الوثيقة | مشاهدة الموضوع - رغبة ترامب في شراء جزيرة غرينلاند أو “ضمها” حلم أمريكي قديم ..ما علاقة الصين؟
تغيير حجم الخط     

رغبة ترامب في شراء جزيرة غرينلاند أو “ضمها” حلم أمريكي قديم ..ما علاقة الصين؟

القسم الاخباري

مشاركة » الجمعة يناير 10, 2025 4:57 am

3.jpg
 
لندن- “القدس العربي”:

في تطور ملفت، طرح الرئيس المنتخب للولايات المتحدة دونالد ترامب هذا الأسبوع إمكانية ضم بلاده للجزيرة العملاقة غرينلاند، الدنماركية المتمتعة بالحكم الذاتي. وأثيرت تساؤلات عما إذا كان الأمر يتعلق بنزوة سياسية من نزوات ترامب أم أن الدولة الأمريكية تفكر في السيطرة عليها بطريقة من الطرق كما فعلت في أكبر صفقة في القرن التاسع عشر بشراء ألاسكا من روسيا.

لا يمكن اعتبار ما طرحه ترامب بشراء غرينلاند نزوة من نزواته السياسية، بل يتعلق الأمر برؤية جيوسياسية للولايات المتحدة منذ القرن التاسع عشر

وقبل عودته الى البيت الأبيض في ظرف أقل من أسبوعين، أدلى ترامب بمجموعة من التصريحات المثيرة مثل تغيير اسم خليج المكسيك إلى الخليج الأمريكي ثم استعادة السيطرة على قناة بنما الاستراتيجية، وأخيرا إلحاق غرينلاند بالأراضي الأمريكية. وهذه التصريحات تبرز سياسة توسعية لواشنطن ومواجهة مع الحليف الرئيسي الذي هو الاتحاد الأوروبي.

ويبقى المثير أن هذا التهديد يعني تهديد عضو من الحلف الأطلسي لوحدة وسلامة أراضي عضو آخر في حين كان الاعتقاد أن التهديد قد يكون روسيا في الوقت الراهن، والصين مستقبلا.

في العمق، يبقى مقترح ترامب الذي استقبله البعض بنوع من السخرية هو إحياء لهدف جيوسياسي يعود الى النصف الثاني من القرن التاسع عشر عندما كانت الولايات المتحدة ترسم الخريطة المستقبلية للبلاد، وقررت استعمال شتى الوسائل لضم كل من ألاسكا وغرينلاند لتعزيز أمنها القومي.

وعمليا، نجحت سنة 1867 في شراء ألاسكا من روسيا ضمن الصفقات العقارية-السياسية الأكبر في التاريخ لأن روسيا فقدت عمقا استراتيجيا كان سيغير الكثير من مجريات التاريخ لو احتفظت به. وفي المقابل، فشلت واشنطن في الاستحواذ على غرينلاند حينئذ. وتوجد وثيقة في أرشيف الولايات المتحدة تعود الى سنة 1867 تقول حرفيا “يجب علينا شراء أيسلندا وغرينلاند، وخاصة الأخيرة. والأسباب سياسية وتجارية”. وتؤكد الوثيقة أن الموقع الهام للجزيرة وثرواتها الغنية ستعزز من زعامة الولايات المتحدة في العالم. وانتهت بموافقة الدنمارك بيع جزر العذراء الغربية في الكاريبي للولايات المتحدة سنة 1867، لكن الصفقة جرى التوقيع عليها سنة 1917 وأصبحت تسمى “جزر العذراء الأمريكية”.

عام 2018 بدأ القلق يخالج واشنطن وكوبنهاغن من طموحات الصين في الجزيرة وعينت إدارة واشنطن سفيرا متجولا في الدائرة القطبية ومنها غرينلاند تحسبا لمواجهة النفوذ الصيني

وإبان الحرب العالمية الثانية عندما سقطت الدنمارك تحت السيطرة الألمانية النازية، تولت الولايات المتحدة حماية الجزيرة الكبيرة وأنشأت قاعدتين عسكريتين فيها.

وفي أعقاب بداية اندلاع الحرب الباردة بين المعسكر الغربي بزعامة الولايات المتحدة في مواجهة الاتحاد السوفياتي، جاء في وثيقة رسمية أمريكية أبريل/ نيسان 1946 أن اجتماعا للجنة الاستراتيجية والتخطيط التابعة لهيئة الأركان المشتركة الأمريكية انتهى بإجماع شبه تام بين الأعضاء أنه يجب شراء الجزيرة من الدنمارك. مباشرة بعد هذا الاجتماع، طرح الرئيس الأمريكي هاري ترومان مبلغ 100 مليون دولار على الدنمارك لكي تبيعها. وقد رفضت الدنمارك العرض، ولكنها قدمت تسهيلات كبيرة للولايات المتحدة بإنشاء قواعد عسكرية في الجزيرة، ولقطع الطريق على واشنطن، منحت الدنمارك الجنسية لساكنة الجزيرة سنة 1953 حتى لا تعتبر مستعمرة.

ويبرز موقع التحاليل السياسية “أمريكان إنترست” أن الرئيس ترامب عالج ملف الجزيرة خلال سنة 2019 عندما أراد فتح مفاوضات مع الدنمارك وحكومة الحكم الذاتي في غرينلاند لكنها لم تتقدم.

ولا يمكن اعتبار ما طرحه ترامب بشراء غرينلاند نزوة من نزواته السياسية، بل يتعلق الأمر برؤية جيوسياسية للولايات المتحدة منذ القرن التاسع عشر، ويتجدد الاهتمام من عقد الى آخر. ويأتي اهتمام واشنطن بالجزيرة ضمن الاستعداد للحرب الباردة التي بدأت تتبلور وتتصاعد بين واشنطن والصين بشكل خاص.

وكانت “بي بي سي” قد نشرت يوم 20 ديسمبر 2018 القلق الكبير الذي يخالج واشنطن وكوبنهاغن من طموحات الصين في الجزيرة. ونشرت “بوليتيكو” يوم 22 أكتوبر 2022 كيف عينت إدارة واشنطن سفيرا متجولا في الدائرة القطبية ومنها غرينلاند تحسبا لمواجهة النفوذ الصيني.

وبدأت الصين بعض الاستثمارات في الجزيرة باتفاق مع حكومة الحكم الذاتي، وتضاعف قلق الغرب لأن الصين ترى في الجزيرة محطة رئيسية لما يعرف بـ “طريق الحرير القطبي”، وهو طريق الملاحة الذي يمر شمالا عبر روسيا نحو أوروبا والولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية لهيكلة التجارة العالمية خلال العقود المقبلة.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار