لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “التايمز” تقريرا أعدته جوسي إنسور، قالت فيه إن خطط الرئيس الأمريكي لتهجير الفلسطينيين من غزة، وضعت حلفاء أمريكا العرب في وضع لا يحتمل.
فعندما رفع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني هاتفه يوم السبت للرد على مكالمة من الرئيس دونالد ترامب، ربما غفر له اعتقاده أنها مجرد ثرثرة سريعة عن الأحداث في المنطقة. لكنه خرج من المكالمة في حالة من الذهول، حيث أخبره الرئيس الأمريكي بأنه يريد تطهير غزة من 1.5 مليون فلسطيني ونقلهم إلى الأردن ومصر.
وتعلق الصحيفة أن الفكرة طرحت من مستشاري ترامب الجمهوريين، بمن فيهم صهره جاريد كوشنر الذي تعامل مع أهمية غزة كموقع للتطوير العقاري. إلا أن ترامب يحاول على ما يبدو إقناع الملك الأردني والرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي بقيمة الخطة.
وفي الوقت الذي بدأت فيه إسرائيل حربها الانتقامية ضد حماس في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وصف الملك عبدالله فكرة انتقال المزيد من اللاجئين إلى الأردن بأنها “خط أحمر”. كما حذر السيسي من أي “نزوح قسري”، قائلا إنه قد يعرض معاهدة السلام التي وقّعتها مصر مع إسرائيل منذ أكثر من 40 عاما للخطر. ورفضت الدولتان فتح أبوابهما أمام اللاجئين بسبب الخوف، ليس فقط، من أن يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرارهما، ولكن أيضا من أن تؤدي الهجرة الجماعية القسرية إلى قتل أي احتمال لحل الدولتين.
ومع ذلك، فإن تحالف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل، يطالب منذ فترة طويلة بطرد الفلسطينيين من غزة، ليحل مكانهم المستوطنون.
وأفاد محلل للقناة 12 العبرية يوم الأحد، أن تعليقات ترامب لم تكن زلة لسان، بل كانت جزءا من تحرك أوسع بكثير مما بدا، بالتنسيق مع إسرائيل. ويعتقد أن نتنياهو كان يضغط باتجاه الفكرة هذه وبشكل خاص لعدة أشهر.
وبالنسبة للفلسطينيين، ستكون هناك أصداء لا مفر منها للنكبة والنزوح الجماعي للناس في عام 1948، حيث طرد أو فر أكثر من نصف سكان فلسطين العربية التاريخية البالغ عددهم نحو 1.5 مليون شخص، ولم يعودوا أبدا.
وحصل رحيل جماعي آخر للفلسطينيين أثناء وبعد الحرب العربية- الإسرائيلية عام 1967. ومع ذلك، بعد 15 شهرا من الحرب، سيستغرق إعادة إعمار غزة سنوات إن لم يكن عقودا، ولم يطرح أحد خطة لما يجب فعله بمئات الآلاف من سكان غزة المشردين في غضون ذلك.
وكانت العقبة الرئيسية أمام اليمين المتطرف في إسرائيل دائما هي الحلفاء العرب في المنطقة والعداء الواسع لإسرائيل ودعم القضية الفلسطينية. ومع ذلك، فقد أقام هؤلاء الحلفاء أيضا علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة، واستضافوا قواعد عسكرية أو تحالفوا ضد الإرهاب وإيران.
وعليه، فلا توجد خيارات جيدة أمام الدول العربية، فالولايات المتحدة هي ثالث أكبر شريك تجاري لمصر بعد الإمارات والصين. وينطبق الشيء نفسه على الأردن. وتعتمد السعودية، التي كانت ذات يوم أقوى حليف للفلسطينيين، بشكل أساسي على الأسلحة وأنظمة الدفاع المصنعة في الولايات المتحدة.
وسيتعين على الدول الثلاث أن تفكر في كيفية التعامل مع ترامب، الذي هدد بالفعل أقرب الشركاء التجاريين للولايات المتحدة بفرض تعريفات جمركية صارمة. والآن يواجه السيسي وعبد الله معضلة إما أن يدمرا نفسيهما، أو يدمرا الحلم الفلسطيني بتقرير المصير وإقامة الدولة.