الوثيقة | مشاهدة الموضوع - ترامب يتصور عالما يقوم على ثلاث قوى مهيمنة: أمريكا وروسيا والصين وعلى الباقين الدفاع عن أنفسهم
تغيير حجم الخط     

ترامب يتصور عالما يقوم على ثلاث قوى مهيمنة: أمريكا وروسيا والصين وعلى الباقين الدفاع عن أنفسهم

القسم الاخباري

مشاركة » الأربعاء مارس 12, 2025 1:37 pm

4.jpg
 
لندن- “القدس العربي”:

قال المعلق في صحيفة “واشنطن بوست” ديفيد إغناطيوس إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يبدو أنه يتصور نظاما لتوازن القوى يقوم على ثلاثة أقطاب: الولايات المتحدة روسيا والصين. وهو نظام عالمي جديد يتسيده الأقوياء وتصنع فيه القوة الحق.

وأضاف أن فكرة الخصوصية الأمريكية عادة ما عبّر عنها من خلال القول: “المدينة المشعة فوق التلة”، مع أن الكثيرين ينسون السياق الذي استخدمه جون وينثروب عندما خاطب الحجاج على سفينته عام 1630 قبل بدء رحلتهم إلى العالم الجديد، حيث قال: “يجب أن نكون مثل المدينة على التلة تتركز عيون كل الناس علينا”.

ويعلق إغناطيوس أن كل عيون العالم متركزة بالتأكيد على أمريكا اليوم، مع أن الكثير من المراقبين الأجانب باتوا يعتقدون أن المدينة التي كانت مشعة يوما ما ستصبح مظلمة. وهم يراقبون الطريقة التي يقوم بها الرئيس ترامب بتغيير سياسة أمريكا الخارجية وصورتها في العالم. وبدلا من عولمة عاطفة ومحترمة نوعا ما، يحتفل ترامب بقيم رجل العقارات المعاملاتية الضيقة. وهو يتصرف وكأن السخاء من عمل الحمقى. ففي عالمه، الدول القوية هي التي تهيمن في النهاية والقوة دائما على صواب.

وهنا السؤال الكبير: فبينما يعمل ترامب بمعول الهدم ضد النسخة القديمة من السياسة الخارجية الأمريكية، فما الذي يريد أن يبنيه مكانها؟ والجواب هو أن مسيرته تظهر أدلة قليلة بأن لديه تفكيرا إستراتيجيا، فقد كان مخربا وصانع صفقات وليس بانيا. واتسمت ولايته الأولى بالتغييرات المستمرة في الفريق العامل معه والسياسات وبإنجازات أقل.

وقال إغناطيوس إن أقرب تقييم لـ”رؤية” ترامب الإستراتيجية، جاءت من مدير المخابرات البريطانية السابق (أم أي6) أليكس يونغر، الذي أخبر برنامج “نيوز نايت” في بي بي سي 2 خلال مقابلة معه في 21 شباط/ فبراير قال فيها: “نحن في عصر جديد، لن يتم تحديد العلاقات الدولية من خلال القواعد والمؤسسات المتعدد، بل سيحددها الرجال الأقوياء والصفقات”.

وقارن يونغر سياسة لي الذراع التي يستخدمها ترامب بمؤتمر يالطة في عام 1945، حيث حدد قادة ثلاث دول قوية: فرانكلين دي روزفلت وجوزيف ستالين ووينستون تشرتشل، مصير القارة الأوروبية بدون أي اعتبار لرغبات الدول الصغرى. وقال: “هذا هو العالم الذي نسير إليه ولعدة أسباب، ولا أعتقد أننا سنعود إلى السابق”.

وأوضح مثال على عقلية يالطة الجديدة، هي الطريقة التي أدار فيها ترامب المفاوضات لإنهاء حرب أوكرانيا، حيث أجبر رئيس أوكرانيا الضعيف، فولوديمير زيلينسكي على قبول صفقة لا تراعي مصلحته، بل مصلحة الطرفين القويين وهما أمريكا وروسيا، بذريعة أن أوكرانيا لا تملك الأوراق. ثم أضاف ترامب الصين التي قال إنها تستطيع المساعدة في وقف الحرب.

ويبدو أن ترامب يتصور توازنا جديدا للقوى بين ثلاثة أقطاب: الولايات المتحدة وروسيا والصين، اللتين يعتبر قادتهما متوافقين معه. أما بقية العالم ومنهم أقدم حلفاء الولايات المتحدة، فعليهم الدفاع عن أنفسهم. وقد تداول العالم رد فعل السناتور الفرنسي الغاضب على خطاب الرئيس ترامب الأسبوع الماضي، وقال كلود مالوريه: “رسالة ترامب هي أن التحالف معه لا طائل منه، لأنه لن يدافع عنكم وسيفرض عليكم رسوما جمركية أكثر مما يفرض على أعدائه وسيهدد بالاستيلاء على أراضيكم، بينما يدعم الديكتاتوريين الذين يغزونكم”.

ومع أن العالم لا يصوت على سياسات أمريكا، لكن لديه مواقف وآراء منها. فقد أظهر استطلاع أوروبي نشرت نتائجه هذا الشهر، كشف أن الدعم للولايات المتحدة انخفض في بريطانيا وفرنسا والدنمارك وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والسويد، حيث تراجع إلى نسبة 20% في بعض هذه الدول. وفي كندا هناك 1 من 3 كنديين يحملون مواقف إيجابية من أمريكا. وفي كانون الأول/ ديسمبر، وجدت دراسة مسحية إن نسبة 63% من اليابانيين يشعرون بالقلق من ولاية ترامب الثانية.

وما أدهش العالم هي السرعة التي عكس فيها ترامب موقف أمريكا في العالم. وأعلن ماركو روبيو، وزير الخارجية يوم الإثنين، أنه قطع نسبة 83% من برامج المساعدات الأمريكية الأجنبية. وقطع ترامب الدعم العسكري والأمني عن أوكرانيا حتى يجبرها على دعم خطته لوقف الحرب. وهو ما وافقت عليه في لقاء عقد بجدة السعودية. كما فكك ترامب المعارضة لروسيا بسرعة جعلت المتحدث باسم الكرملين يقول متعجبا: “تغيير الإدارة الجديدة وبشكل سريع كل المسار في سياستها الخارجية وهو ما يتماشى مع رؤيتنا”.

ويعلق إغناطيوس أن ترامب ربما ارتكب خطأ فادحا باحتقاره أوروبا، التي يبدو أنها بدأت تستعيد صوتها بعد عقود من اتباع واشنطن السلبي. ونقل الكاتب ما قاله قادة أوروبيون له وقلقهم الشديد من روسيا التوسعية لدرجة استعدادهم لاتخاذ موقف حازم في أوكرانيا وإرسال قوات إلى هناك لردع أي عدوان إضافي بعد وقف إطلاق النار. وعبّر الروس عن غضبهم من أي قوة أوروبية في أوكرانيا، إلا أن دول القارة متمسكة بموقفها، والسؤال هل سيصطف ترامب مع فلاديمير بوتين ضد حلفائه الأقرب؟ يشك الكاتب بحدوث هذا.

ويعتقد الكاتب أن استراتيجة ترامب الاقتصادية أكثر وضوحا من سياسته الخارجية، ولكنها لا تقل زعزعة للاستقرار. ويقترح ترامب إعادة فرض الحواجز الجمركية التي أُقيمت في أواخر القرن التاسع عشر، عندما كانت الولايات المتحدة تسعى إلى بناء صناعاتها التحويلية في مواجهة المنافسة الأوروبية.

ومن الناحية النظرية، من شأن إعادة فرض حواجز جمركية مماثلة أن ترفع أسعار الواردات بشكل كبير، ما سيدفع المستثمرين إلى الاندفاع لبناء مصانع جديدة، وإطلاق “العصر الذهبي الأمريكي” الذي ينادي به ترامب. لكن هذه العملية “فترة الانتقال”، كما وصفها ترامب، قد تستغرق عدة سنوات على الأرجح.

وفي الواقع، لم تكن هذه الاستراتيجية القائمة على التعريفات الجمركية مناسبةً لاقتصاد العصر الذهبي المعولم، ناهيك عن أمريكا في القرن الحادي والعشرين. حتى الرئيس ويليام ماكينلي، بطل التعريفات الجمركية المرتفعة، أدرك أن “الحواجز التجارية المفرطة ستعيق التنمية وتحد من إمكانات نمو البلاد”، كما كتب كاتب سيرته الذاتية روبرت دبليو ميري. وبحلول نهاية رئاسته عام 1901، كان ماكينلي: “يشهد بوضوح بزوغ عصر جديد تلعب فيه أمريكا دورا كبيرا في التجارة العالمية”.

ويرى العديد من الاقتصاديين أن رؤية ترامب غير معقولة. ولو تخيلنا أن جدران التعريفات الجمركية التي يفرضها ترامب نجحت في سحب الولايات المتحدة من النظام التجاري الدولي القائم، فكيف سيكون رد فعل بقية العالم؟

في البداية، ستفرض دول أخرى تعريفاتها الجمركية الخاصة، كما تفعل كندا والمكسيك والصين. ولكن بمرور الوقت، من المرجح أن تشكل هذه الدول تحالفات تجارية، تعقد فيها أوروبا ودول الجنوب العالمي صفقات تجارية مع الصين المهيمنة بشكل متزايد وتتجنب أمريكا القلعة أو المتمترسة.

وفي هذا الأسبوع، جادل لورنس أتش سمرز، أستاذ جامعة هارفارد وأحد الاقتصاديين الأكثر تأثيرا على مستوى العالم، بأن استراتيجية ترامب بفرض التعريفات الجمركية غير مجدية. وكتب على منصة إكس قائلا: “نحن نواجه أسوأ ما في العالمين، مخاوف بشأن التضخم والانكماش الاقتصادي والمزيد من عدم اليقين بشأن المستقبل، وهذا يبطئ كل شيء”.
العناوين الاكثر قراءة









 

العودة إلى الاخبار