لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا لمراسلتها في إسطنبول حنا لوسيندا سميث، قالت فيه إن سقوط مدينة حلب بيد المعارضة السورية المسلحة، قرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من تحقيق حلم دمشق.
وقالت إن منظر العلم التركي وهو يرفرف فوق قلعة حلب التاريخية هو آخر ما كان يخشاه رئيس النظام السوري بشار الأسد. ويعتقد الكثيرون أن الرئيس أردوغان كان يحلم منذ فترة طويلة يحلم بهذا المنظر، حيث رُفع العلم التركي يوم الإثنين، بعد أيام من اقتحام المسلحين المدينة.
ولا يعرف أحد السبب، لكن بالنسبة بالنسبة للعديد من المراقبين، فهذه علامة أخرى على أن أنقرة، على الرغم من إنكارها، تلعب دورا بارزا في أحدث تطور في الحرب الأهلية السورية، التي تراجعت في السنوات الأخيرة، إلى آخر اهتمامات الغرب، وتجاوزتها صراعات أكثر إلحاحا في أوروبا الشرقية وإسرائيل.
إلا أن سوريا لم تختف عن أجندة السياسة. فقد أعادت الحرب في جوارها الطبيعي تشكيل البلاد بشكل أساسي، سواء من الناحية السياسية أو الديموغرافية. وهناك أكثر من 3.6 مليون لاجئ سوري في تركيا، حسب الأرقام الرسمية.
وتحول اللاجئون إلى صداع للزعيم التركي أردوغان وكذا زيادة التأثير الكردي في سوريا، وهو تطور اندلع على الحدود التركية في عام 2015، عندما عاد حزب العمال الكردستاني “بي بي كي” إلى التمرد على التراب التركي من جديد.
ومن هنا، بات هدف أردوغان، هو إعادة اللاجئين السوريين ومنع تقدم الأكراد قريبا من حدوده. ولتحقيق ذلك، قضى الرئيس التركي الأشهر الماضية في محاولة لإصلاح العلاقات مع النظام السوري وعرض لقاء الأسد والتوصل لصفقة استئناف العلاقات مع دمشق. وقد تجاهل الأسد هذه العروض أكثر من مرة، وأكد على ضرورة سحب القوات التركية من الأراضي السورية.
ولدى الأسد مخاوفه من محاولة أنقرة تنصيب نظام جديد في دمشق يسمح لها بتوسيع نفوذها في العالم العربي. فعندما اندلعت الاحتجاجات ضد الأسد لأول مرة في عام 2011، سعى أردوغان، الذي كانت تربطه صداقة شخصية مع الرئيس السوري للتدخل. وسافرت وفود على رأسها أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء آنذاك، من أنقرة إلى دمشق، على أمل إقناع الأسد بتعديل موقفه من الاحتجاجات.
لكن العلاقات انهارت بشكل سريع، وسط رفض الأسد الاستجابة وتقديم تنازلات لما اعتقد أنهم الإخوان المسلمون، القريبون من أردوغان وأوغلو. وانقطعت العلاقات سريعا في آذار/ مارس 2012.
واتخذ الجناح السياسي للمعارضة السورية من إسطنبول مقرا له، في حين تلقت الجماعات المتمردة الأسلحة والتمويل عبر تركيا. وفي السنوات الأولى للحرب، جاء الدعم للمعارضة أيضا من دول مثل بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا.
ومع صعود الجماعات المتطرفة إلى الواجهة، تراجعت معظمها، ولم يتبق سوى تركيا وقطر كدولتين داعمتين للمعارضة. وهناك الآن مجموعتان متمردتان رئيسيتان في شمال غرب سوريا. إحداهما هي “هيئة تحرير الشام”، خليفة القاعدة، التي تقاتل ضد قوات الأسد. والثانية هي الجيش الوطني السوري، وهو تحالف من الجماعات المعارضة المدعومة مباشرة من تركيا، والتي تركز بشكل أساسي على صد الميليشيات الكردية التي تسيطر على المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، بما في ذلك المناطق الواقعة على طول الحدود التركية.
وحافظ وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين روسيا، الراعية لنظام الأسد، على خط المواجهة بين الطرفين حتى نهاية الأسبوع الماضي.
ولعبت تركيا دور الضامن للمعارضة المسلحة بقوات عسكرية متمركزة في منطقة شمال- غرب سوريا، ووفرت الخدمات الاجتماعية، بما في ذلك خدمات التعليم والبريد.
ونفت أنقرة حتى الآن أن يكون لها دور في عملية المعارضة المسلحة الأخيرة، لكنها انتهزت الفرصة لزيادة هجماتها ضد المعارضة الكردية، وهناك إشارات إلى أنها تحاول موضعة نفسها للعب دور مهم في مستقبل سوريا.
وفي يوم الثلاثاء، دعا السياسي القومي دولت بهشتلي والحليف لأردوغان، نظام الأسد للتحاور مع تركيا: “لم يفت الوقت”، مضيفا أن “تركيا لا نوايا لها في أراضي سوريا”. لكنه أكد أن “حلب هي تركية ومسلمة حتى النخاع”.
وترى الصحيفة أن أحداث الأسبوع الماضي قد تجبر الأسد على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع تركيا، لكنها لن تخفف من مخاوفه بشأن طموحات تركيا في سوريا.