ السابق راكان الجبوري، ورئيس الجبهة التركمانية حسن توران.
من جهته، يرى عضو التحالف التركماني عباس الآغا، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المكون التركماني ما زالت حقوقه مغتصبة، ولا يوجد تمثيل خاص بهم في كركوك، فالمناصب التي تم منحها للمكون التركماني لا تعبر عن حجمه الحقيقي وتتعارض مع الدستور، الذي نص على تمثيل عادل لجميع المكونات في كركوك، وإدارة المدينة بالشراكة”.
ويؤكد الآغا، أن “ما نراه اليوم، هو تفرد بالقرار من قبل جهة كردية واحدة متمثلة بالاتحاد الوطني، وبعض شركائهم من المكون العربي، وتم تجاهل المكون التركماني وباقي الأطراف السياسية، وهذا مؤشر خطير يؤثر على السلم الاجتماعي في المدينة”، موضحا أن “من يدعي تمثيل التركمان ويحاول الحصول على المناصب باسمهم، فإن هؤلاء لا يمثلون إلا أنفسهم، لأن مشكلتنا ليست بالمناصب، بقدر كونها مشكلة بإدارة المدينة التي يجب أن تكون تشاركية، فنحن لا نريد مناصب عبارة عن ديكور وإكمال عدد”.
ويردف أن “ماجرى في فندق الرشيد ما زال مجهولا، ولكن الاتحاد الوطني الكردستاني، تنصل عن تنفيذ الجزء الأكبر من الاتفاق المعلن، ونرى اليوم محاولة لإعادة الأشياء السابقة في كركوك، وإدارتها بصبغة قومية”.
وكان مجلس محافظة كركوك صوّت، في 14 من تشرين الأول أكتوبر الماضي، على انتخاب ياوز حميد محمود نائبا أول لمحافظ كركوك، فضلا عن اختيار رؤساء الوحدات الإدارية في أقضية الحويجة، وداقوق، ودبس، كما شكل 14 لجنة للمجلس في مختلف المجالات والاختصاصات الخدمية، وسط مقاطعة الديمقراطي الكردستاني والسيادة والتركمان.
وتسببت الجلسة أعلاه، بتأجيج الصراع في المحافظة، خاصة بعد أن ذهبت أغلب التعيينات الجديدة للمكون العربي، وسط رفض القوى المقاطعة لها.
يذكر أن حزب السيادة، اعتبر، انتخاب ياوز حميد محمود لمهام النائب الاول لمحافظ كركوك، انتهاكا صارخا للقانون ويفتح الباب أمام المزيد من التجاوزات في المحافظة، فيما أعربت جبهة تركمان العراق الموحد، عن قلقها عما يدور في مجلس المحافظة، مؤكدة أنها تنتظر رأي القضاء الحاسم.
وبحسب نتائج انتخابات مجالس المحافظات في كركوك التي جرت العام الماضي فإن، الاتحاد الوطني الكردستاني، حصل على خمسة مقاعد، ومقعدين للحزب الديمقراطي، وستة مقاعد للمكون العربي، وإثنين للجبهة التركمانية، ومقعد واحد للمكون المسيحي.
وردا على ما تقدم، ينفي عضو الاتحاد الوطني الكردستاني في كركوك إدريس حاج عادل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، تنصل حزبه عن تنفيذ الاتفاق السياسي الخاص بتشكيل الحكومة الجديدة، مؤكدا أن “الجانب الأكبر من الاتفاق السياسي، وبنسبة 80 بالمئة تم تنفيذه، حيث تم توزيع المناصب بعدالة تامة وحسب الاستحقاق لكل مكون”.
ويستطرد عادل، أن “المكون العربي تسلم المناصب الجديدة، حيث تسلموا الآن منصب مدير الشرطة ومدير التربية وقائممقام الدبس، وقائممقام الحويجة ومديري النواحي، والأقسام في ديوان المحافظة، ومنصب رئيس المجلس ونائب المحافظ الأول، ومعاون المحافظ، وغيرهم”.
ويشير إلى أن “الجبهة التركمانية ما تزال مقاطعة لجلسات مجلس المحافظة، لكنه تم منح مناصب المكون التركماني لأطراف سياسية تركمانية أخرى، منها منصب نائب المحافظ الثاني وعدد من مديري الدوائر، ومنصب قائممقام كركوك، وما زال منصب نائب رئيس مجلس المحافظة بانتظارهم”.
ويتابع أن “الإدارة الجديدة تتعامل بطريقة شدة الورد، ولا يوجد أي فرق بين مكون وآخر، والمشاريع الخدمية تتوزع على جميع المناطق بالتساوي، وليس كما كان في السابق، حيث تختصر المشاريع على المناطق العربية فقط”، مضيفا “كما أن الإدارة الجديدة تخاطب مكونات كركوك بلغاتهم جميعا، والمحافظ ريبوار طه بابه مفتوح ويستقبل الجميع، لكن هناك جهات سياسية تحرض عبر وسائل إعلامها ويغيضها هذا الاستقرار والتعايش الذي تشهده المدينة”.
وينقسم عرب كركوك إلى فريقين حصل أحدهما على منصبي رئيس مجلس المحافظة ونائب المحافظ، في حين قاطع الفريق الآخر (التركمان) جلسة انتخاب المحافظ، وأعلنوا عدم اعترافهم بمخرجاتها.
وتقدّمت الجبهة التركمانية بشكوى إلى المحكمتين الاتحادية والإدارية بشأن مجريات جلسة انتخاب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة، لكن لم يتم حسم الأمر حتى الآن.