بيروت (لبنان) ـ دمشق ـ (أ ف ب) – الاناضول: وصف قائد هيئة تحرير الشام أبو محمّد الجولاني السبت سيطرة قواته الوشيكة على مدينة حمص، ثالث كبرى مدن سوريا، بـ”الحدث التاريخي”، على وقع خسائر ميدانية كبرى تلحق بنظام الرئيس بشار الأسد.
وقال الجولاني الذي بدأ يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع، بدلا من لقبه العسكري، في مقطع فيديو مقتضب على تطبيق تلغرام “نعيش في اللحظات الأخيرة لتحرير مدينة حمص… هذا الحدث التاريخي الذي سيفصل بين الحق والباطل”، وذلك بُعيد إعلان الفصائل المعارضة توغلها داخل أحياء المدينة لتمشيطها إثر انسحاب القوات الحكومية منها.
ودخلت فصائل المعارضة مدينة حمص (وسط)، ثالث أكبر مدن سوريا، وسيطرت على بعض أحيائها السبت، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بعد انسحاب القوات الحكومية منها، فيما نفت وزارة الدفاع السورية دخول أي عناصر إلى المدينة.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس إن “فصائل المعارضة دخلت إلى مدينة حمص وسيطرت على بعض الأحياء في المدينة، بعد انسحاب القوات الأمنية والجيش من آخر مواقعهم فيها”، مضيفا أن “مئات السجناء خرجوا من سجن حمص المركزي” إثر ذلك.
إلا أن وزارة الدفاع السورية نفت في بيان دخول الفصائل إلى مدينة حمص، قائلة إن “منصات إعلامية تابعة لمنظمات إرهابية تنشر أخبارا مضللة حول دخول إرهابيين إلى مدينة حمص”.
وأكدت الوزارة أن “الوضع آمن ومستقر وقواتنا المسلحة منتشرة حول المدينة”.
وأعلنت فصائل معارضة سورية السبت التوغّل في مدينة حمص والبدء بتمشيط أحيائها إضافة إلى إخراج أكثر من 3 آلاف سجين من سجن عسكري واقع شمال المدينة.
وفي منشور على تلغرام، قال حسن عبد الغني القيادي في الفصائل المعارضة إنه يجري “الآن التوغل في أحياء المدينة وتمشيطها استعدادا لإعلانها محررة بالكامل”، مضيفا في منشور آخر أن الفصائل تمكنت “من تحرير أكثر من 3500 سجين من سجن حمص العسكري”.
كما بدأت قوات المعارضة السورية بدخول الضواحي الجنوبية للعاصمة دمشق، وذلك بعد سيطرتها على مناطق عدة في محيطها.
وأفاد مراسلو الأناضول، السبت، أن قوات المعارضة وبعد سيطرتها على محافظة القنيطرة (جنوب) اتجهت نحو دمشق.
وإثر اشتباكات عنيفة خاضتها مع قوات الجيش السوري، سيطرت قوات المعارضة على منطقة داريا، جنوبي دمشق.
كما انتزعت قوات المعارضة مناطق: الضمير، وسقبا، ومسرابا ومعربة من سيطرة الجيش السوري.
وانسحبت قوات الجيش السوري من مناطق: الكسوة، وصحنايا، والمعضمية، والحرجلة وجرمانا، فيما قام أهالي هذه المناطق بتمزيق صور الرئيس بشار الأسد، وتحطيم تماثيله.
وأظهرت مشاهد متداولة على منصات التواصل الاجتماعي، جنودا تابعين لجيش السوري وهم يخلعون زيهم العسكري ويرتدون أزياء مدنية، تزامنا مع تقدم المعارضة نحو العاصمة.
وقبل ساعات سيطرت قوات المعارضة السورية على عدة قرى جديدة شمالي وغربي وشرقي محافظة حمص (وسط) بعد اشتباكات عنيفة مع الجيش العربي السوري.
كما أعلنت السلطات السورية السبت إقامة “طوق أمني وعسكري قوي” في محيط دمشق، مع إعلان فصائل معارضة استعدادها لـ”تطويق” دمشق.
ونفت الرئاسة السورية السبت أن يكون الرئيس بشار الأسد قد غادر دمشق، مؤكدة أنه “يتابع عمله” منها.
واقتربت فصائل المعارضة السورية من دمشق السبت وبدأت في “تنفيذ المرحلة الأخيرة من تطويق العاصمة دمشق”، وفق القيادي في الفصائل المعارِضة حسن عبد الغني الذي أكد أن مقاتليه باتوا على مسافة أقل من 20 كلم من المدخل الجنوبي للعاصمة السورية.
وفي بيان بعنوان “إلى إخواني الثوار الأحرار” نشرته قيادة الفصائل على تطبيق تلغرام، قال أبو محمّد الجولاني الذي بدأ يستخدم اسمه الحقيقي أحمد الشرع بدلا من لقبه العسكري، “وإني أعزم عليكم ألا تهدروا رصاصة واحدة إلا في صدور أعدائكم، فدمشق تنتظركم”.
وكان أكد الجمعة في حديث لشبكة سي ان ان الإخبارية الأميركية أن هدف الفصائل المعارضة هو “إسقاط نظام” الأسد.
وقال وزير الداخلية السوري محمد الرحمون السبت في تصريح للتلفزيون السوري الرسمي خلال جولة في العاصمة “أطمئن المواطنين أن هناك طوقا قويا جدا، أمنيا وعسكريا، على الأطراف البعيدة لدمشق وريف دمشق”، مضيفا أنه “لا يمكن لأي كان، لا هم ولا مشغليهم ولا داعميهم أن يخترقوا هذا الخط الدفاعي الذي تقوم به القوات المسلحة”.
والسبت أصبحت الفصائل عند مداخل حمص، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتخذ بريطانيا مقرّا وله شبكة واسعة من المصادر والمندوبين في سوريا، والذي أفاد أيضا بمقتل سبعة مدنيين جراء قصف وغارات سورية وروسية على بلدات في محيط مدينة حمص.
وكان المرصد أفاد صباحا بأن هيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها باتت على “بعد خمسة كيلومترات من أطراف حمص بعد سيطرتها على الرستن وتلبيسة” الواقعتين على الطريق الواصل بين المدينتين، مشيرا إلى انسحاب القوات الحكومية من مدينة حمص، الأمر الذي نفته وزارة الدفاع السورية.
في لقطات تم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي يمكن سماع دوي إطلاق النار في شمال مدينة حمص.
وفي حال سيطرت الفصائل على حمص تبقى فقط دمشق والساحل المتوسطي بيد قوات الأسد الذي تحكم عائلته البلاد منذ أكثر من خمسة عقود.
من جانبه، دعا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون، السبت، إلى “إجراء محادثات سياسية عاجلة في جنيف لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254”.
وشدد على “الحاجة الملحة إلى انتقال سياسي منظم” في سوريا، وذلك في تصريحات صحفية أدلى بها في العاصمة القطرية الدوحة، بعد اجتماعه مع وزراء خارجية إيران وروسيا وتركيا، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
وقال بيدرسون إن “الوزراء أبدوا دعمهم لهذه الدعوة، وأعرب عن الأمل في أن يتمكن من الإعلان عن موعد تلك المحادثات قريبا”.
وأعرب قرار مجلس الأمن رقم 2254 عن الدعم لعملية سياسية بقيادة سورية تيسرها الأمم المتحدة، وتقيم حكما ذا مصداقية يشمل الجميع، ولا يقوم على الطائفية، وتحدد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد.
المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا أشار في تصريحاته إلى أنه عقد أيضا مباحثات مع ممثلين من فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، وأنه يواصل مشاوراته المكثفة.
وأضاف أن “الحاجة للانتقال السياسي المنظم في سوريا لم تكن أكثر إلحاحا من الوقت الراهن، بدءا بوضع تدابير انتقالية جامعة وذات مصداقية”.
وتابع: “من أجل ذلك نحتاج إلى عملية عاجلة وجادة مختلفة جذريا عما حدث من قبل. ويجب أن يكون ذلك بداية لعملية تقود إلى تحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري واستعادة سيادة واستقلال ووحدة سوريا وسلامتها الإقليمية”.
وجدد بيدرسون دعوته إلى خفض التصعيد والهدوء وتجنب سفك الدماء وحماية المدنيين، بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني.
من جانبه، نفى المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا، آدم عبد المولى، صحة التقارير التي تحدثت عن إجلاء الأمم المتحدة لجميع موظفيها من البلاد.
وأكد عبد المولى أن الأمم المتحدة “لا تزال ثابتة في التزامها بالبقاء وتقديم المساعدات المنقذة للحياة للشعب السوري في هذا الوقت الحرج”، وفق المصدر نفسه.
وأضاف مستدركا: “لكن لضمان سلامة موظفينا واستمرار العمليات الأساسية، تعمل الأمم المتحدة على تقليص وجودها الاستراتيجي من خلال إعادة تموضع الموظفين غير الأساسيين خارج البلاد”.
وأوضح المنسق الأممي أن “هذا الإجراء احترازي لحماية فرقنا في ظل الظروف المتغيرة