الوثيقة | مشاهدة الموضوع - نيويورك تايمز”: الثورة السورية وضعت السيسي في موضع الدفاع عن النفس والخشية من انتشار عدواها
تغيير حجم الخط     

نيويورك تايمز”: الثورة السورية وضعت السيسي في موضع الدفاع عن النفس والخشية من انتشار عدواها

القسم الاخباري

مشاركة » الجمعة يناير 31, 2025 7:20 pm

8.jpg
 
لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرًا أعدته مراسلتها في القاهرة، فيفيان يي، قالت فيه إن مصر تخشى من انتشار عدوى الثورة السورية. فبعد فترة وجيزة من إطاحة المعارضة الإسلامية بالديكتاتور بشار الأسد، اكتسب وسم “جاك الدور يا دكتاتور” زخمًا كبيرًا على وسائل التواصل الاجتماعي المصرية.

وكانت الرسالة الموجهة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي واضحة لا لبس فيها، لكنه لم يكن بحاجة إلى التحذير. فمنذ الإطاحة بالأسد، الذي حكمت عائلته سوريا لفترة طويلة، في 8 كانون الأول/ديسمبر، راقبَ القادة المصريون الأحداث بالعاصمة السورية دمشق بحذر شديد، مع إدراك جيد بأن نيران الثورة قد تنتشر.

أي تلميح إلى أن المصريين قد يصابون بحماس الثورة السورية ينذر بالمتاعب، فالأمر قد لا يحتاج إلا القليل كي يفجر استياءهم على شكل احتجاج

وقد عاش البلدان فترات مضطربة، منذ الربيع العربي الذي اندلع في تونس نهاية عام 2010، وانتشر منها إلى كل أنحاء العالم العربي. وانتهت الثورة السورية بسقوط نظام الأسد، بعد 14 عامًا، أما الثورة المصرية فقد أطاحت بالحاكم الديكتاتوري الذي حكم مصر لثلاثة عقود وأدت لانتخاب أول رئيس إسلامي ديمقراطيًا وهو محمد مرسي. ولكن السيسي قاد انقلابًا عسكريًا، وأنهى، مع قادة دول الخليج، الذين يشاركونه في التفكير، أي فرصة أمام الجماعات الإسلامية للوصول إلى السلطة في المنطقة، كما فعلوا في سوريا.

وبعد أيام من سقوط الأسد وفراره إلى روسيا، اعتقلت قوات الأمن المصرية 30 لاجئًا سوريًا يعيشون في القاهرة لأنهم احتفلوا بطريقة عفوية بسقوط النظام السوري، وذلك حسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. وأصبح من الصعب على السوريين السفر إلى مصر في مرحلة ما بعد سقوط الأسد، وطلب من كل شخص الحصول على تصريح أمني أولًا.

ولكن الرئيس السيسي ألقى، وبطريقة غير عادية، سلسلة من الخطابات التي دافع فيها عن سجله. وبعد أسبوع من سقوط الأسد، قال، في واحد منها، إن يديه لم تتلطخا أبدًا بدم أحد، ولم “آخذ شيئًا ليس ملكًا لي”. وبمقارنته هذه كان يحاول رسم تباين بينه وبين الأسد، وتجاهل سجله في قمع الحريات وحقوق الإنسان، بما فيها مذبحة رابعة العدوية، التي قتلت فيها قوات الأمن والجيش 817 شخصًا على الأقل، كانوا يحتجون على استيلاء السيسي على السلطة في عام 2013.

ومنذ استيلاء المعارضة على السلطة في سوريا، اعتقلت مصر، أو بدأت بمحاكمة العديد من الأشخاص الذين اعتبرتهم معارضين سياسيين، بمن فيهم مدير منظمة حقوقية بارزة، وزوجة رسام كاريكاتير سياسي معتقل، ومستخدم تيك توك كان ينشر مقاطع فيديو تنتقد السيسي. مع أن السلطات المصرية تحتجز وتعتقل عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، كثير منهم من الإسلاميين.

وتقول ميريت مبروك، الخبيرة بمصر في معهد الشرق الأوسط في واشنطن: “2011 لا يبعد عنا سوى 14 عامًا”، في إشارة للثورة المصرية “وأعرف أن الأمور تتدحرج مثل كرة الثلج”.

وبعد سنين من البؤس الاقتصادي المتفاقم في مختلف أنحاء مصر، أصبح السيسي بالفعل في موقف ضعيف للغاية.

وأي تلميح إلى أن المصريين قد يصابون بحماس الثورة السورية ينذر بالمتاعب، ليس لأن المصريين يريدون ثورة مسلحة، كما تقول مبروك، ولكن لأن الأمر قد لا يحتاج إلا القليل كي يفجر استياءهم على شكل احتجاج.

وكانت المحاولة الأوضح للاستفادة من الثورة السورية هو أحمد المنصور، وهو مصري غادر البلاد للمشاركة مع المقاتلين السوريين قبل عدة سنوات.

ومع سقوط الأسد، كرر المنصور تعليقاته التي هاجم فيها السيسي عبر الإنترنت. وفي مقطع فيديو نشر على منصة إكس وحظي بمشاهدات واسعة وصلت إلى 1.5 مليون مرة: “أنت تساوي رصاصة واحدة”. وأدى التهديد إلى فورة غضب وهيجان من المعلقين التلفزيونيين الذين عادة ما يضخّمون مواقف الحكومة. ودعا المعلق أحمد موسى الدولة السورية الجديدة للتحرك، وحذر السلطات السورية بأنه يجب أن تخبرهم إن كانوا مع هذه التعليقات أم لا.

وبعد الحملة المصرية، في منتصف كانون الثاني/يناير، اعتقلت السلطة السورية الجديدة المنصور وعددًا من زملائه. واعتقل وهو في طريقه لمقابلة وزير الدفاع السوري الجديد، وذلك حسب الحركة المعادية للسيسي، والتي أنشأها المنصور. ولا يُعرف إن كانت السلطات السورية قد دفعت من أجل اعتقاله.

وحثت حركة المنصور السلطات السورية للإفراج عنه، وقالت إن الشعب المصري يمارس حقوقه في معارضة نظام السيسي، تمامًا كما فعل السوريون ضد الأسد. ولا يُعرف مكان وجوده، ولكن إسكات منصور الآن، لا يعني نهاية شكاوى المصريين. فقد زادت كراهيتهم للسيسي نتيجة سنوات من الأزمات الاقتصادية، وآخرها التي اشتعلت بسبب صدمة الحرب في غزة وأوكرانيا. ولكن مشاكل البلاد الاقتصادية متجذرة في سوء الإدارة الحكومية والنفقات الضخمة وعلى المشاريع الضخمة. ومع غرق مصر في الديون وخسارة الإيرادات، انهارت العملة المصرية، وأصبح من الصعب العثور على بعض السلع، وارتفع التضخم. وخنقت هذه المصاعب بلدًا يبلغ عدد سكانه حوالي 111 مليون نسمة، حيث يعيش ما يقرب من واحد من كل ثلاثة في مستوى الفقر، حسب الإحصائيات الرسمية.

وحاول السيسي حماية نفسه من النقد، حيث قال، في خطاب ألقاه قبل فترة، إن البلد كان يعاني من أزمة مالية عندما استولى على السلطة عام 2013، مضيفًا أن الزيادة المطردة في عدد سكان مصر جعلت من الأمور صعبة، وعقدت مهمة توفير احتياجاتهم الأساسية.

كل هذا، مع أن السيسي ظل يتفاخر، على مدى السنوات الماضية، بالازدهار الذي جلبه لمصر، وهو ما لم يحصل، حتى عندما افتتح العاصمة الإدارية الجديدة، وفي مركزها قصر الرئاسة اللامع.

وتقول مبروك من معهد الشرق الأوسط: “الناس ساخطون جدًا، ولهذا فهو يحاول تخفيف الأمور”.

حتى بعد إضعافه، يظل الإسلام السياسي هدفًا محببًا شعبيًا للسيسي وأنصاره، الذين يحذرون دائمًا من مخاطر الإسلاميين

وتقول الصحيفة إن الكثيرين رأوا في السيسي بطلًا لأنه أطاح بحكم جماعة “الإخوان المسلمين”، في أعقاب فوزها بالحكم بعد ثورة عام 2011، إلا أنه استمر في تنفير الناس منه. وأمضى السيسي السنوات التالية في القضاء على جماعة “الإخوان المسلمين” في مصر، حيث اعتبرها تهديدًا لحكمه.

وقامت السلطات المصرية بملاحقة الآلاف من أعضاء جماعة “الإخوان المسلمين” والمتعاطفين المشتبه بهم، ووصفتهم بالإرهابيين، في حين فرَّ آخرون من البلاد. وحتى بعد إضعافهم، يظل الإسلام السياسي هدفًا محببًا شعبيًا للسيسي وأنصاره، الذين يحذرون دائمًا من مخاطر الإسلاميين.

ولهذا لم يكن من المستغرب أن تظهر السلطات المصرية حذرًا من الحملة العسكرية السريعة التي قادتها المعارضة السورية بقيادة “هيئة تحرير الشام” وأطاحت بالأسد. وكانت “الهيئة” في الماضي جزءًا من تنظيم “القاعدة”، قبل أن تتبرأ من علاقاتها معها. وربما لم تكن مصر على علاقة قوية مع نظام الأسد أو تحبه، لكنها دعمت الاستقرار الهش الذي يمثله على الفوضى والصراع الذي يحيط بمصر في ليبيا والسودان وغزة. وعليه، فقد تعاملت مصر مع سوريا الجديدة بحذر شديد.

وخلافًا لبقية الدول العربية الأخرى، لم تعقد مصر حتى الآن اجتماعات رفيعة المستوى مع مسؤولين سوريين. ويقول دبلوماسيون في القاهرة إن المسؤولين المصريين حثوا الحكومات الأخرى سرًا على توخي الحذر من القيادة السورية الجديدة، وعدم رفع العقوبات المفروضة على البلاد بسرعة كبيرة. وتحدث هؤلاء الدبلوماسيون، بشرط عدم الكشف عن هوياتهم.

ودعا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الشركاء الإقليميين والدوليين إلى ضمان “عدم تحوّل سوريا إلى مصدر لعدم الاستقرار الإقليمي أو ملاذ للجماعات الإرهابية”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار