بيروت ـ خاص بـ”راي اليوم” نور علي:
روسيا تقبل دور الوسيط بين الولايات المتحدة وايران هذا التطور يعتبر الأول من نوعه في تاريخ العلاقات الروسية الامريكية وفي مسار التوتر الطويل بين الولايات المتحدة وايران، وهي فكرة خارج الصندوق ابتدعها دونالد ترامب كمدخل للتفاوض مع طهران بعد تهديدها بعقوبات قاسية سبق ان جربها ترامب في ولايته السابقة ولم تنفع في جر الإيرانيين الى التفاوض، ولم ترن سماعة الهاتف في البيت الأبيض كما كان يتوقع ترامب من نظيره الإيراني ان ذاك حسن روحاني.
وكان لافتا وجديدا ما نقلته وكالة “بلومبرغ” الإخبارية عن مصادر مطلعة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استجاب لطلب من نظيره الأميركي دونالد ترامب بالموافقة على التوسط للتفاوض بشأن البرنامج النووي الإيراني، وملف دعم طهران للجماعات الوكيلة لها في المنطقة حسب الوكالة .
ad
وأفادت الوكالة أن ترامب طلب خلال اتصال هاتفي جرى في 12 من شباط فبراير الماضي مع بوتين أن تلعب روسيا دور الوسيط في المفاوضات مع إيران.كما أكد كبار مسؤولي إدارة ترامب، خلال لقاء مع نظرائهم الروس في الرياض مرة أخرى، على هذا الموضوع.
ولم تستغرب طهران هذه الاخبار، لان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف عندما زارها مؤخرا حمل رسالة الى الجانب الإيراني بهذا الخصوص .
لا ترغب ايران رسميا في الخوض في هذا المجال وتجنب المسؤولون في ايران التعليق حتى الان، وتعتبر طهران ان التفاوض يجب ان يكون نديا ولا يسبقه أي تهديد بفرض عقوبات او ابتزاز يحمل ايحاء الاخضاع، وهذا ما عبر عنه المرشد الإيراني السيد علي خامنئي في السابع من فبراير شباط بقوله
ad
“بعض الأشخاص يوحون بأنه إذا جلسنا إلى طاولة المفاوضات ستحل المشكلة الفلانية، لكن الحقيقة التي يجب أن نفهمها جيدًا هي أن التفاوض مع أمريكا ليس له أي تأثير في حل مشكلات البلاد”.
ورأى الخامنئي أن تجربة المفاوضات مع أمريكا وعدد من الدول الأخرى في العقد المنصرم، والتي أدت إلى إبرام الاتفاق النووي الذي استمر قرابة السنتين، دليلاً على عدم جدوى التفاوض مع أمريكا، وأضاف: «حكومتنا في ذلك الوقت جلست معهم، وأجرت الزيارات والمفاوضات، وضحكوا، وتصافحوا، وتصادقوا وفعلوا كل شيء، وتم إبرام اتفاق منح فيه الطرف الإيراني تنازلات كثيرة، وبسخاء كبير، للطرف المقابل، لكن الأمريكيين لم ينفذوا ذلك الاتفاق “
وتشهد اروقة السياسة والقرار في ايران جدلا ونقاشا حول هذه الخطوة ومداها، والمصلحة الإيرانية فيها، لكن في المحصلة قد تجد طهران روسيا والرئيس بوتين وسطيا مثاليا قادرا على حمل مطالب وهواجس ايران الى الجانب الأمريكي بشكل ممتاز، ومن غير المتوقع ان تتجاهل طهران هذه الوساطة، خاصة ان روسيا أصبحت شريكا استراتيجيا لإيران وحليفا موثوقا بالنسبة لها في المنطقة .
المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف علق امس الثلاثاء على الوساطة وقال إن روسيا مستعدة لدعم جهود التوصل إلى حل سلمي “للمشكلة النووية” الإيرانية .
وفي غضون ذلك، قال يوري أوشاكوف مستشار بوتين للسياسة الخارجية، إن المحادثات الروسية الأميركية في العاصمة السعودية الرياض تناولت الوضع في إيران.وأضاف أن الجانبين اتفقا على إجراء محادثات منفصلة بشأن هذه القضية. هذه التصريحات تعكس مدى جدية الطرح، وقرب اطلاق هذا المسار الذي يمكن ان يحدث تحولا في التفاوض بين واشنطن وطهران، نظرا لأهمية روسيا الان بالنسبة للطرفين .
يظل السؤال الأهم في هذا التطور هو : لماذا انتقى دونالد ترامب روسيا لتكون وسيطا مع ايران وليس أيا من الدول الأوروبية شركاء واشنطن التقليديين، او الدول الخليجية التي عادة ما تكون قناة اتصال فعالة بين الطرفين، كالدور الذي لعبته سلطنة عمان في ابرام اتفاقية العمل الشاملة المشتركة بعد مفاوضات شاقة وسرية بين ايران وواشنطن . الجواب الأقرب عن هذا السؤال يمكن أولا : في نهج ترامب الذي يحاول كسر التقاليد النمطية في العلاقات الدولية، ثانيا المدى والأفكار الجديدة والتي قد تكون خارج المتوقع من حيث الموضوعات والملفات التي ينوي دونالد ترامب طرحها على الإيرانيين .
ولا شك ان هذا سيكون اختبار لروسيا سينعكس على علاقاتها الاستراتيجية بايران والولايات المتحدة على حد سواء، ويظهر مدى التعاون المستقبلي بين واشنطن وموسكو، الذي سيحاول ترامب صرفه في ام المعارك التنافسية مع الصين في شرق اسيا، بينما سيعني لبوتين صفحة جديدة في نمط الحلول المطروحة لحربه في أوكرانيا، وعلاقته مع الدول الأوروبية، ووزنه الطموح في منطقة الشرق الأوسط .