بغداد ـ «القدس العربي»: في الوقت الذي يواصل فيه المسؤولون والسياسيون العراقيون، مباحثاتهم بشأن تطورات الملف السوري وانعكاساته على الداخل العراقي، مشددين على أهمية تشكيل حكومة انتقالية هناك، تمثّل جميع أطياف الشعب السوري، تشهد العاصمة بغداد ومدينة أربيل الكردستانية، حراكاً غربياً لوزراء خارجية أوروبيين، بهدف تنسيق المواقف لمواجهة تنامٍ محتمل لتنظيم «الدولة الإسلامية» فضلاً عن الملف السوري أيضاً.
خيارات العراق
وكيل وزارة الخارجية لشؤون التخطيط السياسي، السفير هشام العلوي، بحث أمس، مع عدد من الخبراء من الوزارات العراقية المختصة بالجوانب الأمنية والاستخبارية والعسكرية، إلى جانب ممثلي مراكز الدراسات وعدد من أساتذة الجامعات والأكاديميين، وموظفي الوزارة، خيارات العراق للتعامل مع الوضع الانتقالي في سوريا.
بيان للخارجية أفاد أن المسؤول الدبلوماسي العراقي «استعرض في الجلسة تطورات الأوضاع في سوريا منذ عام 2011، وما أعقب انهيار النظام السوري من تداعيات كبيرة ومعقدة على العراق، عبر سيناريوهات متعددة» مؤكداً «موقف الحكومة العراقية الداعم للشعب السوري» فيما شدد على أهمية «تشكيل حكومة انتقالية شاملة تمثل جميع أطياف الشعب السوري من مختلف القوميات والأديان والطوائف».
وحسب البيان، استعرض الخبراء في المجالات الأمنية والعسكرية والاستخبارية، عدداً من الرؤى والمشاهد المستقبلية للوضع السوري وانعكاساته المحتملة على الأمن القومي العراقي، كما قدّم الأكاديميون تحليلاتهم حول كيفية تعامل العراق مع الأزمة السورية، مسلطين الضوء على نتائجها السلبية والإيجابية.
في بغداد أيضاً، بحث رئيس مجلس النواب محمود المشهداني مع نائب الأمين العام لحزب «دعاة الإسلام – تنظيم العراق» خالد الأسدي، تطورات المشهد السياسي العربي ودور العراق في الوضع الراهن.
وأفاد مكتبه الإعلامي في بيان أن «اللقاء تناول المستجدات السياسية في الوطن العربي، مع التركيز على الأوضاع الراهنة في سوريا» فيما أكد المشهداني أهمية أن «يتخذ العراق موقفاً واضحاً وصريحاً من الأحداث الحالية في سوريا، بما يعكس مكانته الإقليمية وتأثيره في القضايا العربية».
في حين، شدد رئيس تحالف «قوى الدولة الوطنية» المنضوي في «الإطار التنسيقي» الشيعي، عمار الحكيم، أهمية منع التدخلات الخارجية في سوريا.
وذكر بيان لمكتبه أن الحكيم التقى أمس «السفير السعودي لدى العراق عبد العزيز الشمريّ، وتداولا وجهات النظر حول تطور العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبين الشقيقين، وشددا على تطويرها واستثمار المشتركات بين بغداد والرياض.
وزير الدفاع الهولندي يبحث في بغداد وأربيل التطورات في دمشق
وأشار إلى ضرورة «الوقوف عند تطور الأحداث في المنطقة ومنع ارتداداتها على دولها» مؤكداً أهمية «تمكين الشعب السوري من حكم نفسه بنفسه».
وشدد أيضاً على أهمية «منع التدخلات الخارجية واحترام خصوصيات الشعب السوري وتركيبته الاجتماعية».
وفيما اعتبر أن «العراق محصن اجتماعيا من أزمات المنطقة عطفا على استقراره السياسي والاجتماعي والأمني» دعا لـ«إدامة الجهوزية العالية الأمنية والعسكرية تحسبا لأي طارئ».
المباحثات العراقية بشأن الملف السوري لم تقف عند المستوى المحلّي، بل امتدت لتشمل دبلوماسيين إقليميين، إذ التقى رئيس تحالف «العزم» السنّي، مثنى السامرائي، مع السفير التركي في العراق أنيل بورا إينان، وناقشا التحولات الجارية في سوريا، وأهمية تحقيق الاستقرار فيها، لما له من انعكاس مباشر على استقرار المنطقة بأسرها.
المكتب الإعلامي للتحالف ذكر في بيان صحافي انه «جرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين العراق وتركيا وسبل تعزيز التعاون المشترك في مختلف المجالات، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين الجارين الصديقين، كما تناول اللقاء التطورات الإقليمية، وخصوصًا التحولات الجارية في سوريا، وأهمية تحقيق الاستقرار فيها لما له من انعكاس مباشر على استقرار المنطقة بأسرها».
وأكد السامرائي أهمية «تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين» مشيرًا إلى ضرورة «تعزيز الحوار والتنسيق حول القضايا الإقليمية، وعلى رأسها الأوضاع في سوريا، التي يتطلب استقرارها جهودًا مشتركة لضمان الأمن والتنمية في المنطقة».
من جانبه، أعرب السفير التركي عن «تقديره لجهود تحالف العزم ودعمه لتعزيز أطر التعاون بين العراق وتركيا» مشددًا على أهمية «التعاون الإقليمي لمواجهة التحديات وتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة».
يتزامن ذلك مع زيارة رسمية أجراها ووزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمانس، إلى العاصمة الاتحادية، التقى خلالها وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، الذي حثّ على وجوب «عدم إفساح المجال للإرهاب» لاستغلال الأحداث الجارية في سوريا.
تعزيز العلاقات الثنائية
المسؤولان ناقشا أيضاً، حسب بيان للخارجية، «تعزيز العلاقات الثنائية بين العراق وهولندا، خاصة في مجالات التعاون العسكري والاستخباري ضمن جهود مكافحة الإرهاب» كما تناول الجانبان «آخر التطورات الأمنية في المنطقة».
وخلال اللقاء استعرض حسين «الرؤية العراقية بشأن الوضع الراهن والتطورات في سوريا من الجوانب السياسية والأمنية» مشدداً على أهمية «استمرار التنسيق بين البلدين وتبادل الزيارات بهدف تبادل الخبرات وتعزيز التعاون المشترك».
وفي ختام اللقاء، شدد الطرفان على ضرورة «الدور الفاعل للمجتمع الدولي في دعم سوريا وشعبها، بعد المعاناة الكبيرة خلال السنوات الماضية». عقب ذلك، توجّه الوزير الهولندي إلى مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، إذ التقى هناك رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني، بحضور نائب رئيس الإقليم جعفر شيخ مصطفى، ووزير شؤون البيشمركة شورش اسماعيل، وعدد من المسؤولين من الجانبين.
وركّزت المباحثات على «العلاقات بين هولندا والعراق وإقليم كردستان، خاصة في مجال الدفاع والتدريب العسكري» حسب بيان لرئاسة الإقليم.
وشدد الجانبان على أهمية «استمرار التنسيق بين قوات البيشمركة والجيش العراقي والقوات الهولندية في إطار التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب» كما تم خلال اللقاء بحث «الوضع السياسي والأمني في العراق والمنطقة، ودور إقليم كردستان في تعزيز الاستقرار وجهود إصلاح وإعادة توحيد البيشمركة في إطار وزارة شؤون البيشمركة».
فيما أكد وزير الدفاع الهولندي التزام بلاده بـ«دعم أمن واستقرار إقليم كردستان والعراق بشكل عام» وأشار إلى أن «إقليم كردستان شريك أساسي في مكافحة الإرهاب وضمان الأمن الإقليمي».
واتفق الجانبان، حسب البيان، على ضرورة «مواصلة العمل معًا، وتبادلا وجهات النظر حول وضع الإيزيديين وعودتهم إلى وطنهم، وآخر التطورات في المنطقة وخاصة التغيرات في سوريا وتبعاتها والعديد من القضايا الأخرى ذات الاهتمام المشترك».